انطلقت يوم الاثنين بالعاصمة اليمنية صنعاء أشغال مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعلق عليه الشعب اليمني آمالا كبيرة للخروج بالبلاد من أزمتها الراهنة وذلك وسط مظاهرات حاشدة في الجنوب مطالبة بمقاطعته. ومن المقرر أن يبحث المؤتمر الذي سيدوم ستة أشهر تسع قضايا جوهرية سيتحدد من خلالها مستقبل اليمن تتمثل في قضية الجنوب وقضية صعدة التي شهدت حروبا بين قوات الجيش وجماعة /الحوثيين/ بالاضافة إلى عدد من القضايا الوطنية كالعدالة الانتقالية وبناء الدولة والحكم الراشد وبناء الجيش والأمن واستقلال الهيئات والحقوق والحريات والتنمية المستدامة. وقد افتتح الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أشغال المؤتمر ووجه خلال رسالة واضحة لكل المنادين بالتشويش على الحوار قال فيها أنه "من لا يعجبه الحوار فالباب أمامه" وذلك عقب تعالي الأصوات المنادية بمقاطعة الحوار خاصة في جنوب البلاد الذي يشهد حركة احتجاجية واسعة وعصيانا مدنيا كبيرا. وفي هذا الصدد دعا المبعوث الأممي جمال بن عمر مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن القائمين على مؤتمر الحوار الوطني الشامل إلى التواصل مع كافة الاطراف في الجنوب لإقناعها بأهمية المشاركة والانضمام للحوار معتبرا أنه "يمثل حدثا تاريخيا مهما ويوما من الأيام الوطنية العظيمة لليمن التي يجسد اليمنيون فيها معان الإخوة وروح الوفاق والاتفاق والحكمة اليمانية". وسيتضمن برنامج الجلسة الافتتاحية أيضا كلمة لممثل أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي ومجلس التعاون الخليجي فيما يختتم الرئيس عبدربه منصور هادي البرنامج الخطابي للجلسة الافتتاحية بكلمة توجيهية يستعرض من خلالها مراحل التحضير للحوار وطبيعة التحديات التي تواجه اليمن وتستدعي تضافر كافة الجهود والإرادات لإنجاح المؤتمر. الحوار: السبيل الوحيد لإخراج البلاد من أزماتها ويعد الحوار الوطني الشامل حسب المحللين السبيل الوحيد لإخراج البلاد من أزماتها ويكتسب أهمية بالغة في تحديد مستقبل البلاد من خلال بحثه القضايا والمشكلات العالقة. وبناء على نتائجه سيتم البدء في انجاز الخطوات اللاحقة كوضع دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات عامة في فيفري 2014 تزامنا مع انتهاء المرحلة الانتقالية التي بدأت في فيفري 2012 بموجب اتفاق انتقال السلطة المتمثل في المبادرة الخليجية. ويعد هذا المؤتمر تدشينا فعليا للمرحلة الثانية من فترة الانتقال السياسي المنظم في اليمن وفقا لما حددته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في اتفاقها الموقع بالرياض في ال23 نوفمبر 2011 والتي ارتكزت على تخلي الرئيس الاسبق علي عبد الله صالح عن منصبه لنائبه عبد ربه منصور هادي مقابل الحصانة له ولعائلته ولأعضاء النظام وتشكيل حكومة وحدة وطنية لها الحق في تشكيل لجان مختصة لتسيير الامور سياسيا واقتصاديا وأمنيا ووضع دستور جديد واجراء الانتخابات. ويرى المختصون في هذا الحوار "خطوة تاريخية واستراتيجية " لرسم معالم الدولة المدنية الحديثة على حد تقدير الرئيس هادي. مظاهرات حاشدة بالجنوب للمطالبة بمقاطعة المؤتمر وبالتزامن مع انطلاق أشغال مؤتمر الحوار الوطني الذي سيشارك فيه 565 مندوبا يمثلون الأحزاب السياسية والمحافظات الجنوبية إضافة إلى ممثلين مستقلين وآخرون عن المجتمع المدني خرج آلاف اليمنيين في مظاهرات حاشدة في عدد من مناطق الجنوب مطالبين بمقاطعة الحوار وذلك استجابة إلى الدعوات التي أطلقها ما يعرف ب"الحجراك الجنوبي" الانفصالي. وقد احتشد عشرات الآلاف من المحتجين صباح اليوم في ساحة /العروض/ بمديرية /خور مكسر/ وسط مدينة /عدن/ كبرى مدن الجنوب بعد توافدهم من محافظات /شبوة/ و/أبين/ وتمكنوا من الوصول إلى الساحة عقب اعتراضهم عند أطراف مدينة عدن من قبل قوات الأمن". ورفع المتظاهرون شعارات تقول "لا تفاوض ولا حوار نحن أصحاب القرار" كما رفعوا صورا لرئيس اليمن الجنوبي السابق علي سالم البيض ونددوا بمشاركو عدد ممثلين عن الجنوب في الحوار الوطني واعتبروا بأن الحوار لابد أن يتم بين دولتي الشمال والجنوب. ويطالب ما يعرف ب "بالحراك الجنوبي" التابع للرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض "بالانفصال والعودة إلى دولة الجنوب التي كانت مستقلة حتى عام 1990 " - العام الذي شهد توقيع اتفاقية الوحدة بين الشطرين الشمالي والجنوبي قبل أن يلجأ الجنوب إلى محاولة انفصالية انتهت بحرب صيف 1994 تمكن خلالها الشمال من إجهاض تلك المحاولة- تنامت المخاوف من فشل مؤتمر الحوار باصرارها على مقاطعته. وإلى جانب "الحراك الجنوبي" أعلنت الحقوقية الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان مقاطعتها للحوار الوطني احتجاجا على تهميش الشباب الذين قادوا الحركة الاحتجاجية في اليمن. وأكدت كرمان التي ورد اسمها في قائمة هيئة الحوار المؤلفة من 565 مندوبا أنها لن تشارك في جلسات مؤتمر الحوار "نتيجة الاختلال الكبير في تمثيل الشباب والمرأة والمجتمع المدني". وفي انتظار ما سيفضي إليه المؤتمر يبقى اليمنيون يعولون على الحوار الوطني باعتباره السبيل الوحيد لإخراج البلاد من أزماتها إلى أفق الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدل والمساواة وحكم القانون.