أجمع ثلة من الخبراء الفرنسيين والمناهضين للفكر الاستعماري على مساندتهم وتثمينهم لقانون تجريم الاستعمار الفرنسي، في الوقت الذي يصعد فيه مسؤولون فرنسيون من لهجتهم في التعامل مع المشروع الذي يتدارس حاليا من قبل120 نائب يمثلون مختلف التيارات السياسية الجزائرية، للوصول إلى مرحلة نهائية تشكل فيها محكمة جنائية تتولى محاكمة فرنسا عن الحقبة الاستعمارية، مرجعين فتور العلاقات بين البلدين والجمود الكبير على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، نتيجة تحفظ الدولة الفرنسية في الإعتراف بمسؤولياتها. هذا وصرح محدثونا على هامش الندوة التاريخية الثانية حول آثار التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية المنعقدة مؤخرا بالجزائر العاصمة يومي 22 و23 فيفري، أن مصادقة البرلمان الفرنسي على مشروع قانون تعويض ضحايا التجارب النووية التي أجرتها فرنسا بالصحراء الجزائرية وبمنطقة بولينيزيا الفرنسية في المحيط الهادي في الفترة مابين 1960 و1996، بمثابة اعتداء صارخ لحقوق الجزائريين من خلال الشروط المنصبة من أجل تعويض الضحايا وذوي الحقوق. وفي هذا الصدد كشف "جون طورانوي دوم" منسق جمعية موروروا وتاتو ببولينيزيا الفرنسية أن القانون الجزائري الخاص بتجريم الاستعمار مهم جدا، خاصة وأن بلاده عانت مثل الجزائر،وما زالت تكابد مخلفات جرائم التجارب النووية الفرنسية التي يتواصل تجاهلها حسبه من قبل الزعماء السياسيين رغم صدور قانون" موران" الخاص بتعويض الضحايا، والمنصب تحت وصاية وزارة الدفاع الوحيدة المخولة لقبول أو رفض ملفات المتضررين من مخاطر الإشعاعات النووية، مع تهميش لدور جمعيات الضحايا. وأضاف "جون طورانوي" قائلا: " الجزائر تحترم وطنيتها، وسياستها في هذا المضمار تمشي على خطى ثابتة لاسترجاع أرشيفها والمطالبة بمسألة التعويضات لمتضرري التجارب النووية الفرنسية خاصة وأن القانون الجديد مقتصر على الأشخاص المشاركين مباشرة في تلك التجارب دون تعويض المتضررين بصورة غير مباشرة وذويهم باعتبار إصابتهم بأمراض غير معروفة وبالسرطان، وكذا الخسائر الزراعية والاقتصادية التي أصابت سكان الصحراء الجزائرية"، منوها أن فرنسا مخطئة لما تظن أن ردة فعل الجزائرإنتقامية من أجل الحصول على مكاسب مالية. و بشأن تصريح "كوشنير" الذي لا يتوقع تحسن العلاقات الجزائرية الفرنسية إلا بعد رحيل جيل الثورة عن السلطة في الجزائر، أجاب "دوم" كيف لمسؤول على أعلى الهرم السياسي في الدولة الفرنسية أن يكون رد ه بهذا الشكل، وبهذه الطريقة الغير سوية للحديث عن تاريخهم بالجزائر. من جهته، يرى الخبير الفرنسي الدولي "برونو باريلو"، ومؤسس مركز الوثائق والبحوث حول السلام والنزاعات، أن ردود الأفعال المتحفظة من قانون تجريم الإستعمار المقترح من قبل الجزائر يدل على عدم فهمه جيدا من قبل فرنسا. وذكر"باريلو" أن الأمور تفاقمت وحان الوقت لطرح مجمل التساؤلات عن هذا الماضي وكشف الحقائق التاريخية، وعلى فرنسا الإعتراف بمسؤولياتها تجاه كل مستعمراتها و الأضرار الصحية والبيئية المترتبة عن التلوث الإشعاعي الناجم عن التجارب النووية، ودون هذا قال المتحدث أنه لايمكن توثيق الصداقة الفرانكوجزائرية. وفي هذا المقام، أشار إلى أن فرنسا تعتبر من الدول المتأخرة التي لم تعترف بعد بتجاربها النووية وجرائمها المقيتة؛ وما سن قانون "موران" إلا تحقيق لجزء صغير من التعويض، مشيدا في ذلك بتاريخ الدولة الفرنسية التي أعادت بناء نفسها على المستوى العالمي بعد خيبة 1940 من خلال تجاربها و إمتلاكها للسلاح النووي، الذي يقدر صناعته اليوم بنسبة 80 بالمئة من الطاقة الفرنسية الموجهة للمراكز النووية، وحسبه هذا الأمر يثير مخاوف العديد من السكان القاطنين أمام المراكز النووية بسبب الإصابات بأنواع مختلفة من السرطانات. كما دعا المناضل منذ أكثر من 20 عاما في دراسة العواقب المترتبة جراء التجارب النووية، لضرورة إتخاذ فرنسا الخطوة لإجراءات المصالحة بين البلدين، خاصة مع وجود الجالية الجزائرية المغتربة التي لها أهمية مثلها مثل الفرنسيين الذين يحملون الجنسية الجزائرية. من جانبه أكد "ميشال فرجيي" أحد ضحايا رقان و رئيس جمعية ضحايا التجارب النووية بفرنسا، أنه هناك وعي كبير بالجرائم المرتكبة وخوف من إجلاء الحقائق من قبل الحكومة الفرنسية تجاه ما إقترفته بالجزائر وبولينيزيا، ما سمح ببروز العديد من الجمعيات المدافعة عن ضحايا التفجيرات النووية، مضيفا أن الجزائر تسعى من أجل طلب التعويضات عن مخلفات هذه التجارب. وحول تصريحات وزير الخارجية "كوشنير" بشأن قضايا الإستعمار، قال "فرجيي" أني لا أثق به، و رجل أحذر منه لأنه ملاعب" هذا وطالب" ميشال" المنسق الجمعوي ضد الحروب في فلسطين، العراق ولبنان لمواصلة الدرب في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، و العمل على إعتراف الدولة الفرنسية بما فعلته أيضا من تعذيب، وعلى الجزائر السعي من أجل إسترجاع أرشيفها بتنظيم ملتقيات دولية وإنتاج أفلام وكتب حتى تفتح الأعين على الحقيقة ويتم التقريب بين الشعوب، وفي تقديره إزالة التوتر والصراع بين البلدين لن يتم إلا بالطرق الدبلوماسية، مناشدا منظمة الأممالمتحدة لحظر إستعمال السلاح النووي.