يشهد المجتمع الجزائري انتشارا ملحوظا فيما يخص الجرائم السلوكية والتي تمثل الاعتداءات على الأسرة والإخلال بالآداب العامة، وأهم هذه الجرائم كانت الفعل المخل بالحياء والذي ارتفعت نسبته إلى 82 بالمئة سنة 2008 مقارنة ب 2007، مشكلة بذلك 44 بالمئة من مجموع الاعتداءات ضد الأسرة والآداب العامة التي غدا المجتمع الجزائري يشهد فيها أزيد من 4 حالات يوميا. إن ما يعيشه المجتمع الجزائري من تراجع كبير في احترام العلاقات الشخصية وتضخم في السلوكات المنحرفة وبروز عديد المظاهر التي كانت ولا زالت تعتبر طابوهات تشكل هاجسا كبيرا لدى أفراد عديدين من المجتمع، حيث كشفت مصالح الشرطة القضائية للدرك الوطني في عرض لحصيلة جرائم القانون العام أنه تم وضع 1591 قضية خاصة بالاعتداءات ضد الأسرة والآداب العامة العام الفارط، تورط فيها ما يربو عن 2482 شخص تم إيداع 1354 منهم السجن، وقد شكّلت جرائم القانون العام 8 بالمئة من جرائم القانون العام المنتهكة سنة 2008 وبذلك سجلت انخفاضا مقارنة مع سنة 2007 ب 12 بالمئة. إن هذا الانخفاض المحسوس لم تشهده جميع الجرائم المكونة لانتهاكات القانون العام؛ بل إن هناك ارتفاعا محسوسا في مكونه الأساسي والمتعلق بالأفعال المخلة بالحياء والتي مثلت 44 بالمئة من الاعتداءات، مسجلة بذلك ارتفاعا ب 82 بالمئة مقارنة مع سنة 2007، حيث تورط فيها 1000 فرد كانت حصيلة الأحداث منها 233 حدثا، بينما تورط أيضا 93 من الأيادي الناعمة. يعتبر التفسخ الأخلاقي ظاهرة مستشرية يعيشه المجتمع الجزائري في شتى الأماكن والبيئات انطلاقا من البيت إلى المدرسة، الجامعة فالمعمل أو مكان الوظيفة وحتى في مساحات الترفيه والراحة، فعديدة هي المظاهر التي أخذت تستشري في جسد المجتمع الجزائري وتنخر في شتى أنحائه. فإلى غاية السنوات الماضية كان الحديث عن الزنا، الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، زنا المحارم والتي يتعرض لها الراشدون أو القصّر على حد سواء طابوهاً لا يجرؤ أحد على اقتحامها أو الخوض في غمارها، لكنها الآن تحولت إلى واقع معيش يجب مواجهته بكل الأساليب بعد أن صارت الجزائر تسجل أزيد من 4 جرائم اعتداء على الأسرة وإخلال بالآداب العامة وما يقارب جريمتين جنسيتين كل يوم وهو رقم مخيف فعلا في مجتمع يُعتقد أنه محافظ كالمجتمع الجزائري، ناهيك عن الحالات التي لا يصرح بها إما لبعدها عن أعين الأمن أو خوفا من الفضيحة. المتتبع لتطور هذه الجرائم ومعدلاتها التي تتزايد يوما بعد يوم يلاحظ مدى خطورة الحال وضرورة النظر في الوسائل الردعية الكفيلة بالحد من انتشارها، حيث إن الجرائم الجنسية بأشكالها المتعددة لم ينج منها أحد، رجلاً كان أو امرأة أو قاصرا، فبعض مرضى النفوس يُقدمون على ارتكاب أي فعل غير سوي مهما بلغت درجة وحشيته في سبيل إرضاء شهواته الدنيئة أحيانا باسم الحب والعشق أو الرغبة والنزوة الآنية وأحيانا عن طريق الإغراء والمراودة وأحيانا أخرى باستعمال العنف أو باللجوء إلى الاختطاف، هذا ما أنتج بدوره أشكال أكثر خطورة كثيرة كزنا المحارم والشذوذ. ولعل غالب ما نلمسه في جرائم الأفعال المخلة بالحياء والآداب العامة هو تعلّقها بمشبك العلاقات العاطفية أو حسن النية التي تربط الشاب بالفتاة، حيث يقوم الكثير من الشبان باستدراج الفتيات إلى شباكهن واللعب بعواطفهن ومشاعرهن وبخاصة المراهقات منهن واللائي لم يبلغن سن الرشد، حيث يدخلون معهن في علاقات حميمية ظاهرها الحب والغرام والوعود الصادقة بالزواج والحياة السعيدة الأبدية وباطنها المقصد الجنسي الحيواني البشع لإشباع نزوات آنية دنيئة باسم الغرام والهيام، لتكتشف الضحايا بعد مدة ليست بالطويلة بأنهن لم يكنّ سوى أداة لإشباع غريزة حيوانية!!