عندما دخلت على المواقع الرياضية والمنتديات المصرية، وقرأت ما يقوله الشباب المصري عن مباراة الجزائر المصيرية، ثم تصفحت الصحف التركية وهي تتحدث عن المباراة التاريخية لتركيا أمام أرمينيا، تأكدت أن الفارق بيننا وبينهم كبير جدا. فللأسف الشديد، أجد تعصبا كبيرا وغير مطلوب من جانب الجماهير المصرية تجاه المنتخب الجزائري وتهديد ووعيد للاعبيه بأسلوب لا ينتمي للمصريين المعروفين بالشهامة و"الجدعنة" وكرم الضيافة. ولا يصح أن نهدد الإخوة الجزائريين بأشياء غير أخلاقية وأن نعتقد أن هذه الأمور ستكون طريقنا للمونديال، فنحن لا نريد الوصول بأساليب غير شرعية، ولكن بإذن الله بالفوز المستحق، لأننا الأفضل فنيا. فهنا في تركيا استغل القادة السياسيون المباراة التي جمعت بين تركيا وأرمينيا في ختام تصفيات كأس العالم، لإنهاء حالة من الخصام والعداوة بين البلدين استمرت لمائة عام كاملة. واستغل رجال السياسة، وخاصة في تركيا البلد المضيف، كرة القدم في شيء إيجابي من خلال مبادرة رائعة أدت لصلح الدولتين وتوقيع اتفاقيات تعاون في كافة المجالات والسفر بين الدولتين بدون الحصول على تأشيرة. ولكن نحن للأسف على العكس تماما، نستخدم مباراة في كرة القدم لإشعال حالة من الخصومة والنزاع بين مصر والجزائر دون سبب مفهوم، وقد يدخلنا هذا التعصب في أمور لا يحمد عقباها من أجل مباراة في كرة القدم، حتى وإن كانت ستصل بالفائز بها لكأس العالم، لأنه ليس نهاية المطاف وهناك العديد من الأمور أهم منه كثيرا مثل الوحدة العربية وعدم تفككها. ولعل منتخبات مثل أنغولا وتوغو، وصلت إلى كأس العالم ولم تحقق أي شيء يذكر وتراجع مستواها بشدة بعد البطولة، أي أن الوصول للمونديال مهم، ولكن الأهم هو الوصول بشرف وتحقيق نتائج إيجابية في البطولة. والفارق بيننا والأتراك أو الأوروبيين بصفة عامة، أنهم يستخدمون الرياضة للبناء، ولكننا نستخدمها للهدم، هم يستخدموها لتقريب الشعوب ونحن نستخدمها للتفرقة بيننا. ولعلي أسأل الجماهير المصرية لماذا تريدون أن تحوّلوا مباراة في كرة القدم إلى معركة بين شعبين عربيين، بأمور لا تقبلها الأخلاق ولا الأديان السماوية؟ ما سيرهب لاعبي الجزائر فقط، هو التشجيع الحماسي داخل الملعب قبل المباراة وطوال التسعين دقيقة بكل أدب وأخلاق ودون الخروج عن النص. خضنا مئات المباريات في تصفيات كأس العالم وتأهلنا مرتين وخرجنا من التصفيات مرات عديدة، فماذا سيحدث لا قدر الله لو لم نفز على الجزائر؟ إنها لن تكون نهاية العالم بالنسبة لنا، ولكن يجب أن نستمر كما نحن شعب محترم وكريم ولا يثير المشاكل، لماذا نريد أن نصبح شعبا عنيفا و"قليل الأدب" ومثيرا للمشاكل، رغم أننا لسنا كذلك؟ فأهم ما يميزنا، هو طيبة الشعب المصري ولعلي أقص عليكم سريعا حين أحضرت معي من تركيا سائقي الخاص لزيارة مصر وتفقد معالمها السياحية. ورغم إعجابه الشديد بالآثار والأهرامات ونهر النيل، إلا أن أشد ما لفت انتباهه هو موقف حدث له عندما ذهب لشراء "أيس كريم"، فوجده البائع أجنبيا ويحمل دولارات فقرر إعطاءه "الأيس كريم" مجانا كترحيب منه له في مصر. ورغم مرور العديد من السنوات، إلا أنه لم ينس هذا الموقف ودائما ما يحكيه للأتراك عن طيبة الشعب المصري وكرم ضيافته التي يراها أهم كثيرا من الآثار والأهرامات. لذلك، أناشد الجماهير المصرية بالتمسك بعاداتهم وتقاليدهم وألا يغيروها، فنحن نمتلك مبادئنا وأخلاقنا التي يجب ألا نتخلى عنها، لأنها جزء من تاريخنا ولن يصبح لنا أي هوية. وأؤكد للجمهور المصري أن كل ما يقولوه من تخويف وترهيب لاعبي الجزائر لن يؤثر فيهم، لأنهم يعلموا أن هناك أمنا مسؤولا عن حمايتهم ولن يحدث لهم أي مكروه، سواء قبل المباراة أو أثنائها أو حتى بعدها. بل وربما يتمنون أن يثير الجمهور المصري الشغب أثناء المباراة حتى يتم إلغاؤها وإعادتها، مثلما حدث لنا أمام زيمبابوي عام 93، أو يتم احتساب نتيجتها لصالحهم حتى لو كنا فائزين. وفي رأيي، أنه يجب تدخل كبار القادة السياسيين في مصر لعمل هدنة مع نظرائهم في الجزائر لتهدئة الجمهور على خير، وتوجيه الناس للحب والتآلف والتماسك، وليس للمعاداة والتفكك وحتى تمر المباراة على سلام ونبارك للمتأهل منهما لكأس العالم ليكون خير ممثل للعرب.