في حوار قصير تميز بالشفافية والموضوعية، طرحت خلاله مجموعة من الأسئلة، تعكس بعض القضايا التي تتعلق بالثقافة السودانية، باعتبارها العمود الفقري للعمل الاجتماعي العام والاتجاه السياسي، وأولويات أجندة المجتمع والدولة السودانية في تفعيل الإنتاج الإبداعي في كل المجالات. ضيفتنا في هذا اللقاء وزيرة الثقافة والإعلام بولاية سنار بجمهورية السودان 'بثينة خليفة جودة'، التي أكدت أن الاستراتيجية القومية في السودان مبنية على إحداث ثورة ثقافية شاملة تحقق التغيير المرجو وتمنحه غاياته ومقاصده إلى كل أطياف المجتمع وبنياته، من خلال تأصيل الحياة الثقافية على دعائم المقومات الحضارية والثقافية الأصيلة للشعب السوداني، وتجديد الثقافة السودانية في كل جوانبها الفكرية والسلوكية الإبداعية والأدائية. "الأمة العربية": بداية معالي الوزيرة، ماهي قراءاتكم لوضع السودان بعد انفصاله، وما مدى تأثيراته على القطاع الثقافي في ظل التكلف المصنوع للترضية السياسية؟ وزيرة الثقافة والإعلام بولاية سنار 'بثينة خليفة جودة': أنا لا أعتقد أن الخارطة الجديدة للسودان وبعد إنفصال جنوبها لها تأثيرات على القطاع الثقافي، لأن أصل الثقافة لاتعرف الحدود، سواء السياسية، الجغرافية أو غيرها، فالثقافة هي جسر للتواصل، المحبة وللسلام، وطبعا ما حدث بالسودان لايؤثر على العلاقات المتينة بين السودانيين بالشمال وبالجنوب، لأنه هناك تواصل وفي كل ولاية نجد خليط من الجنسيات والأصول والقبائل الإثنية. ماهي استراتيجيتكم لإذكاء روح التوافق في الثراء الثقافي ودرء غيظ المتربصين بجعل السودان كياناً اجتماعياً ممزقاً وخراباً ثقافياً؟ الثقافة في السودان ليست كما تتصورونها فهي ليست مهمشة، فلدينا وزارة اتحادية، ووزارات على مستوى 15 ولاية، إضافة إلى إدارات على مستوى محليات السودان تسعى لتطبيق الاستراتيجية القومية للدولة، التي تولي أهمية للثقافة باعتبارها تحتل المرتبة الثالثة بعد قطاعي الصحة و التعليم. وبالنسبة لعام 2012، فسيكون العمل منصبا على إحياء النشاط الثقافي تحت شعار 'الثقافة تقود الحياة'، من خلال تأصيل الحياة الثقافية على دعائم المقومات الحضارية والثقافية الأصيلة للشعب السوداني، وتجديد الثقافة السودانية في كل جوانبها الفكرية والسلوكية الإبداعية والأدائية، وهذا بهدف تهيئة المناخ الذي يمكن المثقف من تقديم إنتاجه الإبداعي في كافة المجالات؛ وعلى هذا الأساس ستركز هذه السنة على تفعيل الحركة السينمائية، فالثقافة هي الأساس في بناء المجتمعات، والإنسان لما يتشبع بمختلف الثقافات سيترجمها إلى أعمال في كافة مناحي الحياة الاقتصادية، السياسية وأخرى. كم بلغت الميزانية المخصصة لقطاع الثقافة هذه السنة؟ نحن في بداية العام، ولاأستطيع أن أحدد لك، لأنها قيد الدراسة في المجلس الوطني مرورا بالمجالس الولائية والمحلية التشريعية، وعموما ميزانية الثقافة لاتقل عن ميزانيات الوزارات الأخرى، لأنها تحتاج لبنى ثقافية وإمكانيات متطورة من أجهزة ومعدات لاسيما مع ارتباطها بقطاعي الإعلام والسياحة. كيف تقيمون التبادل الثقافي بين بلدينا؟ الثقافة هي لغة الشعوب، فأنا إذا أحببت التعبير عن نفسي أو مكنوناتي، فطبعا التعبير سيكون عبر الثقافة فهي أسهل لغة للتواصل بيننا وبين الشعوب الأخرى، خاصة مع الشعب الجزائري الذي نكن له كل الاحترام والتقدير، وأنا أعتقد أن التبادل الثقافي مع الجزائر تجربة مفيدة جدا. جئتم مؤخرا في إطار الجزائر عاصمة للثقافة الإسلامية، كيف وجدتم التظاهرة ؟ أنا أظن أن تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية تجربة ممتازة، وفرصة كبيرة لتشييد الفضاءات الثقافية وإعادة تأهيل ما كان موجودا وبناء مرافق هامة لاستقبال الضيوف وترميم المعالم التاريخية ونفض الغبار عنها، كما يعد فرصة ثمينة لإعادة بعث الإبداع الفني الثقافي عند المبدعين داخل وخارج الأوطان، إضافة إلى الإطار المؤسساتي المتين الذي شمل اللجنة الوطنية العليا، واللجان التنفيذية المحلية المكلفة بالمرافق وبالبرنامج الثقافي، وكل هذه الأمور أغنت الساحة الثقافية الجزائرية، ونحن شاهدون على ذلك وسنمشي على خطاكم لإستقبال سنار عاصمة للثقافة الإسلامية في سنة 2017. ماهي أفاق وزارتكم المستقبلية لتفعيل دور الثقافة في أوساط المجتمع بكل أطيافه؟ نحن نريد أن ننفض الغبار عن الإرث الضخم للدولة الإسلامية 'سنار' من خلال تأهيل المتاحف والمسارح وغيرها من المنشأت الثقافية، إضافة إلى اجراء عمليات تنقيب عن الأثار الموجودة في باطن الأرض، والعمل على إستعادة الأثار الموجودة لدى الهيئة القومية للأثار والمتاحف السودانية والمقدرة ب400 قطعة أثرية تابعة للملكة السنارية حتى تكون جاهزة لإحتضان تظاهرة سنار. في الختام، ماهي كلمتكم لقراء "الأمة العربية"؟ نحن نتمنى ل"الأمة العربية" أن ترجع إلى سابق عهدها الزاهر، وكل الدول العربية مدعوة للتكتل وتوحيد الصفوف لمجابهة الخطط الإمبريالية، ورفع الغبن عن شعبنا الفلسطيني، الذي مازال يرزخ تحت ويلات المحتل الاستيطاني الصهيوني.