استعانت مصالح الأمن المختلفة بقوات مكافحة الشغب لتأمين مرور المدير العام للجمارك من المركز الحدودي بوكانون إلى باب العسة نحو مدينة مغنية ومنه إلى عاصمة الولاية تلمسان أثناء زيارته الأخيرة للولاية، ولم يكن مشهد التعزيزات الأمنية التي تطرقت إليها "الوطني" في حينها إلا انعكاسا طبيعيا لحالة القلق التي تطبع العلاقة بين الجمارك وسكان الشريط الحدودي، فقد عرف الطريق الرابط ما بين صبرة وسيدي مجاهد أياما قبل زيارة المدير العام للجمارك إلى تلمسان، حادث إنقلاب سيارة ووفاة سائقها، وأدى توقف سيارة تابعة للجمارك من أجل محاولة إنقاذ السائق، ومعرفة ما يجري، إلى سريان إشاعة قاتلة كادت أن تفجر الوضع بالحدود، حيث ادعى البعض أن سبب وفاة السائق هو مطاردة عنيفة من قبل الجمارك، ولولا تواجد مواطنين أكدوا لمختلف مستعملي الطريق أن الأمر لا يعدو أن يكون حادث انقلاب سيارة ووفاة سائقها لحدث الأسوأ. مطالب بتحويل حظائر المحجوزات إلى المناطق الآمنة: رغم هذه الهواجس والمخاطر لم تول الإحصائيات المعلنة من قبل المديرية الجهوية للجمارك اهتماما كبيرا لمنحى الإعتداءات الكبيرة التي تتعرضت لها دوريات الجمارك عبر الشريط الحدودي والمناطق الأخرى، كون المديرية تقع تحت مسؤولياتها نطاق جمركي وإختصاص واسع، يضم ولايات تلمسان وسيدي بلعباس وعين تموشنت، وفي هذه الأثناء فان مخلفات الحرائق التي مست عددا من حظائر الحجز عكست حجم الخطر الذي يهدد سلك الجمارك من قبل مجموعات التهريب، التي تتقن فنون الهروب من الأفخاخ والكمائن في هذه المناطق الوضعية دفعت بالمدرية العامة للجمارك إلى عقد إتفاق مع باقي الأسلاك الأمنية الأخرى المختصة في مكافحة التهريب، يقضي بإقامة حواجز مشتركة، ودوريات لتعزيز عملية مكافحة التهريب، لكنها في الحقيقة تهدف إلى توفير تغطية أمنية قوية للفرق الجمركية، التي تتعرض بشكل دائم لشتى الاعتداءات. وتفيد مصادر "الوطني"، أن أزيد من 80حاجزا مشتركا مع هذه الهيئات الأمنية تمت إقامته على مدار الأشهر الماضية من السنة الجارية، إضافة إلى مشاركة شتى أسلاك الأمن في عمليات مداهمة مشتركة للمخازن التي كانت محل مراقبة من طرف رجال الجمارك ووقعت تحت طائلة التفتيش والمداهمة. وأشارت مصادرنا إلى أن حديثا قويا يجري بين مختلف رجال الجمارك بشأن قرار إقامة حظائر السيارات المحجوزة، حيث تطرح الكثير من التساؤلات عن جدوى مثل هذه القرار، الذي تم اتخاذه عقب تكليف المدير العام لأحد الإطارات بزيارة ميدانية للشريط الحدودي، هذا الأخير الذي اقترح إقامة حظيرة للسيارت المحجوزة بالمركز الحدودي بوكانون على سبيل المثال، وهو ما حوله إلى نقطة اهتمام من قبل المهربين الذين وجدوا الفرصة السانحة لحرقه وحرق السيارات خلال الأحداث الأخيرة التي عاشتها منطقة بوكانون الحدودية. ويطرح إطارات جمركية، إمكانية إعادة المديرية العامة النظر في قرارها بإقامة حظائر للمحجوزات في الجهات الساخنة، وتحويل تلك الحظائر إلى مناطق أكثر أمنا وهدوء، تفاديا لتكرار عملية الحرق التي تهدر بسببها أمول ضخمة وجهود بل وحتى مداخيل وعائدات لفائدة موظفي القطاع، الذين يمنحهم القانون نسبا على شكل منحة من عائدات إعادة بيع تلك المحجوزات لفائدة الخزينة العمومية . أزيد من 200 دعوى قضائية ضد مهربين بالغزوات ومخالفات ب27.5 مليار سنتيم وعلى ذكر هذا المجال، أشارت جملة من الإحصائيات الصادرة عن المديرية الجهوية للجمارك والتي تحصلت عليها "الوطني"، أن الفرق الجمركية الإقتصادية على وجه الخصوص، سجلت خلال السنة الجارية وإلى غاية نهاية شهر سبتمبر الماضي 196 مخالفة من العيار الثقيل، بلغت قيمتها المالية 27 مليار و581 مليون سنتيم، بينما بلغت القيمة المالية الإجمالية بنحو 3ملايير763 مليون سنتيم. وفي سياق النشاط الخاص بالجانب الإقتصادي فان مصالح الجمارك التابعة للغزوات لوحدها التي تقع تحت مسؤوليتها الجمركية كافة نشاطات ميناء الغزوات ،في هذا الإطار أودعت المصالح الجمركية بالغزوات 206 دعاوى قضائية بينما تمت تسوية 33 قضية عن طريق ما يسمى بالصلح بحيث استفادت الخزينة العمومية بموجبها من 436 مليون سنتيم ينما تمت تسوية 14 قضية عن طريق أحكام قضائية وأسفرت عن عائدات بقيمة 572 مليون سنتيم وهذا على مستوى مفتشية الأقسام للغزوات بينما يرتقب صدور أحكام في باقي القضايا الأخرى. كما بلغت قيمة البيع للمحجوزات في المزاد العلني نحو 2.2مليار سنتيم، وفي ذات الإحصائيات الصادرة حديثا عن المديرية الجهوية للجمارك التي تحصلت عليها "الوطني" وتخص مفتشية الأقسام للغزوات ونشاط عمل الفرق الجمركية التابعة لها والفرقة الإقتصادية، فقد تم تسجيل غرامات مالية ومخالفات هامة بقيمة 20.7مليار سنتيم. ومعلوم أن مفتشية الأقسام للغزوات تتبعها مناطق بوكانون ومرسى بن مهيدي الحدودية. الجنوب.. جمركيون بلا مهام.. إذا كان سلك الجمارك بالشمال الغربي يعرف صعوبات ومخاطر ترتبط بالإعتداءات التي يتعرض لها عناصره من حين لآخر والإستدراج الذي يتعمده المهربون لإستقطاب الجمارك نحو التجمعات الآهلة بالسكان مما يعرقل أي عملية مطاردة لهؤلاء ، فان الوضع يختلف بجنوبتلمسان، التي تعتبر منطقة نشاط خطير لشتى عصابات التهريب، خاصة المخدرات التي تسعى العصابات لتهريبها إنطلاقا من ولاية النعامة، وبلدية القصدير بالحدود الجزائرية المغربية، وكذا من الزوية عبر طريق العابد البويهي إلى غاية سبدو وأولاد الميمون ثم طريق سيدي بلعباس ووهران، وهي ثغرة خطيرة زادت خطورتها مع افتقاد فرقة الجمارك بسبدو إلى وسائل وعتاد العمل، كالسيارات، بعدما قامت المديرية الجهوية بسحب السيارة الوحيدة التي كانت تحت سلطتها، وهذا ما أثار حفيظة رجال الجمارك الذين طرحوا الملف أمام إطارات المديرية العامة للجمارك، حيث تم تسجيل عملية لتزويد فرقة سبدو بسيارتين ،وفرقة العريشة بسيارة واحدة، وفرقة العابد الحدودية بسيارة واحدة أيضا، لكن تبقى منطقة جنوب الولاية من أكثر الجهات التي تعرف نزيفا حادا، بعدما خلت من مظاهر مكافحة التهريب نتيجة تقلص مجال تحرك الجمارك في الآونة الأخيرة، حيث تحول رجال الجمارك إلى زي بلا مهام بسبب إنعدام وسائل العمل .