يتجه أغلب الأزواج الجزائريين في الوقت الحالي إلى تكوين الأسر الصغيرة ، فأكثر من 70 بالمئة من العائلات الجزائرية حسب الإحصاءات الأخيرة تتكون من أسرة واحدة، هذه الأخيرة لا يتعدى عد أفرادها سبعة عكس ما كان عليه الأمر في السنوات السابقة، حيث كانت أغلب العائلات تتكون من أسر متعددة. في السنوات التالية للاستقلال كانت جل العائلات الجزائرية تتكون من عدد من الأسر وكانت تضم الجد والجدة والآباء والأبناء، ولكل منهم أسرة خاصة، وفي هذا الوقت كان عدد أفراد العائلة الواحدة يصل إلى الأربعين أو الخمسين فردا من أبناء وأحفاد، وفي هذا الوقت أيضا كان الأبناء عندما يتزوجون ويكونون أسرهم الخاصة لا يغادرون منازل آبائهم بل كانوا يقيمون معهم، وهذا ما يجعل العائلة الجزائرية تظهر وكأنها عرش بأكمله. ومع مرور الوقت بدأت العائلة الجزائرية تنكمش أو تنفصل وتتلاشى، حيث بدأ الأبناء في إنشاء أسر خاصة مستقلة عن عائلات آبائهم وأجدادهم حتى وصل الأمر في الوقت الحالي إلى الأسرة النووية، أي تلك التي تضم الأب والأم و ابنا أو ابنين فقط، هذه التي تجاوزت السبعين بالمئة من نسبة العائلات الجزائرية. إذا علمنا أن نوعية الأسر الأكثر انتشارا الآن في الجزائر هي تلك التي تتكون من الزوجين والأولاد، وإذا علمنا كذلك أن 60 بالمئة من العائلات التي تتكون من أسرة واحدة والتي لا يتعدى عدد أفرادها 6 أفراد توجد بالمناطق الحضرية، فيمكننا القول إن مشاكل السكن والبطالة والفقر والظروف الاجتماعية الأخرى هي التي تقف وراء تقلص الأسر داخل العائلة الواحدة وهي التي تقف أيضا وراء تقلص عدد الأسرة الواحدة، فالكثير من الآباء وأمام ضيق السكن يلجأون ويفضلون إلى الاكتفاء بطفل أو طفلين، وهناك الكثيرون من دفعتهم هذه الظروف إلى دخول عالم العنوسة سواء من الذكور أو الإناث خاصة في المدة الأخيرة، حيث أن نسبتها زادت بشكل مخيف وأصبحت هاجسا حقيقيا للجميع. تقدمنا إلى مجموعة من المواطنين لنستطلع آراءهم حول الواقع الجديد الذي فرض على الجزائريين، فشرعنا في الحديث مع "فاتح" الذي أكد لنا بأن تحول الأسر الجزائرية نحو الأسرة الصغيرة والمتكونة أساسا من الأب والابن والأبناء في أغلب الأمر واقع بسبب الظروف الاجتماعية التي فرضت عليهم، مؤكدا أنه هو كذلك يعيش وسط الأسرة الصغيرة وبيّن لنا أن ما دفعه إلى هذا الأمر هو ضيق السكن، حيث لم يلبث بعد زواجه مع الأسرة الكبرى سوى أشهر معدودة لينتقل إلى بيت خاص به. هذا ما قاله لنا "جعفر" الذي بيّن لنا بأن سببه الأساسي اللجوء إلى السكن ببيت قصديري وبمفرده مع أسرته الصغرى كان المشاكل العائلية المتتالية التي دفعته للانفصال عن العائلة الكبرى والذي لايزال يزورها دوريا مع زوجته وأولاده. كما كشفت لنا إحدى السيدات أن حقيقة المشاكل العائلية دفع إلى بروز الأسر الصغيرة لا يمكن نكرانه. وقالت "وليكن في علمكم أن بعض السيدات هن من يطلبن ويدفعن أزواجهن دفعا في الغالب إلى البحث عن مكان يجمع شمل العائلة الصغرى بدل الكبرى وحتى قبل الزواج أصلا".