بعد يوم على إحياء قوى وأحزاب سياسية الذكرى ال 24 لمظاهرات 5 أكتوبر توفي، مساء أمس السبت، الرئيس السابق الشاذلي بن جديد حيث كان يرقد منذ ايام في قسم العناية المركزة بالمستشفى العسكري بعين النعجة بالعاصمة، عن عمر يناهز 83 سنة على إثر تعرضه قبل أيام لأزمة قلبية حادة. وتشاء الاقدار ان يتوفى الشاذلي، ثالث رئيس للجزائر بعد الاستقلال، بعد يوم على إحياء قوى وأحزاب سياسية عدة في البلاد الذكرى ال 24 لمظاهرات 5 أكتوبر 1988 التي اخرجت الشباب الجزائري وقتها للمطالبة بالحرية والديمقراطية في عهد الشاذلي بن جديد، وقبل شهر تقريبا من اصدار مذكراته التي فضل الإفراج عنها في الفاتح نوفمبر المقبل المصادف للذكرى ال 58 لعيد الثورة التحريرية. وقد تسلم الراحل الشاذلي بن جديد مقاليد السلطة في الجزائر بعد وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين في الفترة ما بين 9 فيفري 1979 إلى 14 جانفي 1992، حيث عجلت الاحداث التي شهدتها الجزائر في تلك الفترة باستقالته او اقالته، ولا ينكر الجزائريون ان الشاذلي كان سببا بشكل او باخر للديمقراطية وللتعددية الحزبية، والانتخابات الشفافة التي توقفت بتوقيف المسار الانتخابي في عام 1992، قبل أن يرمي بن جديد المنشفة، مُقالا أو مستقيلا، لتدخل بعدها البلاد في نفق مظلم، بدأ بفراغ مؤسساتي انتهى بتأسيس رئاسة خماسية سمّيت بالمجلس الأعلى للدولة. ولد الرئيس بن جديد المعروف باحترامه للاخر وتوقيره للعلماء في 14 افريل 1929 بقرية بوثلجة بولاية عنابة لأسرة متواضعة، والتحق في وقت مبكر من حياته بالتنظيم السياسي العسكري لجبهة التحرير الوطني، ثم بجيش التحرير حيث عين قائدا لإحدى المناطق. ومنذ 1958 وحتى 1969 تدرج في مناصب عسكرية، انتهت بتوليه سنة 1978 تنسيق شؤون الدفاع الوطني. وعند انعقاد المؤتمر الرابع لحزب جبهة التحرير الوطني في جانفي 1979، تم ترشيحه للاضطلاع بمهام أمين عام للحزب ثم رشح لرئاسة الجمهورية. وفي 7 فيفري 1979، انتخب رئيسا للجمهورية وأعيد انتخابه مرتين عامي 1984 و1988. وفي أكتوبر 1988، خرجت مظاهرات للمطالبة بالحرية والديمقراطية واحتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية، ما أسفر عن وقوع اشتباكات بين قوات الجيش والمواطنين راح ضحيتها حوالي 500 قتيل. وأنهت تلك المظاهرات بسيطرة حكم الحزب الواحد والتوجه الاشتراكي للدولة، حيث عدل نظام بن جديد دستور البلاد وسمح بإنشاء أحزاب سياسية. وبعد 3 أعوام على تلك التظاهرات وتحديدا في 26 ديسمبر 1991، أجريت أول انتخابات حرة في البلاد حققت فيها الجبهة الاسلامية للإنقاذ فوزا تم إلغاؤه في جانفي 1992، ما أدى إلى سنوات الدم والدمار في البلاد راح ضحيتها أكثر من 200 ألف قتيل.وعلى إثر تلك الأحداث استقال الشاذلي بن جديد من الحكم احتجاجا على تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات، فيما يشير بعض المحللون إلى أن الرئيس أجبر على الاستقالة تحت ضغط وثيقة وقعها جنرالات في الجيش تدعوه للتنحي. ومنذ شهر جانفي 1992 ابتعد بن جديد عن الحياة السياسية إلى غاية تنظيم رئاسيات 1999، التي فاز بها آنذاك "مرشح الإجماع" عبد العزيز بوتفليقة، الذي بدأ في كسر الطابوهات والعودة إلى أسباب وخلفيات "المأساة الوطنية" التي شُرع في معالجة آثارها بقانون الوئام المدني، بعد قانون الرحمة، وقبلها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ليختفي بعدها، لكنه ظهر من جديد أواخر 2008 عندما ألقى خطابا مثيرا للجدل في مدينته الأصلية الطارف. ومنذ أن تقاعد، افتتح بن جديد مسلخا في فينسبري بارك بلندن حيث تستقر جالية جزائرية كبيرة هناك. جدير بالذكر أن الجزائر ودعت منذ شهور قليلة الرئيس الأول للجزائر بعد الاستقلال الفقيد أحمد بن بلة الذي وري الثرى بمقبرة العاليا بباب الزوار.