بعد موافقة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف تبني تقرير القاضي اليهودي ريتشارد غولدستون الذي يدين إسرائيل على ارتكابها جرائم حرب خلال عدوانها الأخير على غزة، والذي أسفر عن استشهاد أكثر من 1400 مدني فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، أثار هذا الموقف ردة فعل قوية من قبل واشنطن و اسرائيل، من خلال اعتراضهما على التقرير، معتبرين إياه عاملا معرقلا لعملية السلام المزعوم . في الوقت الذي أعربت فيه دولة الاحتلال وعدد من حلفائها من الغرب على رأسهم الولاياتالمتحدة عن صدمتهم من تبني القرار، لا سيما وأنها تعودت على صمت الأممالمتحدة على جرائم إسرائيل المرتكبة في حق المدنيين العزل في الأراضي المحتلة طيلة ستين عاما، رحبت الدول العربية والإسلامية وكذا الكثير من الدول الغربية، بتبني القرار آملة أن يمضي تقرير غولدستون إلى نيويورك دون عراقيل في إشارة منها إلى استخدام الولاياتالمتحدة حق الفيتو، وأن يقدم قادة إسرائيل إلى المحاكمة باعتبارهم مجرمي حرب، نظرا لما ارتكبوه من مذابح في حق مدنيين فلسطينيين، والتي لم يشهد لها التاريخ البشري مثيلا. ففي أول ردة فعل لها، ادعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أن الموافقة على تبني التقرير يضر "بجهود حماية حقوق الإنسان وجهود نشر السلام"، في حين أن آلياتها العسكرية وفي ظل حكومة نتنياهو المتطرفة، تقوم يوميا بتهديم المئات من المنازل الفلسطينة، لتبني على أنقاضها المستوطنات الإسرائيلية، إلى جانب الغارات الجوية التي تقوم بها من حين إلى آخر على قطاع غزة ، بحجة إطلاق حماس لصواريخ على إسرائيل، ملوحة بتجاهله تحت ذريعة أنها "ستواصل تطبيق حق الدفاع عن النفس". كما زعمت وزارة الخارجية لدولة الاحتلال، أن تبني التقرير من قبل مجلس حقوق الإنسان الدولي" يضر بالجهود المبذولة لحماية حقوق الإنسان التي تتفق مع القانون الدولي، وكذلك بجهود نشر السلام في الشرق الأوسط"، في الوقت الذي يقوم فيه متطرفون يهود بتدنيس باحات الأقصى، تحت حراسة ومباركة الشرطة الإسرائيلية التي منعت المصلين الفلسطينيين من تأدية صلاتهم في الأقصى، فضلا عن الحفريات التي تقوم بها تحت الأقصى، والتي تدخل في إطارسياسة تهويد القدس، وهو الأمر الذي أشار إليه نتنياهو في تصريحاته مرارا ، بأن الاعتراف بيهودية إسرائيل ، هو شرط أساسي قبل الدخول في أية مفاوضات مع الفلسطينيين . من جانبه ادعى وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي قائلا : إن "الجيش الإسرائيلي تعامل مع الأبرياء بقفاز من حرير" خلال العدوان على غزة. واصفا قرار المجلس الأمن بشأن التقرير ب " مهزلة دبلوماسية" في حين أن العالم بأسره يشهد على المجازر الفظيعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حق نساء ، أطفال وشيوخ غزة ، من خلال استخدامهم كدروع بشرية ، فضلا عن استخدام أسلحة محظورة دوليا في حقهم ، من بينها الفسفور الأبيض، والتي أثبت تقرير غولدستون استخدام إسرائيل لهذا النوع من السلاح ضد المدنيين في القطاع .حيث يتهم القاضي جولدستون الذي لم تمنعه جذوره اليهودية ، من إدانة إسرائيل ، بأنها استخدمت القوة المفرطة ضد الفلسطينيين وقتلت 1400 خلال العدوان ناهيك عن الحصار الاقتصادي المفروض على القطاع، إلى جانب تدمير البنى التحتية لغزة تدميرا كليا .