يبقى الإخوان المسلمون في الجزائر من دون ممثل معين من قبل القيادة العالمية، أمام إصرار كل طرف في الجزائر على مواقفه من الآخر، إلى جانب حرصه على دعم الجماعة الأم في الخارج. وفي ظل الانشقاق الأخير وما تبعه من تشرذم على مستوى القواعد الإخوانية والأفراد، واستحالة فرض حل تنظيمي أمام هذه الأوضاع، يجد الإخوان المسلمون أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، خاصة مع ما يمثله الملف من مادة إعلامية لا تكاد تتوقف عن نهش الحركة من آن لآخر. وإزاء ذلك، يظل السؤال: "من يمثل الإخوان المسلمين في الجزائر؟" بلا إجابة حتى لدى الإخوان أنفسهم. لكن لم يبد أن الأمور قد حسمت مع هذا الموقف الصريح، فقد ظلت الاتصالات قائمة، خاصة في ظل الحرص الشديد الذي أبداه كلا المتسابقين على الفوز بشرعية الإخوان المسلمين: حركة مجتمع السلم بزعامة سلطاني، وحركة الدعوة والتغيير المنشقة عنها بقيادة مناصرة. هذه الشرعية التي تصبح في منظور أعضاء الحركتين لا معنى لها دون تزكية التنظيم الدولي لقيادة الإخوان المسلمين، ما يجعل قادة الحركتين في قلق دائم من أمرهم، توجسا من أن ينالها طرف دون الآخر. وقد تحدثت التقارير عن لقاءات محمومة يجريها ممثلون من الجهتين بأطراف متنفذة في التنظيم الدولي، إلى جانب اتصالات مع مكتب الإرشاد، خاصة بعدما أبدت شخصيات تاريخية في التنظيم رغبتها في الإسراع بمعالجة الملف. وفي إطار التحركات التي تقوم بها الأطراف القيادية الفاعلة في حمس لكسب ودّ قيادة الإخوان العالمية، لم تتوقف الزيارات التي يقوم بها الإخوان الجزائريون لعدد من مدن العالم. كما يعكس الملتقى الذي تنظمه "حركة الدعوة والتغير" في ذكرى الشيخ محمد بوسليماني، جانبا كبيرا من التسابق بين جناحي الحركة للظهور بمظهر صاحب ثقة الإخوان وللفوز بلقب "المراقب العام للإخوان المسلمين" في الجزائر. ففي الحفل، سعى ممثلو الطرف إلى حشد أكبر عدد ممكن من قادة وشخصيات الإخوان المسلمين في العالمين العربي والإسلامي، كما حرص المتصارعون على التقاط الصور. وبدت الاحتفالية أشبه بمظاهرة يستجمع فيها كل طرف قواه وأنصاره، فقد حضر ملتقى "حركة الدعوة والتغيير" التي يتزعمها عبد المجيد مناصرة، الذي فشل في جلب شخصية ذات وزن ثقيل، كل من: محمد نزال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، حاضر فيه عبر الاتصال المباشر من غزة الدكتور فتحي حماد وزير داخلية الحكومة الفلسطينية، والدكتور علي جاويش من السودان، إلى جانب مشاركة مغربية بارزة ممثلة في "حركة العدل والإحسان" المغربية. وتجدر الإشارة إلى الذكرى السادسة عشر لاستشهاد الشيخ الذبيح محمد بوسليماني الجزائري على يد الجماعة الإسلامية المسلحة، التي ساومته على إعطائها الشرعية للعمل المسلح وانخراطه معها في قيادته، ولكنه رفض ذلك وأفتى بحرمة الدم الجزائري وحرمة تمزيق المجتمع، فقتلته جماعة ال "الجيا" ذبحا وتم دفنه في مكان غير معلوم، إلى أن كشفت عنه التحقيقات بعد شهرين من اغتياله عن طريق اعتراف إرهابيين تم القبض عليهم، وأعيد دفنه في جنازة عظيمة حضرها عشرات الآلاف.