أحيت اليابان أمس الأحد ذكرى آلاف الضحايا الذين سقطوا في الزلزال والتسونامي اللذين دمرا قبل عام تماما السواحل الشمالية الشرقية للأرخبيل وسببا أخطر كارثة نووية في العالم منذ ربع قرن. ومنذ ساعات الصباح الأولى، بدأت محطات الإذاعة والتلفزيون اليابانية بث برامج خاصة تحدث فيها العديد من الشهود الذين عبروا عن ألمهم لفقدان أقرباء أو عن غضبهم لبطء عملية إعادة الإعمار. وتوقفت الحركة في مختلف أرجاء البلاد في اللحظة نفسها التي ضرب زلزال بقوة تسع درجات شمال شرق اليابان في 11 مارس 2011، متسببا باجتياح موجات ارتفاعها عشرات الأمتار المناطق الساحلية. وتوقفت وسائل النقل العام عن العمل بينما وقفت الأحياء التجارية في طوكيو وكبرى المدن اليابانية دقيقة صمت على أرواح 19 الف قتيل ومفقود ذهبوا ضحية الكارثة. وفي كلمة القاها فور انتهاء دقيقة الصمت، في احتفال اقيم في المسرح الوطني في طوكيو بحضور الأمبراطور أكيهيتو وشخصيات أخرى، وعد رئيس الوزراء يوشيهيكو نودا بأن يبذل ما في وسعه لإعادة اعمار المنطقة المدمر كما وعد بالإبقاء على هذه الكارثة حية في الذاكرة الجماعية للأجيال المقبلة.أما الأمبراطور أكيهيتو الذي خضع مؤخرا لعملية جراحية ناجحة في القلب، فقال في خطاب مقتضب إنه "يحيي من أعماق قلبه كل الذين فقدوا حياتهم في الكارثة". وفي المناطق التي دمرتها اسوأ كارثة تعيشها اليابان منذ الحرب العالمية الثانية، أضاء الناجون آلاف الشموع في ذكرى الضحايا. وفي ميناء ايشينوماكي الذي تعرض لمد بحري كبير، وزع متطوعون ورودا على أسر الضحايا التي ستقوم بدورها بوضعها الأحد على قبور أقربائها. وقال أحد سكان المنطقة كيشيتسو ايتو أن هذا اليوم حزين جدا. وأوضح الرجل البالغ من العمر ثمانين عاما لوكالة فرانس برس أن "التسونامي جرف زوجتي وساضع ورودا على قبرها. وأضاف "إنني حزين وليس لدي أحد أتحدث اليه". وبعد أيام من الأمطار الغزيرة، بدا اليوم مشمسا.وقد تجمع متظاهرون مناهضون لاستخدام الطاقة النووية يوم الأحد في العاصمة اليابانية أمام مقر شركة كهرباء طوكيو (تيبكو) التي تشغل محطة فوكوشيما النووية، بعد عام تماما على تسونامي سبب اضرارا جسيمة في المحطة.وردد المتظاهرون هتافات تطالب باغلاق كل المحطات النووية. وقالوا وهم يرفعون قبضاتهم ويقرع بعضهم طبولا "اغلقوا كل المفاعلات الآن!"، بينما انتشر عشرات من رجال الشرطة لمراقبة التجمع.وقال احد المنظمين مانابو كوريهارا "نطلب من تيبكو تخفيف الاعباء التي تترتب علينا"، مؤكدا "لن نتسامح مع اي محاولة من الشركة لخفض التعويضات إلى الضحايا"وفي رسالة نشرت السبت في الصحف، اكد رئيس الحكومة الياباني ان كارثة الحادي عشر من مارس 2011 ستبقى ماثلة في ذاكرة الامة. وقال "لن ننسى اقرباءنا واصدقاءنا وزملاءنا الذين فقدوا في الكارثة".واضاف "لن ننسى ابدا الدعم والتضامن الذي تلقته اليابان من الخارج ونشعر بالامتنان والشكر العميق".ووعد رئيس الوزراء بتسريع اعادة الاعمار في المناطق المدمرة وبتفكيك مجمع فوكوشيما وتطهير التربة التي تسربت اليها مواد اشعاعية و"احياء" الاقتصاد الياباني.ويعيش اكثر من 340 الف شخص منذ عام خارج بيوتهم في ظروف قاسية في بعض الاحيان بينما لا تحقق معالجة حوإلى 22 مليون طن من النفايات التي تراكمت خلال يوم واحد في المناطق الثلاث الاكثر تضررا (مياغي وايواتي وفوكوشيما) اي تقدم.ولم تنجح السلطات في ازالة اكثر من عشرة بالمئة منها نظرا للاماكن الخاصة باحراقها والخوف من النشاط الاشعاعي.وبالنسبة لعائلات 3200 مفقود في الكارثة، فان الامر الاكثر اهمية والحاحا هو العثور على جثث هؤلاء لدفنها.وفي منطقة ايواتي حيث ما زال الف شخص مفقودين، يقوم 300 شرطي وثمانون من خفر السواحل بحملة تفتيش جديدة على طول الساحل.وفي محافظة فوكوشيما المجاورة، قام مئات الشرطيين والمتطوعين على مدى يومين بعمليات بحث عن جثث اكثر من مئتي شخص.وبعضهم قد يكونون موجودين في المنطقة التي منع الدخول اليها والممتدة على دائرة قطرها 20 كلم في محيط المحطة النووية، بعد ان ارغم عشرات آلاف السكان على المغادرة هربا من الاشعاعات. وفي اوكوما حيث يقع المجمع الذري، اقام عدد من سكانه السابقين الذي ارتدوا السترات الواقية واقنعة وقفازات مراسم على أرواح الضحايا.