قصر الحكومة حذر خبراء ومختصون جزائريون يعملون لدى هيئات عالمية مرموقة في مجال مراقبة نوعية وجودة المشاريع الكبرى في قطاع البناء والأشغال العمومية ومنشآت البنية التحتية الضخمة، الحكومة الجزائرية من الانعكاسات المستقبلية الخطيرة للاعتماد المطلق على مكاتب الخبرة ومراقبة النوعية الأجنبية التي تمنح لها الحكومة لأسباب مختلفة مهمة دراسة وتخطيط وتنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبرى التي تكلف ملايير الدولارات، ثم تمنح لمكاتب وشركات مراقبة الجودة والنوعية الأجنبية مهمة مراقبة تلك المشاريع. وكشف البروفيسور أرزقي تامجيت حمو، من جامعة شيربروك الكندية، أن المشكلة التي تعانيها الجزائر في مجال البناء والأشغال العمومية، تتمثل في عدم تطبيق النصوص التشريعية الموجودة رغم جودة تلك القوانين وخاصة في مجال مراقبة الجودة والنوعية في مواد البناء والخرسانة المستعملة التي تمثل الحلقة الأساسية في ضمان نوعية وجودة عالية في مشاريع البنية التحتية التي تتطلب تحكما جيدا في مراقبة الجودة بسبب تكاليفها الهائلة خلال الإنجاز والمخاطر الهائلة التي تنعكس على الأمن في حال حدوث كوارث طبيعية لا قدر الله. وأكد تامجيت حمو، في تصريحات ل"الشروق" أن الحل الأسلم للكثير من المشاكل المرتبطة بمراقبة جودة المشاريع المنجزة في الجزائر، يتمثل في حرص الحكومة على مساعدة هيئات جزائرية لمراقبة الجودة والنوعية على العمل باستقلالية تامة بعيدا عن أي سلطة أو وصاية حتى تتمكن تلك الهيئات من القيام بمهامها بكل حرية بالشكل الذي يضمن عدم اللجوء إلى الغش والمجاملة بخصوص نوعية وجودة المشاريع، مع إلزام تلك الهيئات بالحصول على علامات مطابقة، فضلا عن تعزيز العلاقة بين الجامعات ومعاهد التكوين المتخصصة في البناء والأشغال العمومية والمشاريع قيد الإنجاز حتى يتم الوقوف في الميدان على مختلف التقنيات المستعملة والمواد المستعملة ومنها الخرسانة التي تتطلب تحكما جيدا في إعدادها واستعمالها وفق الشروط الموضوعية لكل منطقة ولكل مشروع، مع الحرص على استعادة دور المهندسين المعماريين لدورهم الحيوي. وأضاف المتحدث أن الجزائر من البلدان النادرة في العالم التي تواصل استعمال الإسمنت المعبأ في الأكياس، رغم خطورته على نوعية وجودة المشاريع المنجزة، مطالبا الحكومة إلى ضرورة إرغام أصحاب المشاريع على اللجوء إلى استعمال الخرسانة الجاهزة للاستعمال من أجل ضمان جودة الإنجاز والقضاء على مشاكل الندرة والمضاربة التي تعرفها بعض مواد البناء ومنها الإسمنت. من جهته، أكد مجيد مداحي الرئيس المدير العام لمجمع "غرانيتكس" والمختص في مواد البناء والخرسانة الجاهزة، أنه من الخطإ الاستمرار في الاعتماد على مؤسسات الإنجاز الأجنبية، مشيرا إلى وجود مؤسسات إنجاز جزائرية عمومية وخاصة تمكنت من إنجاز مشاريع بمقاييس ذات جودة عالمية ووفق أحدث التقنيات المحافظة على البيئة والتي تضمن اقتصاد كميات هائلة من الطاقة تصل إلى أكثر من 40 بالمائة من الكهرباء والغاز المستعمل من طرف الأسر الجزائرية. وشدد الخبير الفرنسي جون ليك هيرنانديس، المختص في مجال الإنشاءات الهندسية المختلفة، في حديثه ل"الشروق" أن اعتماد الجزائر على التقنيات الحديثة المتناسبة مع الطبيعة والمناخ الجزائري، عند إقامة المشاريع العقارية سيمكنها من اقتصاد كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية والغاز والمياه، مع ضرورة الحرص على إشراك الكفاءات المحلية التي لها معرفة ودراية كبيرة بالوضع المحلي.