بدأت أجراس 2012 تدق وبدأت معها التحركات وتنوع الخطابات السياسية وهذا أول خطاب نضالي يلقيه الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم، وهو في حقيقة الأمر هو خطاب سياسي أطلق بلخادم من خلاله "فلاشات" للأحزاب السياسية التي تتهم الحزب بالدكتاتورية وأنه يقف ضد التعددية، ليؤكد لهم من خلال هذا الخطاب ان حزب جبهة التحرير الوطني باق وهو ك "التنين" إن حاول أحد أن يقطع رأسه تتصدى له باقي الرؤوس. إن عودة جبهة القوى الاشتراكية وبعض الأحزاب الأخرى، يؤكد لما يخطط له قادة هذه الأحزاب التي رسمت خارطتها السياسية على مدى بعيد وهو التحضير لانتخابات 2014، في الوقت الذي تشهد فيه الأحزاب القوية وفي مقدمتها حزب جبهة التحرير الوطني بعض الاضطرابات، للبحث عن معاوية جديد يعيد ترتيب البيت في إطار خطة جديدة تكون القاعدة النضالية مطلعة عليها من أحل اتخاذ قرار جماعي سليم يقي الجبهة من كل عواصف الشتاء وما تجرفه وراءها من أمطار وفيضانات، والخروج من نفق اللااستقرار والحصار ليس من طرف الجناح التقويمي فحسب، بل من الأحزاب الأخرى التي تسعى إلى تحميل جبهة التحريرمسؤولية الوضع الداخلي للبلاد. المؤشرات تؤكد أن الجزائر ستعرف أزمة سياسية جديدة تختلف عما عرفته في العشرية الماضية، وقد بدأت بوادر هذه الأزمة من خلال اختلاف الأطراف الفاعلة على القوانين الجديدة التي صادق عليها البرلمان، وكان آخرها المصادقة على قانون الإعلام الجديد الذي طبع المشهد الإعلامي بحركية غير عادية واعتصام الصحافيين أمام قبة البرلمان، وفي خضم هذه لتغيرات كان الحزب العتيد، الحزب الوحيد الذي جدد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة، وهو قرار لم يعجب البعض، كون هذه الدعوة لم تكن موضع اتفاق التحالف الرئاسي الذي يعرف هو الآخر تذبذبا بعد انسحاب حركة مجتمع السلم، وهو ما يؤكد أن الطامعين في كرسي المرادية كثيرون، واحتجوا بأن الحديث في الانتخابات الرئاسية سابق لأوانه. وإن كان بعض من القواعد النضالية للحزب العتيد من يتبنى خيارا آخر، والعملية حسبهم تدخل في إطار التكتيك لاختيار رئيس 2014. ومن جهة أخرى، فإن الحديث عن الانتخابات الرئاسية سبق الحديث عن التشريعيات التي لا أحد تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود فيها. الصراع كما يبدو خفي والتحركات تتم في الكواليس، خاصة على مستوى القيادة السياسية لجبهة التحرير، فالتخوف كما يبدو كبير جدا ليس من التقويميين، بل من العودة القوية للبنفليسيين الذين بدأت رموزهم تظهر في الساحة بعد غياب ما يقارب سبع (07) سنوات، وذلك من خلال الخرجة التي قام بها أنصار بن فليس عندما حضر رئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق، كريم يونس، الرجل المعروف في الجناح البنفليسي لتوقيع كتابه الجديد تحت عنوان "من نوميديا إلى الجزائر" بعاصمة الشرق قسنطينة، حضره جمع غفير من المناضلين في حزب جبهة التحرير الوطني، يتقدمهم محمد بن فليس شقيق المترشح لرئاسيات 2004 علي بن فليس، ومدير حملته المحامي محمد بن هدام. وقد استوقفنا سؤال وجهناه إلى أحد هذه الرموز: "هل أنتم تمثلون التقويمية؟"، وكان رد محدثنا: "نحن لا نمثّل لا بلخادم ولا التقويمية وعلى المناضلين المخلصين الإنضمام إلينا"، ومن هنا بدأت الأمور تتضح بأن حزب جبهة التحرير الوطني يمر فعلا بأزمة، لأنه منقسم إلى أربعة أجنحة (عبد العزيز بلخادم، صالح قوجيل، أنصار بن فليس، وحركة الصحوة التي يقودها جمال سعدي)، ولو أن هذه الأخيرة لا تشكل خطرا بقدر ما تشكله الأسماء الثلاثة الأولى. الجميع يراهن على أن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم يتلقى ضمانات من أشخاص لها وزن وقد أعطته الضوء الأخضر للمضي قدما والا يضيع وقته وراء من يسمون ب "الأرانب"، سواء الذين اعتمدتهم الداخلية أو الذين ينتظرون، وهو ما أكده عبد العزيز بلخادم في خطابه الأخير خلال انعقاد دورة اللجنة المركزية يوم 16 ديسمبر 2011 بتعاونية عمال البناء بزرالدة، بأن جبهة التحرير باقية، وستظل القوة السياسية الأولى في البلاد. وعبّر بلخادم في خطابه عن ارتياح حزبه الكبير وهو يخوض الإصلاحات السياسية وإحالة قوانينها على البرلمان لمواكبة التحولات القائمة في البلاد، وهو مطمئن عليه، لأنه حامل لرسالة نوفمبر المجيدة، ويتحمّل مسؤولية تاريخية في مواصلة الدفاع عن الهوية الوطنية بمرتكزاتها الثلاثة (الإسلام، العربية والأمازيغية)، وربما اراد عبد العزيز بلخادم بهذا الخطاب القول إن حزب جبهة التحرير الوطني مثل "التنين" المتعدد الرؤوس، إذا فكر أحد أن يقطع رأسه تتصدى له باقي الرؤوس، وأن الجميع مطالب بالدخول بيت الطاعة والاحتماء داخل برنوسه. ربط أطروحته بما حدث إبان التسعينيات بلخادم يتوقّع حجز التيار الإسلامي نسبة 35 إلى 40 بالمائة من مقاعد البرلمان القادم توقع الأمين العام لحزب جبهة التحير الوطني، عبد العزيز بلخادم، حصول التيار الإسلامي في الانتخابات التشريعية القادمة على نسبة تتراوح بين 35 و40 في المائة من مقاعد البرلمان الجزائري. وقال بلخادم خلال تنشيطه لندوة صحفية، أمس الاثنين، إن التيار الإسلامي في الجزائر "لا يمكن أن يحقق فوزا ساحقا" خلال هذه الانتخابات ويحصل على الأغلبية لعدة عوامل منها أن الشعب "قد منح أصواته لهذا التيار في بداية التسعينيات الماضية، إلى جانب مشاركته في الحكم في الجزائر". وأضاف ذات المسؤول ان التكهنات التي ترى بأن التيار الإسلامي سيحقق فوزا ساحقا خلال هذا الانتخابات هي تكهنات "سابقة لأوانها ولا تستند الى معطيات واقعية" مرحبا بهذا التيار في حالة فوزه بالأغلبية. وفي هذا الصدد، أشار الى وجود توقعات بتحقيق التيار الإسلامي النسبة المذكورة في مختلف الدول الإسلامية، وهذا ما بدأ يتجسد كما قال في عدة دول إسلامية في المدة الأخيرة. وبشأن وجود العديد من التائبين ومناضلي الحزب المحل في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني اوضح بلخادم ان مناضلي هذا الحزب موجودون حاليا في كل الاحزاب السياسية وان هذه الظاهرة "لا تنطبق على حزب جبهة التحرير الوطني وحده".