اقتربت انتخابات مجلس الأمة، وزادت معها طموحات الأحزاب السياسية.. فمن طامح لتكوين الأغلبية، إلى معلق للآمال على التحالفات الحزبية، المثيرة للزوابع، التي بدأت مع الهزات الارتدادية للتراشق الإعلامي، من تهجم إلى احتقار، وفي بعض الأحيان النادرة الإشادة بمجهودات أو نضالات كتلة سياسية ما في المشهد السياسي الجزائري. "الأمة العربية" نقبت في مسألة التحالفات وتابعت تطوراتها عن قرب ومن خلال التصريحات الإعلامية لممثلي الأحزاب السياسية لوسائل الإعلام المكتوبة، فاستقرأت الوضع ورصدت أهم الأخبار لتكون شاهدة على الحدث عن كثب. أكد القيادي والبرلماني عن جبهة التحرير الوطني، سي عفيف، خلال تصريحاته لمختلف اليوميات، بأن الأعمال التعسفية التي تستهدف الحزب العتيد غير مقبولة في الوقت الراهن، مشيرا بذلك إلى السيدة التروتستيكية الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون في تحالفها مع "الأرندي". كما برر إقدامها إلى التحالف مع "الأرندي"، كون أن أغلبية نوابها الذين هجروا حزبها وغيّروا قناعاتهم فيما يخص النضال السياسي، قد توجهوا إلى بيت الحزب العتيد، متهمة بذلك الجبهة بالتحريض على الانقلاب ضدها، مبرزا في ذات السياق بأن هذا التحالف لن يؤثر على حظوظ جبهة التحرير الوطني ولا من قوتها. كما أشار إلى أن هذا التحالف أعطى فرصة للرأي العام ومناضليها للتعرف على العقلية التي تفكر بها قيادة حزب العمال، الذي تخلى عن مبادئه وتوجهاته الإيديولوجية من أجل مقاعد معدودة في مجلس الأمة. ولم يدع سي عفيف الفرصة تمر دون أن يشير إلى أن حنون من خلال حملتها هاته، تستهدف "الأفلان" أكثر من أي وقت مضى، ويعود ذلك في رأيه لاعتقادها بأن رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري لديه خلفيات سياسية في تعامله مع نواب حزبها فيما يخص قضية الأجور. أما زعيم حركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، فقد أبان بأن التحالفات السياسية ممارسة ديمقراطية صحية، واعتبرها من بين الوسائل الناجعة لمحاربة المال السياسي، وغلق الباب أمام التجوال السياسي، كما تساهم في استقرار الساحة واختيار العناصر الأكثر كفاءة. لكنه اعتبر بأن مشكلة الانتخابات المتعلقة بالتجديد النصفي، هي أنها انتخابات مغلقة؛ بمعنى أنها محصورة في اختيار مرشح واحد عن كل ولاية من بين الكتلة الناخبة داخل الولاية من بين المترشحين، ليقر بأن هناك تنافسا حادا بين أطراف التحالف الرئاسي أنفسهم الذين يعملون على تأمين مكتسباتهم وإضافة أرباح جديدة، ليوصي بأنه لابد من تضامن بين أطراف التحالف لضمان هذه المكاسب وعدم اللعب على المتناقضات التي تتسبب في تشتت الوعاء لفائدة مرشحي المال. أما الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، فقد نفت سعيها للاتفاق مع الحكومة من وراء اتفاقها السياسي مع "الأرندي" في استحقاقات تجديد مجلس الأمة، على الرغم من أن المصلحة العامة للبلاد تضيف حنون فوق كل اعتبار، لأن توحيد الصفوف مع السلطات الجزائرية بحاجة حسبها دائما إلى خلق جبهة للدفاع عن التحرشات التي تطال الجزائر. وأشارت حنون إلى أن حزبها لا يمكن له أن يتحالف مع جميع الأحزاب السياسية إلا في حالات استثنائية، كتحالف مع "الأفلان" بالنسبة لولايتي وهرانوالجزائر العاصمة، والتي سبق للقيادة أن أعطت موقفها بشأن منح أصوات مناضلي حزب العمال لأشخاص وصفتهم ب "الأكفاء"، والذين لم يجمعوا بين السياسة والمال، وهو ما يجعلهم حسب الأمينة العامة دائما مؤهلين لمنصب السيناتور. لتستهجن لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، ما تعرّض له حزبها مؤخرا من حملة وصفتها ب "العدائية" من طرف وجوه أفلانية معروفة، خاصة رئيس لجنة الشؤون الخارجية سي عفيف الذي رمته ب "الثقيل" رفقة قياديين لأحزاب أخرى ك "الأرسيدي" و"الأفافاس". اكتفى "الأرندي" بالإعلان عن تحالفه مع حزب العمال، القرار الذي ثمّنه الأمين العام للحزب الذي قالت عنه جهات مطلعة على بيت "الأرندي"، بأن الحزبين سيسعيان لجعله سنّة حميدة، للتشاور بينهما مستقبلا حول كل ما يخدم الجزائر ومصالحها، وذلك في كنف احترام مواقف كل طرف حيال باقي القضايا الأخرى، حيث يأتي ذلك بعد العلاقة المتينة التي أصبحت تربط بين قائدي الحزبين في الآونة الأخيرة، فضلا عن ظهور نوع من التقارب والتلاحم بين منتخبي الأرندي وحزب العمال. وبعد هذه الإعلانات والهزات الإعلامية، تتجلى الملامح الأولية للتحالفات الحزبية التي فرضها مثل هذا الاستحقاق المحوري في مسار مختلف التشكيلات السياسية في الجزائر. وعلى شاكلة هذه الخطوة الأولى من نوعها التي جمعت بين حزبين متباعدين في الاتجاه، من المتوقع أن يتم الإعلان عن باقي التحالفات الحزبية خلال هذه الأيام، حيث من المرجح أن تتحالف جبهة التحرير الوطني مع الجبهة الوطنية الجزائرية، حسب ما أسرت به مصادر مطلعة لبوابة "سكوب الجزائر" الإخبارية. كما أنه من غير المستبعد أن تدخل حركة حمس في تحالف مضطر مع حركة الدعوة والتغيير المنشقة عنها، وذلك في سبيل المصلحة الحزبية التي تجمع كل هذه التيارات السياسية في مثل هذه المواعيد الانتخابية.