زحف الخرسانة شرقا وغربا قضى على خصوصيات المعمار الجزائري أوضح عميد المهندسين المعماريين الجزائريين، حرشاوي محمد عبد الوهاب، أن الحكومة ارتكبت أخطاء استراتيجية جسيمة في سياسة البناء والانجاز المنتهجة منذ الاستقلال، وهي مصرة على الخطأ عندما نكون أمام نفس التبعات السلبية المنجرة عن المشاريع التي تنوي تفعيلها في الأجلين القريب والمتوسط. وقال حرشاوي في تصريح ل "الامة العربية " على هامش حفل أداء اليمين للدفعة الجديدة من المهندسين المعماريين التي تحمل إسم المرحوم محمد مغلاوي، الوزير السابق للنقل أمس الأول بنزل الهيلتون، إن النسيج العمراني الحضري في كبريات مدن البلاد لا يستجيب للمقاييس والمعايير الدولية، والأدهى أنه منجز بشكل عشوائي لا يراعي المعطيات الثقافية والبيئية والصناعية والديموغرافيةو وقد تفاقم ويتفاقم المشكل أكثر من جراء امتداد "البيطون" شرق وغرب التجمعات الحضرية، مما سيفقد المحيط الإيكولوجي توازنه ونكون بعد 10 أو15 سنة المقبلة أمام تجمعات سكنية كثيفة ستعقد من النسق المعيشي اليومي. وأضاف حرشاوي أن الحكومة فعلا رفعت شعار "القضاء أو على الأقل التقليل من حدة أزمة السكن" وسلمت المئات من المشاريع السكنية، لكن من جانب آخر أهملت معطيات المحيط العام ومقاربات التوازن الإيكو ديموغرافي. وتساءل محدثنا عن الأسباب التي تمنع الحكومة من بناء مدن جديدة بكامل مرافقها الخدماتية، عوض سياسة التكظيظ والتي في الحقيقة تفاقم أزمة السكن أكثر على المدى البعيد، مؤكدا أن الدولة تملك من المؤهلات الطبيعية (العقارات) والإمكانيات المالية والبشرية ما يمكنها إنشاء 10 إلى 15 مدينة جديدة بسعة 40 ألف إلى 60 ألف نسمة للمدينة الواحدة، مزودة بكامل المرافق الخدماتية (مستشفيات، مدارس، مرافق إدارية.. الخ).. واقترح حرشاوي خطة التوسع العمراني نحو الواحات والجنوب، لأن فضاءات الشريط الساحلي بلغت حد الإشباع. وانتقد حرشاوي من جانب آخر الفوضى الحاصلة والتداخل العشوائي بين الفضاءات الحضرية والمناطق الصناعية، التي باتت تتوسط المدن بعدما امتدت الخرسانة شرقا وغربا، مقترحا التوقف الفوري عن منح تراخيص البناء في العقارات الصناعية. وبخصوص البناء الهش، قال محدثنا إن الدولة مطالبة بالإسراع في معالجة هذا الملف، لأنه وببساطة لا يتطلب التأجيل، لأن حياة المواطنين في خطر وتشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن أكثر من 3.4 مليون بناء هش ما يزال مستغلا عبر كامل ولايات القطر الوطني. للعلم، فإن الدفعة الجديدة للمهندسين المعماريين "محمد مغلاوي" تضم 1200 مهندس معماري، أدوا اليمين أمس الأول بحضور رئيس وأعضاء المجلس الوطني للمهندسين المعماريين.