بمشاركة المجتمع المدني وجمعيات مهتمة بالتراث تواصلت العملية الثانية من تنظيف قصبة وهران بحي سيدي الهواري بعد الحملة الأولى التي تمت بنجاح يوم 5 فبراير الماضي. وشهد أمس، المعلم التاريخي والأثري "قصبة مدينة وهران"، الذي يمتد إلى سنة 902م، حملة تنظيف واسعة النطاق وذلك بمشاركة المجتمع المدني والجمعيات المهتمة بالتراث ومواطنين، وبدعم من مديرية الثقافة والفنون وملحقة وهران للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية. حيث يهدف هذا العمل التطوّعي إلى تثمين هذا المعلم التراثي الذي يوجد في وضعية كارثية، سببها مخلفات البناءات العشوائية، بعد ترحيل سكانها، وشارك في هذه الحملة الى جانب جمعيات "أرسام وهران"، وشبكة البيئة والمواطنة ومؤسسة ناس الخير، والمنظمة الوطنية للمجتمع المدني، وجمعيات أخرى طلبة جامعيين، حيث فاق عدد المشاركين 400 شخص، حيث تمّ تنظيف المعلم الاثري و إخراج الأطنان من حجارة البنايات الفوضوية التي غطت و شوهت جمال المعلم منذ سنين عديدة بالإضافة إلى نزع الأعشاب الضارة التي أغلقت مداخل القصبة الأساسية. وحسب رئيس جمعية ارسام وهران إسماعيل بن يوب فإن الحملة الثانية تعتبر أكبر الحملات التطوعية التي قام بها المجتمع المدني داخل هذا الصرح الأندلسي الذي يحمل فسيفساء من إختلاف الحضارات و الأديان التي مرت و استعملت هذا الموقع من الأندلسيين إلى المرابطين والموحدين ثم الزيانيين فالمرينيين وصولا إلى الإسبان الذين أطلقوا على القصبة تسمية "كاستيلو فييجو " أي القبعة القديمة حتى دخلوا الإحتلال الفرنسي أين أستعمل الموقع كثكنة عسكرية مورس داخلها أبشع انواع التعذيب في حق المجاهدين والشهداء الأبرار. ويأمل المهتمين بالتراث بوهران والجمعيات الفاعلة في المجال الثقافي والسياحي إلى تصنيف هذه القصبة ضمن التراث الوطني، وكذا ترميمها حتى تصبح مقصدا سياحيا وثقافيا، كونها تزخر بعدة كنوز تاريخية وأثرية. تجدر الإشارة أن قصبة وهران القديمة التي تمتد من حي رأس العين الى غاية أعالي جبل مرجاجو جنوبا ومن أرض سي علي إلى القصبة العثمانية ب 28 معلما تاريخيا لمختلف الحضارات أغلبها مصنفة وطنيا ضمن التراث الوطني. وقد عرفت قصبة بعض الأعمال التخريبية التي شوهت الكثير من معالمها، باعتبار أنها كانت مأوى للعديد من العائلات التي استفادت من برامج الإسكان نحو شقق جديدة بوهران، سنة 2006، قبل أن تقوم مصالح البلدية بغلقها نهائيا، بعدما باتت وكرا للمنحرفين الذين نهبوا الكثير من المواد الحديدية والخشبية القديمة التي كانت تزين المكان، ومن المنتظر أن تُتبع الحملة الأولى بعملية ثانية سيتم تنظيمها خلال الأيام القادمة، تكون مخصصة لإزالة مخلفات مواد البناء للمساكن الفوضوية التي خلفتها وراءها العائلات التي كانت تقطن بهذا المعلم التاريخي الهام.