بمجرد أن يبدأ الفجر في البزوغ ترى مئات الأشخاص يخرجون من منازلهم متجهين إلى الأسواق خاصة سوق الجملة للخضر والفواكه كلهم أمل في حمل أكبر قدر ممكن من الصناديق. والشيء الملفت للانتباه على الأطفال الذين قست عليهم الظروف الاجتماعية وتجبرهم على ولوج عالم الشغل لمساعدة عائلاتهم الفقيرة من خلال اقتحامهم الحمالة التي أنهكت أجسادهم الغضة وقضت على أحلامهم تراهم يتحملون مسؤوليات أكبر من سنهم بكثير بعدما دفعهم الحرمان إلى قتحام عالم الشغل في سن مبكرة جدا من أجل جني مبالغ مالية من شأنها أن تخفف الأعباء عن أوليائهم. هي حقيقة مرة تؤكد أن الوضع الذي آل إليه هذا الأخير لا يحسد عليه بفعل البطالة التي تسببت في تردي القدرة الشرائية للمواطن وتراجع مستواه المعيشي والذي أجبر العديد من الأشخاص سواء الأطفال الذين لم يتذوقوا نكهة اللعب أو الشباب الذين تركوا مقاعد الدراسة من أجل البحث عن لقمة العيش وحتى الأولياء الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن تحمل مسؤولية عائلاتهم في ظل البطالة التي تحاصرهم من شتى الجوانب والتي كانت عاملا في سعيهم وراء أي عمل يتقاضون عليه أجرا، فلقد اتخذ العديد من البطالين من مراكز البريد ومصالح الحالات المدنية والأزقة المحاذية للبلديات موقعا لاستقبال مئات المواطنين الراغبين في ملء الصكوك البريدية مقابل تاقضي مبلغ 30 دينار أو 50 دينار عن كل شخص حسب المبلغ المالي الذي يريد استخراجه وهو الأمر الذي أثار استياء الأشخاص الأميين وكبار السن الذين يتوجهون إلى هذه المراكز من أجل الحصول على منحة التقاعد إذ اعتبرو ذلك ابتزازا لهم ناهيك عما تشهده الأرصفة المحاذية للبلديات بوهران حيث تجد عشرات البطالين يتجمعون يوميا أمام مقراتها حاملين بطاقات تعريفهم وأقلامهم إذ يعملون على ملء الاستمارات والتصرحيات الخاصة بعدم الشغل والعزوبية أو العوز وغيرها من الوثائق التي يحتاجها المواطن مقابل مبلغ مالي يقدر ب 50 دينار لملء الوثيقة فضلا عن تطوعهم للشهادة مع أي شخص يرغب في ذلك مقابل 150 دينار مهما كان نوع الشهاد،ة بحيث لا يحاولون معرفة الشخص أو ما سيفعله بشهادته. وفي هذا السياق أعرب الشباب البطال الذين اتخذوا من هذه الأمر حرفة لهم أنهم لجأوا إلى هذه المهنة بصفة اضطرارية فهناك عدة عوامل دفعتهم لذلك لاسيما البطالة والحاجة الماسة للحصول على النقود التي قادتهم إلى البحث عن شتي السبل لكسب المال دون المبالاة بالعواقب التي ربما يدفعون ثمنها غاليا.