تم صباح أمس تنظيم أكبر حملة تطوعية لتنظيف وإزالة الأوساخ والركام وفتح المسالك بقصبة وهران التاريخية بأعالي سيدي الهواري، تحت شعار "أنقذوا القصبة من الاندثار"، وقد شارك في هذه الحملة أزيد من 300 شخص بهدف إعادة تثمين وحماية هذا المعلم الأثري الإسلامي البارز الذي تم تشييده في 902 م.. حيث قام العديد من المتطوعين إلى جانب الجمعيات والأكاديميين على غرار تنسيقية المجتمع المدني وشبكة البيئة والمواطنة، وحي المثقفين، المكتب السياحي لولاية وهران، ومجموعة " ناس الخير" و« أرسام وهران"، وأيضا مديرية الثقافة والديوان الوطني لحماية الممتلكات الثقافية، وكذا بعض الناشطين في مقدمتهم إسماعيل بن يوب وغيره من الشباب الغيورين على تراث مدينتهم وتاريخها العبق.. ، بتنظيف المحيط وإزالة الحشائش الضارة، وفتح المسالك التي كانت مقطوعة، لتسهيل عمليات تثمين هذا المعلم القيّم، الذي تعرض للأسف للإهمال واللامبالاة، ما جعله عرضة للتخريب والتشويه من لدن بعض المنحرفين.. وفي هذا الصدد أكد عباس بن مسعود رئيس جمعية "وحي المثقفين " الذي شارك بدوره في هذه الحملة، بأن هذه العملية التي تم الإعلان عنها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، هي مبادرة هامة وفرصة لحماية تراث الولاية من الزوال، خصوصا قصبة وهران التي تحمل بين طياتها الكثير من المحطات المشرقة للولاية، باعتبارها من بين أقدم القصبات عبر كامل التراب الوطني، كما أنها تحكي قصصا وحكايات حول مختلف الغزوات التي شهدتها الولاية ، وكيف رابط السكان ضد هؤلاء المحتلين، بدءا بالغزو الإسباني وصولا إلى الاحتلال الفرنسي، حيث لا تزال العديد من الشواهد التاريخية بالقصبة تبرز الجرائم التي اقترفها الفرنسيون وقتذاك، على غرار عمليات التعذيب التي كانوا يمارسونها في حق المجاهدين، والسجن المركزي القديم، الذي اعتُقل فيه الشهيدان أحمد زبانة وحمو بوتليلس، دون أن ننسى طبعا الحقبة العثمانية، التي تظهر جليا عبر شوارع وأزقة القصبة، التي تحوي محكمة الباي بوشلاغم، والأبراج الزيانية، ومقر الخزينة المالية للآيالة العثمانية، كما يوجد بها قصر الباي الأصيل ومعالم أخرى تزيد عن 28 شاهدا أثريا تاريخيا.. وقد شهدت القصبة بعض الأعمال التخريبية التي شوهت الكثير من معالمها، باعتبار أنها كانت مأوى للعديد من العائلات الوهرانية التي تم ترحيلها سابقا، قبل أن تقوم مصالح البلدية بغلقها نهائيا، خشية تواصل هذا النوع من التصرفات المشينة لبعض المنحرفين الذين سرقوا الكثير من المواد الحديدية والخشبية القديمة التي كانت تزين المكان، ..ومن المنتظر أن تُتبع الحملة الأولى بعملية ثانية سيتم تنظيمها خلال الأيام القادمة، تكون مخصصة لإزالة مخلفات مواد البناء للمساكن الفوضوية التي خلفتها وراءها العائلات التي كانت تقطن بهذا المعلم التاريخي الهام، كالآجر والاسمنت والحجارة، في انتظار إطلاق مشروع ضخم لترميمها وتهيئتها واستغلالها كمعلم للسياح الذين يزورون الولاية.. ومن جهتها تعمل مديرية الثقافة لوهران على التحضير لبرنامج أسبوعي كل يوم جمعة بهدف حماية التراث في جل المواقع الأثرية التي تشهد إهمالا ، بغية تثمينها وإعادة الاعتبار لها ، وهي الحملة التي من شأنها نفض الغبار وإحياء هذه الشواهد التي أضحت في وضعية كارثية وتستحق إنقاذها من الضياع والزوال...