النخبة العربية تشاطر الرئيس بوتفليقة أحزانه سوريون ومصريون، سياسيون .. عسكريون .. فنانون .. رجال دين، جميعهم تأثروا بشدة للمصاب الجلل الذي ألم بالرئيس في فقدان والدته الكريمة، ودفعتهم آلامهم للبحث عن وسيلة ينفسون من خلالها عن آلامهم لآلام قائد عربي يحترمونه ويحبونه، فلم يكن أمامهم سوى "الأمة العربية" التي يرون فيها الصوت الجزائري الوحيد والمضمون داخل وخارج الوطن من أجل إيصال رسالتهم للأمة الجزائرية وقائدها. ما إن انتشر خبر وفاة والدة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حتى تفجرت عاصفة من المشاعر قلما تحدث في المشرق العربي، فتحولت المناسبة إلى حدث يستحق الوقوف أمامه بكثير من التحليل والتعليق .. قلوب اعتصرت ألما وأخرى شعرت بأن الفاجعة شخصية .. وما يزيد من سخونة الموضوع أن المشاعر لم تفرق بين سياسي متقاعد أو مجاهد كبير أو فنان محترم أو داعية دين، فوحد الحزن النجوم والمشاهير الذين يمثلون النخبة في العالم العربي، الأمر الذي يؤكد أن الحب والوفاء للرئيس والشعب الجزائري تخطى حدود الوطن، مشاعر عبرت عن صدقها عندما تخلى أصحابها عن الأساليب والأعراف المتداولة في مثل هذه المناسبات، فأولئك لم يرسلوا ببرقيات التعازي للسفارات الجزائرية ببلدانهم، بل حرصوا على إيصالها يدا بيد للرئيس، ليؤكدوا مدى حبهم وتضامنهم معه في المصاب. لكن ما الذي زرع تلك المشاعر في قلوب أولئك الناس؟، ولماذا يصرون على توصيل صوتهم للرئيس بأي ثمن؟، وهل هناك مصلحة ما من وراء هكذا تصرف، بالتأكيد فرضية المصلحة لا وجود لها على الإطلاق، لأن معظم المعنيين يحتلون مراكز مرموقة في أوطانهم وحققوا من المجد والشهرة ما يغنيهم عن ارتداء عباءة التنمق، أما عن مشاعرهم .. فلندعهم هم يعبرون عنها في السطور القادمة، يبقى الإصرار على توصيل الصوت إعلاميا، واختيارهم ل "الأمة العربية" تحديدا للتكفل بتلك المهمة، وهنا علينا التوقف قليلا.. فهذا المولود الإعلامي الذي لم يكمل عامه الأول بعد بات يحظى بمكانة لائقة بالإعلام الجزائري في المشرق العربي، وبات محل ثقة شخصيات ليست راضية على الديكور الذي يخيم على الإعلام العربي بوجه عام، لكن أولئك الناس عندما طالعوا "الأمة العربية" في الشهور القليلة الماضية تأكد لهم أنها الوسيلة الأمثل والأنقى ليبثوا على صفحاتها مشاعر لا تقدر بثمن، وهذا شرف نعتز به ويجعلنا نفخر برسالتنا وأدائنا. وعندما يحزن مجاهد التقى بالرئيس في ميادين القتال، أو سياسي عرف وزير خارجية الدولة الثورية عن قرب.. أو داعية دينية مناهض للعنف والإرهاب ويعرف ما قدمه الرئيس من أجل لم شمل الأمة ووأد الفتنة.. أو فنان ملتزم سخر فنه من أجل نصرة القضايا العربية، عندما تتحرك مشاعر أولئك بتلك القوة، فلا شك أنهم يريدون توجيه رسالة أقوى لأعداء الأمة والمتربصين بها، يعبرون من خلالها عن تضامنهم وتلاحمهم مع قائد وأمة تواجه تحديات وضغوط جسام . أحمد سعيد : قلوبنا وعقولنا معك نبدأ مع الإعلامي المصري الشهير "أحمد سعيد" الذي جلجل صوته في إذاعة "صوت العرب" لعقود، وكان بمثابة صوت ثورة التحرير الوطني منذ بدايتها وحتى الاستقلال، والذي يوجه رسالة للرئيس يقول فيها: قلوبنا وعقولنا معك .. لطالما حاولنا إيصال صوتنا لك منذ سنين طويلة، لكي نشكرك على وطنيتك وعروبتك التي لا غبار عليها، لكننا لم نجد لذلك سبيلا .. وكنا نود أن نخاطبك بلغة الفرح والسعادة التي اعتدت على تقديمها لشعبك وأمتك، لكن المناسبة الأليمة تجبرنا على الحزن لحزنك، لكننا لا نملك إلا التضرع لله بأن يعيد البسمة لثغرك وللشعب الجزائري والأمة العربية. أحمد طوغان : صدق مشاعرك يخيفنا عليك رسام الكاريكاتور المصري الشهير "أحمد ثابت طوغان" الذي سجل إسمه كأكبر من قدموا رسوما كاريكاتورية عن ثورة التحرير الوطني في العالم، والذي عمل كمراسل حربي لجريدة" الجمهورية "المصرية طوال الثورة، حيث عاش على جبهات القتال ورافق الثوار في معظم المعارك، يقول : نعزيك فخامة الرئيس ونعزي أنفسنا في هذه الفاجعة التي ألمت بنا، فمن يعرفك ويعرف صدق مشاعرك وأحاسيسك يخاف عليك من أي مصيبة، نحن نعرف أنك رجل قوي لكن عطفك على كل كبير وصغير وحبك لأمتك، وعمرك الذي تفنيه من أجل وطنك، يجعلنا متأكدين أنك حزين بشدة لفقدان الأم رحمها الله، ندعو الله أن يجعلها آخر الأحزان، وأعانك الله وسدد خطاك . سعد زغلول فؤاد : أثق بك أيها المقاتل الشجاع شيخ الفدائيين العرب الذي قاتل في كل ميادين الوغى، فلم يترك ثورة أو حركة تحرر إلا وحمل السلاح من أجل نصرتها، إنه المجاهد المصري الكبير سعد زغلول فؤاد الذي قاتل في صفوف ثورة التحرير قرابة الأربع سنوات، وشاءت الظروف أن التقى بالرئيس بوتفليقة أكثر من مرة في رحلة الجهاد، إنه الرجل الذي طالما تلطخت يداه بدماء المستعمرين والمعتدين، وهو نفسه الرجل الذي لم يتمالك نفسه من البكاء لأنه – حسبه – يحب الرئيس بوتفليقة، حد قوله أنه لن يتأخر في التضحية بحياته من أجله، فيقول : كثيرة هي الأحزان التي مرت عليك، لكنك كل مرة تخرج أكثر قوة وصلابة، أنا أثق بك أيها المقاتل الشجاع، وأعرف أنك أقوى من الأحزان، أعرف أن المرحومة أمك كانت النور الذي تهتدي به، لكن لا تنسى أن إخلاصك ووفائك خلق لك آلاف الأمهات والآباء والأخوة في العالم العربي من شرقه إلى غربه، أنت لست وحيدا .. أنت إبن الأمة البار، وأب للشعب العربي الذي يفخر بقيادتك وحكمتك. عادل عبد الناصر : الملايين يترحمون على والدتك شقيق الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الدكتور "عادل عبد الناصر حسين" الذي كشف في حواره ل"الأمة العربية" منذ أيام قليلة عن أسرار العلاقة التي ربطت الزعيم الراحل بالرئيس بوتفليقة، وهو أيضا أحد أهم الشهود على الدور الذي لعبه الرئيس في كل المحن التي مرت بها الأمة العربية، يقول : هذا قضاء الله فخامة الرئيس، ففي الوقت الذي كنا نحتفل به بعيد استقلال الجزائر الحبيبة، جاءنا الخبر الذي أحزننا وأثر فينا بشدة، كلنا في مصر نشاطرك الأحزان، وكلنا نترحم على والدتك الغالية التي أنجبت الإبن البطل، وبفضل عملك الصالح تتلقى والدتك الكريمة الأدعية من ملايين العرب الذين شرفتهم ورفعت هاماتهم . رجال الدين والسياسة يشدون من أزر الرئيس لم تقتصر التعازي على رفقاء السلاح، بل امتدت لتشمل رجال الدين والدعاة الذين باركوا وأيدوا مساعي المصالحة الوطنية والبرامج التي سنها الرئيس بوتفليقة لإخماد نار الفتنة وإعادة اللحمة للشعب الجزائري، والتي يعتبرونها النموذج الأمثل للقضاء على الصراعات الداخلية التي تمزق البلدان العربية، لكن رسائلهم حملت طابعا آخر . الداعية السوري الكبير الدكتور "محمد سعيد رمضان البوطي" يقول : سيادة الرئيس.. لا شك أنك مؤمن بقضاء الله وقدره، وأكثر الناس استسلاما للمشيئة الإلهية، نعزيك ونرجو الله أن يتغمد المرحومة برحمته، ونطلب منك أن تواصل ما بدأت، الأمة في خطر، وأنت أحد أهم ركائزها، نرجوك وإن كانت المناسبة لا تسمح أن تقطع دابر الفتنة وأن تواصل تأكيدك للأعداء أننا أمة واحدة موحدة في وجه مخططاتهم وحيلهم الشيطانية، وستجدنا إن شاء الله كلنا معك في السراء والضراء . أما الداعية السوري الدكتور "صلاح كفتارو" نجل مفتي سوريا الراحل "أحمد كفتارو" ورئيس مجمع كفتارو الذي يضاهي الأزهر الشريف في المكانة الدينية والعلمية حاليا، يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون، تعازينا القلبية للأخ والزعيم عبد العزيز بوتفليقة، وندعو الله أن يتغمد الفقيدة برحمته، وأن يخرج الشعب الجزائري من أحزانه، وأبلغك فخامة الرئيس عميق شكري لكم على احترامكم للعلماء، والمجهودات التي تبذلونها من أجل العلم، ونتمنى كمواطنين عرب أن تواصل قيادتكم الرشيدة مشوارها الصعب من أجل إعادة أمجاد هذه الأمة. أما الداعية الإسلامي الشهير ومراقب عام مجلس الشعب السوري الدكتور "محمد حبش" فيقول : أقدم التعازي باسمي وباسم الشعب السوري لسيادة الرئيس بوتفليقة، ونرجو الله أن تمر هذه الأزمة سريعا، فالشعوب العربية تخاف بشدة من تغيب زعاماتها القوية والمؤثرة ولو للحظات، نعم نعرف أنكم بشر تتأثرون وتحزنون، لكن العبء الملقى على كاهلكم، والابتلاء الصعب يجعلكم مضطرين لتسخير عيونكم وعقولكم وقلوبكم من أجل الأمة التي يتربص بها الدوائر أعداؤها من الداخل والخارج . مصاب الرئيس وحد الفنانين العرب على قلب رجل واحد كبار الفنانين العرب لم يتغيبوا عن المناسبة الأليمة، لكن الغريب أن الحزن وحد مشاعرهم . الفنان السوري "دريد لحام" الذي سخر عمره وموهبته في خدمة القضايا العربية، ومواطنه الفنان "أسعد فضة" كبير الفنانين السوريين، والفنان "جمال سليمان" صاحب رائعة "صلاح الدين الأيوبي"، والفنان "عابد فهد" صاحب المسلسل الشهير "الظاهر بيبرس"، والفنانة "منى واصف" التي لعبت دور "هند بنت عتبة" في فيلم "الرسالة"، جميعهم عبروا عن بالغ حزنهم وتأثرهم بوفاة والدة الرئيس، وجميعهم حرصوا على تحميلنا تعازيهم الخالصة لأسرة الرئيس والشعب الجزائري . ومن دمشق إلى القاهرة، حيث تزاحمت تعازي أهل الفكر والإعلام والفن، وحيث كان الحزن مخيما على صوتهم ونبرات صوتهم، فالفنان العالمي "عمر الشريف"، والفنان القدير "محمود عبد العزيز" صاحب رائعة "رأفت الهجان"، والملحن الشهير "عمار الشريعي"، والفنانة القديرة "ماجدة الصباحي" التي جسدت دور المجاهدة "جميلة بوحيرد" في فيلم الراحل "يوسف شاهين"، والفنانة الملتزمة "عفاف شعيب" التي تكن حبا من نوع خاص للجزائر، إضافة إلى الإعلامي الشهير "يسري فودة" الذي اشتهر ببرنامجه عبر قناة الجزيرة "سري للغاية"، والإعلامي الشهير "عمرو الليثي"، كلهم وغيرهم من نجوم الفن والثقافة والإعلام اتصلوا بنا طالبين إبلاغ تعازيهم القلبية للرئيس، وكلهم حرصوا على مشاطرته أحزانه . ومن جهتها تتقدم "الأمة العربية" بالشكر لأصحاب هذه المشاعر النبيلة، وبقدر ما تحمل المناسبة من ألم، إلا أنها كشفت عن مواطن الأمل في أمة لم تمزقها الأسلاك ولم تخضع لمخططات أعدائها، فظلت وستبقى أمة واحدة في المحن والأزمات .