مشاركة 565 ممثلاً لمختلف القوى السياسية بينهم الحوثيون انطلق في العاصمة اليمنية صنعاء، أمس الاثنين، مؤتمر الحوار الوطني الشامل برعاية الأممالمتحدة وتحت إشراف الرئيس عبد ربه منصور هادي وبمشاركة 565 ممثلاً لمختلف القوى السياسية بينهم الحوثيون، في حين يقاطع "الحراك الجنوبي" هذا الحوار الذي يجري وسط إجراءات أمنية مشددة. وعلم مع انطلاق الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوه قاطع الجلسة احتجاجا على مشاركة بعض الشخصيات فيها. في حين أعلنت أحزاب اللقاء المشترك تحفظها على قوائم المشاركين التي أصدرها الرئيس اليمني أمس بشأن مؤتمر الحوار الذي من المقرر أن يستمر ستة أشهر وينعقد بموجب اتفاق انتقال السلطة الذي أسفر عن تخلي الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن السلطة في نوفمبر 2011. وقال الرئيس اليمني في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية إن هذا الحوار "يمثل لحظة مفصلية فارقة ولن يكون اليمن بعده كما كان من قبل"، معتبرا أن أمام المؤتمر خيارا واحدا هو خيار النجاح. وأكد أن الشعب اليمني قادر على عمل المعجزات إذا تغلب على المصالح الشخصية الضيقة، ودعا اليمنيين إلى فتح صفحة بيضاء جديدة. كما دعا الرئيس منصور هادي إلى إقامة "دولة مدنية حديثة قائمة على الشورى تقر قيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان"، معتبرا أن القضية الجنوبية تعتبر المرتكز الأساسي لحل القضايا الأخرى. واعتبر في كلمته أن الإرادتين الإقليمية والدولية متوفرتان لإنجاح الحوار وتبقى الإرادة الوطنية، وقدم شكره لدول مجلس التعاون الخليجي وللأطراف التي ساعدت بلاده. ومن جانبه، وصف مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى اليمن جمال بن عمر في كلمته مؤتمر الحوار بأنه "لحظة هامة وفرصة تاريخية لحل جميع القضايا العالقة في اليمن منها قضية الحراك الجنوبي". وأضاف المبعوث الأممي أن اتفاقية نقل السلطة في اليمن وفّرت عملية شاملة لإحداث التغيير، مشيدا بدور الدول الخليجية في هذا الصدد. كما أشار بن عمر إلى أن قيادات جنوبية أكدت له أنها تنبذ العنف ولن تنتهج إلا الحوار لحل القضية الجنوبية في اليمن. واعتبر أن هناك مطالب مشروعة في القضية الجنوبية، ودعا إلى معالجتها. ويهدف الحوار الوطني الشامل في اليمن إلى وضع دستور جديد للبلاد والإعداد لانتخابات تشريعية في فبراير من العام المقبل، إضافة إلى بحث قضية الجنوب في ظل ارتفاع الدعوات المطالبة بالانفصال، وقضية صعدة والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وبناء الدولة والحكم الرشيد، وأسس بناء الجيش والقوى الأمنية. غير أن هناك من اليمنيين من يتحفظ أو يقاطع مؤتمر الحوار الوطني، ولكل أسبابه. فقد أعلنت أحزاب اللقاء المشترك تحفظها على القوائم التي أعلنها الرئيس هادي وتقضي بتعيين ستة نواب لرئيس مؤتمر الحوار، هم الدكتور عبد الكريم الأرياني ممثلا للمؤتمر الشعبي العام، والدكتور ياسين سعيد نعمان عن الحزب الاشتراكي، وعبد الوهاب أحمد الآنسي من حزب الإصلاح، وسلطان حزام العتواني من الناصريين، وأحمد بن فريد الصريمة ممثلا لمؤتمر شعب الجنوب، وصالح أحمد هبرة من جماعة الحوثيين. ورغم تحفظ أحزاب المشترك التي تشارك بنصف حقائب حكومة الوفاق فإنها أكدت حضورها حفل افتتاح المؤتمر "حرصا على المصلحة العامة"، وطالبت هادي بتصحيح ما أسمتها "الأخطاء" في أسرع وقت لكونها "أخلت بالمعادلة السياسية والوطنية لصالح طرف بعينه، وتضع مسار الحوار الوطني على المحك". كما احتج عدد من شباب الثورة في بيان لهم على مشاركة "بعض من تلطخت أيديهم بدماء شباب الثورة" في الحوار، وأكدوا أن مكانهم من المفترض أن يكون خلف القضبان وليس المشاركة في رسم مستقبل اليمن. وفي الجنوب، نظم عدد من أنصار الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال احتجاجات في عدن، وأكدوا رفضهم للحوار، واعتبروا أن الجنوبيين المشاركين لا يمثلون إلا أنفسهم. ومن جانبها، أكدت الناشطة اليمنية الحائزة جائزة نوبل للسلام توكل كرمان أنها لن تشارك في الحوار الوطني احتجاجا على "تهميش الشباب الذين قادوا الحركة الاحتجاجية في اليمن ولمشاركة جهات متورطة في قمعهم الدامي". وعللت كرمان التي ورد اسمها في قائمة هيئة الحوار عدم مشاركتها ب "مشاركة من تورطوا بقتل الشباب وبقاء الجيش منقسما"، إلا أنها أكدت أنها تتمنى "التوفيق" للمؤتمر. ويجري مؤتمر الحوار وسط إجراءات أمنية مشددة، إذ أعلن وكيل وزارة الداخلية عضو اللجنة الأمنية العليا لتأمين الحوار اللواء عبد الرحمن حنش أن عددا كبيرا من الوحدات العسكرية والأمنية ستعمل على تأمين جميع مداخل ومنافذ العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى منع حمل الأسلحة خلال فترات انعقاد جلسات الحوار. وحظرت اللجنة الأمنية العليا مرور الدراجات النارية المرقمة وغير المرقمة بأمانة العاصمة وعموم محافظات الجمهورية من مساء أمس وحتى صباح السبت القادم.