"لمجد بن لمين" فنان تشكيلي ونحّات تونسي، هاجر من الريشة والأزميل إلى القلم والورق وكتب أولى رواياته "حق العودة" ولكنه واصل الرسم لصالح الأطفال عبر الشرائط المصورة. ولد سنة 1909 بتونس العاصمة وتابع دراسته بفلورنس في إيطاليا حيث تعلم إلى جانب الإيطالية والنحت، الطبخ الإيطالي وامتهنه. في هذا الحوار نحاول الاقتراب من لمجد أكثر... - الأمة العربية: نبدأ من الغربة، ماذا الذي منحتك إيّاه إيطاليا؟ -- لمجد بن لمين: بعد إتمام دراستي، هاجرت من تونس إلى إيطاليا حيث تابعت دراسة في الفنون الجميلة، كانت فلورانس المدينة العريقة بكل زواياها تزرع رموزها الفنية داخل،ي كنت أميل إلى النحت لكن إيطاليا منحتني إضافة إلى الاطلاع على أجوائها الفنية الاطلاع على إيطاليا فكرا وأدبا. - بالمقابل، ما الذي حملته إلى العربية من إيطاليا؟ -- قمت بترجمة كتاب "الأمير" لميكيافيلي، وأنا أعتقد أن ميكيافيلي شخص مظلوم من قبلنا نحن العرب ولم تتم ترجمة عمله بصورة كاملة وأنا لا أدّعي أن ترجمتي كاملة ولكنني تحريت فيها إنصاف ميكيافيلي. - ألا ترى أن ميكيافيلي مظلوم من الإيطاليين أنفسهم؟ -- الإيطاليون تقبّلوا ما قيل لهم وما كتب بشأن الأمير وحصل لهم ما حصل للعديد من الشعوب، مثل العرب الذين قبلوا تاريخهم المكتوب بلغات أخرى ورضوا به. - ما الذي جعلك تهجر النحت إلى الكتابة؟ -- بصراحة، النحت عمل نخبوي لم يجد مكانه في العالم العربي ولا أعتقد أنه سيجدها قريبا. أنا شخصيا لم أتلق أي صدى بتونس وأتصور أن الوجه الفني المحافظ هو الغالب على الذهنيات فقد سبق لي أن شاركت في مناقصات قصد تجميل ساحات وفضاءات بمنحوتات وفشلت، لهذا أعتقد أن الكتابة هي عتبة تغيير في الذهنيات والتصورات العربية عكس النحت والفن التشكيلي هما جنسي ما بعد التغيير. - "حق العودة" هو أول عناوينك، أي عودة تنشد؟ -- أولا أنا أبحث عن كتابة تشبه تطلعاتنا وتنقل واقعنا. في "حق العودة" أردت أن أقدم الفلسطيني على أنه جزء من منظومة كاملة تمتد عبر العالم وأنه الشخص الذي أحسن استثمار الشتات وأردت أن أمحو صفة الشخصيات المضطهدة والحقيرة -أو البسيطة إذا أردت- وهي الصفة التي تعلق بالفلسطيني فنيا عكس اليهودي الذي يظهر على أنه ينتمي لمؤسسة عظمى. - في أي مساحة تنقل شخصيات "حق العودة"؟ -- تحكي "حق العودة" عن فلسطيني استقر بتونس التي تعتبر موطن أجداده المغاربة أصلا، هذا الرجل جاء من حي "المغاربة" في القدس بعد أن هدم بيتهم وهو الشخصية المحورية التي تعمل على العودة إلى القدس عبر أوجه نضالية عديدة، هناك جدلية العودة التي يطرحها هو بتكراره لرحلة أجداده التي انطلقت من "المغرب العربي" قبل عقود طويلة شيء يشبه إعادة إنتاج ذاتية للشخصية والمكان والتاريخ كأنه بحث عن صلاح الدين مثلا. - كيف هي أجواء الثقافة في تونس؟ -- الثقافة والإبداع في تونس انخرطا في البزنس وهو ما يجعل الأمر يتجه إلى الاحترافية رغم أن هذا التوجه يضر في البداية قليلا بالجانب الفني. على العموم في تونس الجميع يبحث عن المقابل حتى الكتّاب والمبدعين. - لديك عمل للأطفال ولكنك راهنت على الاختلاف، كيف ذلك؟ -- سأطرح نموذجا من تصوري للشرائط المصورة التي تكاد تندثر عبر مجلة "مجلتي" التابعة لأكاديمية المجتمع المدني الجزائري. ويكمن الاختلاف في اتجاهي نحو الحركية ومحاولة تحويل الطفل عن الواقع التقليدي وأنا أقوم بإنجاز الشرائط بكل مراحلها رسما وحوارا وسيناريو. - وجودك في الجزائر هل يدخل ضمن حق العودة؟ -- صحيح أنا من أصول جزائرية وقد هاجر جدي منتصف القرن التاسع عشر نحو تونس هربا من وبال الفرنسيين وكانت تونس وطنا للعائلة ولكن وجودي في الجزائر يدخل ضمن مشاريع أخرى.