قال خبير في القانون إن الوقت المتبقي لاستكمال الدستور المصري الجديد ربما لا يكفي لحل الخلافات التي تهدد شرعيته محذرا من أن الفشل في تحقيق التوافق على الدستور يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة. ويمثل الدستور الجديد جزءا رئيسيا في العملية الانتقالية في مصر بعد عقود من الحكم الاستبدادي المدعوم من الجيش وينبغي أن يأتي بتغييرات تاريخية بما فيها ضمانات ضد حكم الفرد الذي شهدته المنطقة العربية لعقود. وأعطيت الجمعية التأسيسية المكلفة بكتابة الدستور وتضم 100 عضو مهلة ستة أشهر لإعداد مسودة دستور تطرح في استفتاء مما يعني أن أعضاء الجمعية أمامهم حتى أوائل ديسمبر كانون الأول لاستكماله. وأثارت عملية صياغة الدستور خلافات عميقة بين الإسلاميين الذين يهيمنون على العملية ومنافسيهم من الليبراليين واليساريين حول بعض القضايا مثل دور الإسلام في الدولة وحقوق الإنسان. ودعا بعض معارضي الإسلاميين إلى مقاطعة كاملة للعملية. وقال زيد العلي الذي قدم المشورة إلى العراقيين الذين صاغوا دستور بلدهم ويتابع الآن عملية إعداد الدستور الجديد في مصر "لا أعتقد أن شهرين كافيان ليس لأن الانقسام شديد لكن لأن غياب الثقة سيستغرق وقتا طويلا للتغلب عليه."واجتمع ناشطون قلقون بشان حقوق المرأة والطفل يوم الاثنين في القاهرة للتعبير عن معارضتهم للجمعية التأسيسية والمسودة التي أعدتها. وقال العلي الذي يعمل في القاهرة بالمعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية وهي منظمة دولية مقرها ستوكهولم "في العراق كانت شرعية الدستور مطعون فيها منذ البداية وهو حتى يومنا هذا يشبه مجموعة من إشارات المرور التي تحترمها فقط عندما تعتقد انها مناسبة لك." واضاف العلي قائلا في مقابلة مع رويترز "الرسالة التي يجب أن تعيها مصر من ذلك هي أنه كلما استطعت أن تحظى باتفاق الناس على أن النص جيد أو مناسب بما يكفي للوقت الراهن كلما زادت فرصك في الحصول على دولة فعالة." عمل العلي مع بعثة تابعة للأمم المتحدة جرى تشكيلها لتقديم المشورة للعراقيين بشأن الدستور الذي تمت صياغته في 2005. ولا يوجد مستشارون أجانب للجمعية التأسيسية المصرية. وقال العلي إن المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية ومنظمات أجنبية أخرى تلتقي بشكل غير رسمي مع الجهات المعنية. ووصل الخلاف في مصر إلى ساحة المحاكم حيث قضت محكمة في وقت سابق هذا العام بحل مجلس الشعب. وتواجه الجمعية التأسيسية أيضا خطر الحل يوم الثلاثاء حيث من المقرر أن تبت محكمة في قانونية تشكيلتها. وفي حال اعتبرت الجمعية التأسيسية غير قانونية سيتولى الرئيس المصري محمد مرسي مسؤولية تشكيل جمعية جديدة مما يضعه في مشكلة بشأن تلبية مطالب غير الإسلاميين لدور أكبر.ويرى العلي أن هذه الخلافات يمكن التغلب عليها. وقال "في مصر يمكن أن تعتقد أن المواقف متباعدة للغاية لدرجة أن الأمور كلها باتت على شفا الانهيار في حين أن هناك في الواقع قدرا كبيرا من الاختلاط." وأضاف قائلا "يمكنهم أن يفعلوها بالتأكيد لكنهم في حاجة لأن يثق كل منهم في الاخر." وقال العلي إن العيوب ونقاط الغموض التي تشوب مسودة نشرتها الجمعية التأسيسية هذا الشهر تعكس مدى السرعة التي كتبت بها.ومضى قائلا "الكثير من المواد ليست واضحة."ومن بين المواد التي تثير الجدل في الدستور المادة الخاصة بدور الشريعة الإسلامية. واحتفظت مسودة الدستور الجديد بصيغة الدستور القديم بشأن دور الشريعة الإسلامية حيث تنص على أن "مباديء الشريعة" هي المصدر الرئيسي للتشريع. ومع هذا فإن مادة جديدة تفسر مباديء الشريعة غير واضحة وكذلك مادة تعطي دورا غير محدد بشكل واضح للأزهر. وقال العلي "يفسر الناس ذلك بطرق مختلفة بالفعل... ستؤدي الصيغة الحالية بالتأكيد إلى الكثير من المشكلات القانونية في المستقبل." ويشعر ناشطون حقوقيون بالقلق من أن يستغل الإسلاميون المتشددون الاستناد إلى الشريعة الإسلامية في الدستور -بما في ذلك مادة تربط حقوق المرأة بالشريعة- للحد من حرياتهن وتبرير انتهاكات بحقهن مثل زواج القاصرات وختان الإناث وقالت ميرفت التلاوي رئيسة المجلس القومي لحقوق المرأة أمام الحاضرين في اجتماع القاهرة إن وضع مصطلح "أحكام الشريعة الإسلامية" في المواد الخاصة بالمرأة يفسح المجال أمام بعض القضاة الإسلاميين لاجازة جرائم بحق النساء والأطفال. وأضافت أنهم يمكن أن يقدموا صورة مشوهة للشريعة مما يضعها في موقف عداء من المرأة في حين أن الشريعة بريئة من هذه الاتهامات.