المساس بالجزائر اعتداء على شرفنا قبل لقائي به منذ ساعات لمواجهته وسماع رده عما صدر عبر محطته من إهانات صارخة بحق التاريخ والشعب الجزائري، أذكر للأمانة وللكشف عن هوية "هشام حافظ"، أنني التقيت به عدة مرات في فترات متفرقة، كان آخرها في شهر مارس الماضي، وفي كل مناسبة كان الرجل يمعن في التعبير عن حبه واحترامه للشعب الجزائري، مؤكدا أنه مثله مثل الملايين من المصريين وأبناء الأمم الأخرى يقتدون بتضحيات ونضال الشعب الجزائري، والغريب أنه في لقاء سابق جمعنا في نوفمبر من العام الماضي وعقب تصنيف الجزائر ومصر في مجموعة واحدة للتصفيات المؤهلة لكأس العالم، أكد "حافظ" لي أنه ضمن فريق الإعلاميين المصريين الوطنيين الذين يتصدون بقوة لأولئك الذين يحاولون تأجيج النيران بين الشعبين الشقيقين، معربا عن استيائه ممن وصفهم بالوصوليين والانتهازيين الذين يدوسون التاريخ والدم والأخوة والأخلاق بحثا عن شهرة ومجد زائفين، أذكر هذه الحقائق عن إعلامي حاول جاهدا ولايزال أن يصل بالرياضة لغاية أسمى وهي لم شمل الشعوب العربية، وهو ذات الرجل الذي طعنت محطته بقسوة شعبا عربيا حتى النخاع، مفارقة عجيبة جعلت هذا الحوار يسير في سياق مختلف . = بدأت معه بسؤاله : الشارع الجزائري يغلي بسبب تعدي "مودرن سبورت" على مقدساته التاريخية، أنا شخصيا لا أصدق أنك سمحت بذلك .. هل جرفك تيار المغرضين ؟ - أخبرتك مرارا وتكرارا أنني أحترم الشعب الجزائري، وأعتز كمواطن عربي بما قدمته هذه الأمة الأصيلة من تضحيات وبطولات يفخر بها كل العرب، الجزائر بالنسبة لنا ولكل شرفاء العالم رمزا للنضال والثورة، وأي مساس بها بمثابة اعتداء صارخ على شرفنا، لطالما وسأظل أزرع الحب والإخاء بين الأشقاء .. فكيف تتهمني الآن بالحيد عن الرسالة ؟ = المثل المصري يقول " أسمع كلامك أصدقك .. أرى تصرفاتك أستعجب" .. أنت المسؤول الأول بصفتك مدير لمحطة جرحت الجزائريين جرحا غائرا عن هذا الاعتداء .. كيف سمحت بذلك ؟ - صدقني أنا أشد حزنا من كل أبناء الشعب الجزائري الشقيق، وأعتصر ألما كلما أرى بعض المحطات والإعلاميين يمعنون بشكل مباشر وغير مباشر في التفرقة بين الشعبين المصري والجزائري مستخدمين أساليب غير شريفة، ومنذ نتائج القرعة وأنا أراقب بأسى كل ما جري ويجري على الساحة الإعلامية، وفي وقت مبكر قرر صاحب المحطة الدكتور "وليد دعبس" وأنا بصفتي نائب العضو المنتدب ووكيله في إدارتها، قررنا أن نسخر خريطتنا البرامجية من أجل التصدي لأولئك الذين استغلوا المناسبة لينالوا من تلاحم الشعبين المصري والجزائري عبر التاريخ، تفطنا لمحولاتهم، وأصررنا على استغلال المناسبة لتكون بداية لعصر جديد من العلاقات الرياضية الأخوية تتناسب مع العلاقات التاريخية المتفردة بين الشعبين . = صدقت .. بدليل أنكم نبشتم قبور الشهداء لتسطروا بدمائهم خريطتكم تلك ؟ - هذه الدماء ليست مقدسة فقط بالنسبة لكم وليست ملككم وحدكم، لقد أريقت في الجزائر ومصر وكل بقاع العالم العربي لتخصب كرامة أمة بورها الأعداء، وتروي أجيال متعطشة للرجولة والعزة، نحن مثلكم نحترم أولئك الذين ضحوا بحياتهم لنحيا، لكن هناك عهد يجب أن نحفظه حتى لا تذهب تلك الدماء سدى، وهو أن نلتحم ونتكاتف وننبذ الفرقة والتمزق، أن نتسامح ونغفر لبعضنا هفواتنا وزلاتنا، وأن ننظر للجوانب الإيجابية دون الوقوف على اللمحات السلبية، طوال الشهور الماضية وقناة "مودرن سبورت" تسعى في توظيف عشق الشعبين المصري والجزائري للكرة من أجل القضاء على بعض الخلافات العالقة بسبب أحداث رياضية سابقة تسببت في شحن الأجواء بين الشعبين كلما التقوا في مناسبة كروية، بدليل أن هذا الخطأ الذي وقع هو الوحيد من نوعه، في المقابل تمعن عديد وسائل الإعلام في انتهاج سياسة معاكسة ومغرضة . = لكنه خطأ فادح لم تتجرأ أي وسيلة إعلامية على ارتكابه ؟ - وتأكد أنه لن يمر مرور الكرام، فلا يمكننا التساهل مع كل ما يمس الثوابت والرموز الوطنية في أي بلد، لكنني أود التنويه إلى أنه دائما ما تتسلل أصوات بين صفوف العقلاء والمخلصين، مدفوعة بالغضب أو مشحونة بفعل التأثيرات والضغوط المتزايدة، وهذا ينطبق على الواقعة بفعل استمرار بعض وسائل الإعلام في التركيز والإسهاب في التعليق على المباراة، حتى أوهموا البعض أنها نهاية للكرة المصرية، كان الأجدر بأولئك أن يتحدثوا بموضوعية وحيادية، علما بأن أسلوبهم هذا يضر بالكرة المصرية وأنهم يرتكبون جريمة في حق الجمهور المصري الذي وللأسف جعلوه يعيش حالة نادرة من الألم والغضب، في الوقت الذي لم يول هذا الجمهور قبيل المباراة أهمية لنتيجة اللقاء قدر اهتمامه بالطريقة التي ستعامل بها البعثة المصرية بالجزائر، ورغم أن الأخيرة قدمت صورة مشرفة وتاريخية ونموذجية في كرم الضيافة ولقاء الأشقاء، صورة تقضي وللأبد على الخلافات الكروية بين الجمهورين، إلا أن الغربان حاولت أن تحول الدفة في الاتجاه الخاطئ بتعليقاتهم المشحونة، لكني واثق أن إرادة الشعبين الشقيقين أكبر من مخططاتهم . = أعتقد أن جميع وسائل الإعلام المصرية بما فيها "مودرن سبورت" سارت على نفس المنوال ؟ - "مودرن سبورت" هي المحطة الرائدة التي لم تنفخ في الكير، ولم تحول المقابلة الرياضية إلى معركة مثلما روج البعض، ولم تستخدم مصطلحات النصر والهزيمة التي استخدمتها الكثير من الفضائيات، وقبيل وبعد المباراة كنا الصوت العاقل المتزن الذي يتحدث بنبرة رياضية محترفة ممزوجة بروح قومية خالصة، شهدنا بقوة الكرة الجزائرية في الوقت الذي استصغرتها بقية الأصوات، تحدثنا عن تفاصيل اللقاء ونتيجته بكل صدق، نقلنا الحقيقة وكشفنا للجمهور المصري عن الاستقبال الحافل الذي لاقيناه، ودعونا الجماهير المصرية للتسابق من أجل استقبال أشقائهم الجزائريين في نوفمبر المقبل على نفس المستوى وزيادة . = الكرة الجزائرية كشفت عن نفسها في الميدان، فأي صوت أصدق من ذلك ؟ - في الوقت الذي لم تستمع فيه المحطات الأخرى إلا لصوتها عقب نتائج القرعة كنا أول من اتصل بالمدرب الجزائري رابح سعدان، أسمعنا صوته ووجهة نظره للجماهير المصرية، تحدثنا معه عن أصالة وتاريخ الكرة الجزائرية، وباحترافية إعلامية حرصنا على التواصل مع كثير من اللاعبين الجزائريين الكبار والمعلقين الرياضيين وكذلك الجمهور الجزائري، وأكدنا أننا لا يزعجنا تأهل الجزائر إذا كانت لها الأفضلية، ووعدنا بتشجيعها إلى النهاية فالتفوق يعنينا نحن أيضا كمصريين لأنه داخل العباءة العربية، وهذا ليس جديدا علينا أو حتى على أشقائنا الجزائريين، فرحنا معهم وهللنا لفوزهم على ألمانيا في الثمانينيات، مثلما فرحوا لفوزنا في 2006 و 2008، وستظل أفراحنا وأتراحنا واحدة إلى الأبد . = بعد هذه الواقعة أعتقد أن مجهوداتكم تبخرت ومصداقيتكم تزعزعت عند الجماهير الجزائرية ؟ - وأنا لا أعتقد أن مكانتنا عند الجمهور الجزائري يمكن أن تتزعزع، لأننا واثقون من وفاء هذا الجمهور واتحاده معنا في التوجهات والرؤى، بدليل أن المحطة التي استطاعت في وقت قصير أن تحجز المرتبة الثانية عربيا من حيث المشاهدة بعد الجزيرة الرياضية تحظى بأعلى نسبة مشاهدة جزائرية، فالجزائريون لن ينسوا أن "مودرن سبورت" هي التي أعادت فتح ملف التحقيق في قضية اللاعب الكبير بلومي، وهي التي بذلت مجهودات كبيرة من أجل طي الملف بعد إقناع الطبيب بالتنازل وحفظ القضية، وفي هذا السياق اتبعنا أسلوب المحققين واستدعينا كل أطراف القضية التي عكرت صفو العلاقة بين الأشقاء لقرابة العشرين عاما، ولن ينسى الأشقاء أننا كنا وسنظل صوتهم ومنبرهم في مصر، وستبقى صدورنا مفتوحة لهم، وسيلمسون ذلك بوضوح خلال الأيام القادمة .