مع كون شهر رمضان شهر توبة وعبادة وتقرب من المولى عز وجل ،إلا أن العديد من الجزائريين إن لم نقل الكثيرين يجدون في هذا الشهر الفضيل فرصة للملذات ولملئ البطون حتى التخمة بما لذ وطاب من الاطباق والمأكولات المتعددة، حتى ان كثير منهم يلجأ إلى الاستدانة أو الاقتراض، وهناك من بلغ به الامر لأمن يبيع بعض مقتنياته المنزلية وفي حالات حلي النساء أو رهنهن بقصد توفير الاموال الكافية لذلك. قد يكون ما يؤكد ذلك اكتظاظ الأسواق صباح مساء بكل فئات المواطنين للتبضع، نساء ورجال يسودون الاسواق والارصفة لشراء كل ما إشتهته أنفسهم من المعروضات المختلفة، متبضعون لا يبالون بالاسعار ولا بقدرتهم الشرائية فكل ما يهمهم هو اشباع لذة البطن وببذخ برغبة في الحصول على كل شيئ ولو بالاستدانة. إستدانات للحاجة .. وأخرى لاشباع الشهوة السيد "فوضيل" كشفت أنه وعديد زملائه في العمل يجؤون للاستدانة، من اجل شراء مأكولات هذا الشهر الفضيل وعلل ذلك بأن أسرته تعتبر كبيرة نوعا ما حيث يبلغ عددها 07 وكلهم يتمدرسون من الابتدائية إلى الجامعة ولذا يلجا الاستدانة وقال "إن مرتبي الشهري والذي لا يتجاوز 15 ألف دينار لايكفي لشهر عادي بكامله فما بالك بشهر رمضان"، وأضاف لنا بأن اغلب ما يقتنيه اليدين الذي عليه هو من محلات البقالة المجاورة. إن متابعتنا لواقع الجزائريين في سائر العام وتحديدا في هذا الشهر الفضيل أكد لنا بان جل الجزائرين يلجأون للاستدانة من أجل أسباب مختلفة فبحسب ما كشف لنا عنه "علي" أنه قد لجا للاستدانة لرمضانين الماضين والحمد لله فهذه السنة لم يلجا لها وقال لنا أنه في رمضان لا يدري كيف يجد نفسه واقعا في الاستدانة، حيث أن اقباله على تلبية حاجات مختلفة تخص تحضير بعض الاطباق الرمضانية تدفع به إلى شراء مستحضراتها والتي ترتفع اثمانها لمبالغ قياسية في هذا الشهر الفضيل، ك "العينة"، "اللحم" وبعض انواع التوابل والبهارات وكثير من الخضر والفواكه، وأضاف كما ان حضور الضيوف من العائلة والأصدقاء يدفعنا لسلوك هذا السبيل. أما السيدة "ريم" فقد أعربت لنا عن أنها كانت من الذين يستدينون في شهر رمضان وقالت لنا لقد استدانت العام الماضي مبلغا معتبرا من البنك قبيل شهر رمضان في اطار القرض الاستهلاكي لكن هذا العام سوف تقلل التكاليف خاصة مع قرار منع القروض الاستهلاكية "الامة العربية" إتصلت بالدكتور تاعوينات علي بقصد أخذ رأيه في هذا الموضوع أكد لنا ان بعض هذه التصرفات تعتبر عند البعض طبيعية وهذا لارتباط الامر بالطموح وكذا بعض التقاليد الجززائرية المترسخة لدى البعض، كما ان ان هناك ظاهرة التقليد فالصديق يقلد صديقه في شراء بعض المقتنيات وهذا ما يبعد التفكير العقلاني لدى الكثيرين في التعامل مع المصاريف اليومية لرمضان، وقال الدكتور تاعوينات ان امر الاستدانة بعتبر منطقيا بالنظر إلى إقبال الاسر على التبضع لشهر رمضان خاصة وأن الكثير من الاباء ايضا يدفع للاستدانة بقصد تلبية رغبات الابناء، وقال تاعوينات كما ان من الامور التي تدفعنا للاستدانة هي قضية الحكم بالعاطفة لدى الجزائريين في تصرفاتنا عامة، هذا ما يدفع بالبعض غلى التقليد "المعاندة" ما يعني بشكل آخر قضية تقليدية اخرى هي المباهات بين الناس، كما اكد تاعوينات ان بعض الجزائريين لايوجد لديهم بعد نظر حيث تغلب الشهوة الانية فيسيرون بعقلية "أحييني اليوم واقتلني غدا"، و كما نبه ذات المتحدث إلى أن البعض لديه عقدة النقص حيث يصاحبه شعور أنه لليس مع قدم المساواة مع الاخرين دوما فتجده يجهد جاهدا في محاولة إخفاء هذا الامر بمحاوة رفع مستواه المادي. وأشار الدكتور إلى أن دور التقليل من هذاه المظاهر التي قد تكون سلبية وخطيرة يعود بالاساس للاعلام الذي يجب ان يسارع لتنبيه على هذه الظواهر، وقال الدكتور بشأن بذخ البعض في رمضان حد التبذير برغم وجود افراد آخرين قد لا يجدون ما يفطرون عليه هو ضعف رابط التكافل الاجتماعي الذي ينموا ويتقوى بوجود الانسان الناضج، وقال أن الهروب مدرسة والمؤسسات الاجتماعية والرسمية من دورها هو من عمق هذا الظواهر السلبية وغياب التكافل الاجتماعي. اما الشيخ عبد اقادر حموية إمام مسجد نادي الاصلاح ببلوزداد أن إقبال الناس على الاستدانة قد يكون طبيعيا بالنظر غلى القدرة الشرائية للمواطن لكن إقبال بعض المواطنون على الاستدانة بقصد اشباع شهوة البطن وبمبالغ قد تكون عالية يعكس سطحية التفكير لديهم برغم كون عددهم محدود في مجتمعنا فهم اناس يكلفون انفسهم خارج دائر التكليف فالله امرهم بترك الشهوات غير انهم تعاملو مع الأمر الالهي كما تعاملت بنوا اسرائيل في قصة يوم السبت، حيث انهم يؤجلون شهوتهم لما بعد الغروب وأضاف هذا خروج عن امر الله كما انه نوع من التبذير خاصة وان كميات كبيرة من المأكولات التي يحضروها وتبقى ترمى في المزابل، وأشار الشيخ إلى ان شهر رمضان هو زمان مقدس يقبل المؤمن فيه بالطاعات بينما هؤلاء حولوه إلى زمان انشغال بالدنيا والشهوات ولو بطريق الاستدانة.