رغم أن زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري المرتقبة والقريبة إلى دمشق، تأتي ضمن جولة عريبة، إلا أنها تبقى، حدثا وومنعطفا أساسيا في المسار السياسي اللبناني وفي العلاقات اللبنانية السورية، لا سيما علاقات 14 مارس مع دمشق، التي وصلت خلال السنوات الأربع الماضية إلى مراحل متقدمة جدا من العدائية تجاه دمشق. وتأتي زيارة الرئيس اللبناني إلى العاصمة السورية على خلفية الدور الإيجابي الذي لعبه الرئيس السوري بشار الأسد، في تسهيل عملية إنشاء الحكومة اللبنانية بعد أزمة دامت قرابة خمسة أشهر وباعتراف لبناني بهذا الدور الإيجابي، وللتأكيد على حرص لبنان على طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة مع سوريا مبنية على العلاقات الحسنة بين البلدين. ويرى المحللون السياسيون أن التقارب السعودي، السوري وقمة الأسد، عبدالله، كانت الانطلاقة الأولى في تصحيح علاقة الحريري بدمشق وبنائها على أسس سوية من جديد وفتحت الباب أمام الزيارة،كما أن تشكيل الحكومة هوالآخر ساهم في الوحدة الوطنية، حيث كان آخر المساهمين في فتح أبواب دمشق أمام الحريري لزيارة قريبة وجعلها طبيعية، زيارة الرئيس ميشال سليمان، منذ أيام إلى دمشق بعد تشكيل الحكومة. كما يرى المراقبون أن زيارة سعد الحريري إلى دمشق، تكتسب أهمية كبيرة، وستكون لها انعكاسات إيجابية كبيرة على مستقبل الوضع اللبناني، لأنها ستعطي دفعاً قوياً ودعماً لحكومة الحريري الأولى، بما يفتح صفحة جديدة في العلاقات مع القيادة السورية؛ التي ستكون متقدمة على العلاقة التي كانت قائمة لعشرات السنين بين دمشق ووالده الراحل رفيق الحريري. أيضا ستؤدي هذه الزيارة، إلى فصل فعلي بين قضية اغتيال الحريري الأب التي يوجه الحريري الابن وحلفاؤه في فريق 14 مارس أصابع الاتهام لدمشق بضلوعها في العملية، وبين العلاقات اللبنانية، السورية عموماً، بحيث تترك المهمة للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان لكشف حقيقتها. ويشير المحللون السياسيون إلى أن لبنان يقف الآن، على أبواب عهد جديد في ظل الحريري الابن، كتلك التي سادت أيام الحريري الأب، والتي كان يرعاها توافق سوري، سعودي، حيث عاش لبنان في كنفه نحو15 عاماً من الاستقرار والأمن . وعليه يعتبر المحللون أنه سيكون من نتائج زيارة الحريري لسوريا، زوال التوتر والتشنج المذهبي السائد في لبنان، خاصة بعدما بدأت العلاقة تتطور إيجاباً بين حركة "أمل" و"حزب الله" من جهة، وبين تيار "المستقبل" من جهة أخرى، بدليل دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله قبل أيام إلى تعاون مع الحكومة الجديدة، لتمكينها من تنفيذ برنامجها وتحقيق الاستقرار في البلاد.