ابتعدت العائلات الجزائرية عن عادات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف التي دأبت عليها في القدم لتتحول في الآونة الأخيرة إلى استعمال الممنوعات والمتفجرات الخطيرة التي تتسبب في غالب الأحيان في إحداث عاهات مستديمة للبعض وجروح متفاوتة للبعض الآخر، إذ يحدث هذا في غياب رقابة حقيقية لبارونات الإتجار بهذه المواد، حيث تعمد هذه الأخيرة إلى تسويق هذه الممنوعات عبر بائعي التجزئة المنتشرين بمختلف الشوارع وعلى مرأى قوات الأمن المكلفة بمحاربة كل أشكال الجريمة. انسلاخ المجتمع الجزائري عن الاحتفالات السلمية بات واضحا نتيجة العنف الذي تجره هذه الأعياد التي يفترض أن تكون دينية لا أقل ولا أكثر، لكن تغاضي الأولياء عن تصرفات أبنائهم بل وتدعيمهم لهم هو ما يحدث كل هذه التجاوزات التي تنتهي بالأحزان لأن مثل هذه المتفجرات أو الألعاب النارية أضحت مباحة أمام صمت الآباء عن ما يحصل اليوم. الأحياء والشوارع الجزائرية مضامير حروب خلال احتفالات المولد تتحول أحياء وشوارع الوطن كل سنة وبحلول المولد النبوي الشريف إلى حروب مصغرة تستعمل فيها كل أنواع المتفجرات المحظورة التي توقع عدة ضحايا خصوصا في أوساط الأطفال الذين يستعملون هذه الممنوعات دون الانتباه إلى خطورتها هذا الطيش انتقل من فئة الأطفال والشباب إلى من يكبرهم سنا، إذ أضحى حتى الكهول يستعملون -المحارق- بمختلف أنواعها في رشق نظرائهم ما يوحي أن هذه الشريحة التي يفترض أن تنصح الشباب وتأخذ بيده للعدول عن العادات الدخيلة على مجتمعنا إذ تجدرت أكثر فأكثر مع مر الزمن. تسجيل 53 حالة حرجة بين الحروق والعمى سجلت مصلحة الحروق بالمستشفى الجامعي بوهران السنة الماضية حوالي 53 حالة حرجة تراوحت بين العمى والحروق من الدرجة الثالثة سيما بالنسبة للأطفال بين سن ال 8 وال 14 تسببت فيها الألعاب النارية والمفرقعات التي أصبح وقعها يشبه كثيرا المتفجرات نظرا لاحتوائها على كميات كبيرة من البارود، ما يجعل النتائج وخيمة على مستعمليها إذ تؤدي في العديد من الأحيان إلى إصابات خطيرة. وهي الأرقام المرشحة إلى الارتفاع كل سنة تذهب الملايير من الدينارات أدراج الرياح سنويا وهي الأموال التي تنفقها العائلات والأسر الجزائرية في مثل هذه المناسبات على المفرقعات بدون فائدة، إذ يحرم الشرع التبذير مصداقا لقوله تعالى: "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" هذه الأموال يمكنها أن تفيد المعوزين أو من يحتاج إليها خصوصا الفئات المحتاجة كدور العجزة والأيتام. وبالمقابل تحجز العائلات التي تشتكي غلاء المعيشة وصعوبة المسؤولية في الوقت الراهن أماكن لها ضمن هذه الاحتفالات حيث تتهافت على الأخرى على اقتناء الممنوعات دون تردد لتلبية مطالب أبنائهم الذين يسعون إلى تقليد الأثرياء، هذه التسهيلات يقابلها فيما بعد ندم الأولياء وهي التصرفات التي برزت بقوة مؤخرا في مجتمعنا نظرا لتغيب الثقافة الإسلامية التي بدت عليها بوادر الاضمحلال نتيجة التقليد الأعمى والاستعمال الجنوني لكل ما هو ممنوع. مديريات التجارة تكثف من نشاطاتها التحسيسية سارعت مديريات التجارة على المستوى الوطني بمختلف المحلات التجارية رفقة المصالح المختصة إلى تسطير برامج مكثفة هذه السنة، حيث لجأت هذه السنة إلى الجان بالتحسيسي أكثر من الجانب الردعي خاصة بالنسبة للأطفال الذين يستوعبون الدروس التوعوية أكثر من الردعية والزجر الذي لا يؤدي إلا إلى التعنت. وتأتي هذه الإجراءات التي اعتمدتها السلطات المعنية إلى تحسيس المواطن بضرورة تفادي هذه الألعاب التي هي في الحقيقة أذية للآخرين سيما وأنها تؤثر سلبا على المرضى والمسنين وحديثي الولادة بفعل الدوي الذي تحدثه وعلى صعيد آخر كثفت الجهات الأخرى التي أنيطت لها مهمة التوعية على غرار المدارس والمساجد نظرا لدورها المهم في تقديم دروسا من شأنها أن تجد صدى لدى الشغوفين بهذه الممنوعات، إلا أن تكرار مثل هذه التصرفات يوحي بأن قلة الوعي وتعمد القيام بهذه الأفعال لا يزال قائما وهذا لسبب واحد أن نقص الرقابة بالحدود الجزائرية مع البلدان المجاورة لا يزال مطروحا بقوة.