أجمع المتدخلون، أمس، خلال الملتقى الوطني الأول حول الاقتصاد الوطني ويرفع شعار "اقتصاد جديد أقل اعتمادا على المحروقات"، بادر إلى تنظيمه منتدى رؤساء المؤسسات بنزل الأوراسي في العاصمة، على ضرورة إقرار إستراتيجية اقتصادية جذرية تكرس لقطيعة مع أخطاء الماضي والتسيير الإداري المركزي الذي نجم عنه "فشل اقتصادي" على جميع الأصعدة بعد نصف قرن من الاستقلال. ووجه الرئيس الشرفي للمنتدى، عمر رمضان، انتقادات لاذعة لخطط السلطات العمومية التي تعتزم من خلالها المواصلة على الاعتماد على الطاقة كممول رئيسي للاقتصاد القائم حاليا، دون إعطاء بديل واضح في اتجاه تنويع الاقتصاد، وهي الخطط التي يكشفها إصرار الحكومة تبني خيارات تكثيف جهود التنقيب عن النفط في مسعى لتعظيم الاحتياطات الوطنية من المحروقات الآيلة حتما للنضوب. وحذر رمضان من مغبة تأخر في اتخاذ إجراءات استعجالية لتجاوز اقتصاد الريع الذي تعيشه البلاد حاليا، مشيرا إلى أن تأجيل آخر ل 10 سنوات في إقرار خطة اقتصادية جذرية سيكون له نتائج وخيمة على مستقبل البلاد، وهنا لاحظ المتحدث أن الخيارات المتخذة من قبل الحكومة تتعارض كلية مع هذا المسعى. وأضاف رمضان في هذا الصدد، في تدخل له خلال الملتقي الذي حضره أزيد من 400 خبير ورئيس مؤسسة عمومية، وخاصة أن شروع الحكومة في إعداد مشاريع "مكلفة" لتطوير الغاز الصخري وتوسيع استعمالات الطاقات المتجددة وغيرها من الخطط، التي تتطلب آجالا طويلة لتنفيذها تكرس لرؤية السلطات العمومية في مواصلة الاعتماد على الخيار الطاقوي لتمويل الاقتصاد دون طرح، بديل التنويع على المدى المتوسط على الأقل، قبل أن يتساءل المتدخلون عن المسؤول عن الوضعية، معتبرين أن الجميع قبلوا بمنطق السياسة الريعية. من جهته، رسم الخبير الاقتصادي، عبد المجيد بوزيدي، صورة سوداء عن راهن الاقتصاد الوطني الذي كان وليد 50 سنة من القرارات الارتجالية والتردد في تبني الخيارات الإستراتجية وتوجهات عامة متناقضة عبر مختلف المراحل التي مر بها الاقتصاد الوطني منذ الاستقلال. من جهته، لخص مستشار المجلس الاجتماعي والاقتصادي الوضعية الحالية للاقتصاد الوطني في 5 نقاط أبرزها تحقيق نمو توسعي يقوم على الضخ المستمر لأموال الخزينة العمومية بدل الإنتاجية وهو المسعى الذي نجم عنه تحقيق تنمية مكلفة أكثر من الإنتاج، وتقلص نسبة البطالة عبر منطق التسيير الاجتماعي للبطالة والبطالين، غياب سياسة العرض والتنافسية التي أدخلت المؤسسة الجزائرية في خانة الأزمة أدت إلى فقدان أسواقها التقليدية، فضلا عن ثبوت عجز الدولة عن ضبط السوق. وشهدت فعاليات الملتقى حضور واسع لرؤساء المؤسسات الجزائرية، بما فيهم لأرباب العمل الشركات العمومية الذين أعلنوا قبل عامين انسحابهم من عضوية أكبر تكتل لرجال الأعمال بالجزائر، في حين لوحظ غياب للوجوه الرسمية باستثناء الحضور المحتشم لمسؤولي عدد من الهيئات الوطنية العامة المهتمة بتأطير مشاريع الاستثمار وترقية الصادرات، علاوة على مدراء البنوك العمومية.