يشهد موسم الزيتون لهذه السنة - عكس الحملة السابقة التي كان فيها المحصول جد ضئيل مردودا جيدا بولاية تيزي وزو سيما بسهول "تينيري" الواقعة أسفل سفوح جبال جرجرة حيث أشجار الزيتون مثقلة بالثمار التي تبشر بمردود زيت وفير إذا ما تم ضمان حمايتها من مختلف أنواع النهب التي يمارسها بني البشر أو الطيور . و تسجل عمليات النهب هذه بصفة خاصة بمزارع قرى اسي يوسف و ايت بوعادو (على بعد 40 كلم جنوب تيزي وزو) حيث لا يفوت هؤلاء الأشخاص (الذين يمارسون نهب الزيتون من الأشجار فرادى أو في جماعات منظمة) أية فرصة لممارسة نشاطهم ليلا لسرقة أكبر قدر ممكن من حبات الزيتون بعيدا عن الأعين النائمة ليضعوها في أكياس من الألياف الخشنة قبل بيعها لتجار الزيتون الموسميين الذين يشترونها منهم بأسعار زهيدة لغرض إعادة بيعها بعد أن تدر لهم عصارة زيت الزيتون المحببة لدى الجميع بأسعار جد مربحة بالنسبة لهم. و يمارس هؤلاء التجار الموسميين نشاطهم هذا بأماكن معزولة عن القرى حيث يحولون بيوتهم إلى محلات لشراء زيتون النهب هذا بحيث يجهزون محلاتهم بميزان لوزن المحاصيل التي تصلهم يوميا و هم موقنون من در ربح مضمون من هذه التجارة الموسمية لكون معظم زبائنهم من الأطفال الذين هم في عجالة من أمرهم للتخلص من بضاعتهم لتجنب الشكوك حول مصدرها علما أن هؤلاء "السارقون" يؤكدون دوما أن الثمار من مزارعهم العائلية . و لا يخفى عن أحد الضرر الذي تتكبده أشجار الزيتون الصغيرة من عمليات النهب هذه حيث يتعمد هؤلاء الأشخاص كسر الأغصان لحملها إلى أماكن أخرى بعيدة عن الأعين لغرض جردها من ثمارها. كما تسجل مواسم الزيتون أيضا نوعا آخرا من النهب يتمثل في سرقة حصيلة يوم طويل من المشقة و العمل الذي يقوم به أصحاب مزارع الزيتون الذين يتركون آخر النهار محصولهم في عين المكان لضيق الوقت لحملها إلى المعاصر ليجدوا غداة ذلك اليوم أن محصولهم قد سرق. و لغرض الحد من هذه الظواهر المضرة باقتصاد القرى بوجه خاص تعمد قرى القبائل موسميا من خلال لجانها على إصدار قرار يمنع بيع الزيتون من طرف الأطفال و هو القرار الذي يتم نشره عبر كل القرى . و بالرغم من ضآلة قيمة العقوبة المفروضة على أولياء أمر هؤلاء إلا أنه لديه بعض الفاعلية في كثير من الأحيان. و يستثنى هذا القرار أرباب الأسر ذات الدخل الضعيف الذين يسمح لهم ببيع محصولهم لأصحاب المعاصر دون سواهم. علما أنه توجد كثير من العائلات القروية التي تمارس تجارة بيع الزيتون هذه لسد حاجياتها اليومية لكونها تمثل مصدرا أساسيا لعيشها. و تبقى في الوقت الراهن ممارسة سرقة زيتون المائدة لهدف حفظه وفقا لطرق تقليدية لأغراض الاستهلاك اليومية أكثر شيوعا من سرقة الزيتون الموجه للعصر لكون أن زارعة زيتون المائدة غير منتشرة كثيرا بمناطق القبائل التي تفضل مضاعفة إنتاج نوع "الشملال" على حساب غيره من أنواع الزيتون مع الإشارة أن المنطقة بذلت جهودا خلال السنوات الأخيرة في مجال إنتاج زيتون المائدة. أما النوع الأخير من النهب التي تتعرض له مزارع الزيتون بقرى القبائل فيأتيها من السماء من خلال أسراب الزرزور القادمة من المناطق الباردة البعيدة للانقضاض على الأشجار المثقلة بحبات الزيتون التي لم يتسنى بعد للفلاحين قطفها في الوقت المناسب لتجنب شراهة هذه الطيور التي تختار مزارع "تينيري" كمقام لها لمدة 3 أشهر تقريبا قبل العودة إلى مواقع تكاثرها . و بما أن كل أنواع الفزاعات التي ينصبها الفلاحون لإبعاد هذه الطيور الشرهة لا تجدي نفعا فإنهم يجدون أنفسهم مجبرون على تقليص الخسائر من خلال قطف الثمار في أحسن الآجال و تقليص مدة حملات القطف حيث يعمدون في كثير من الأحيان إلى تنظيم عمليات " التويزة" التي تتضامن فيها جهود أفراد المجتمع لتحقيق العمليات الاستعجالية التي لا يقوى عليها الشخص بمفرده.