أجواء مشحونة هي التي وصفت بها أطوار محاكمة إطارات مجمّع "سونطراك" أمس، على مستوى القطب الجزائي المتخصّص بوهران، بين دفاع المتّهمين الذي قاطع مرافعة وكيل الجمهوريّة، مهدّدين بالانسحاب من الجلسة ومطالبين بتقديم النّيابة العامّة اعتذارا بسبب النّقطة التي وقف عندها وكيل الجمهوريّة أثناء مرافعته، وقبل التماساته، أين استغرب لما ورد على لسان الطّرف المدني لشركة "سونطراك" الذي أكّد عدم إلحاق أي ضرر مادّي بشركة "سونطراك"، وعدم تأسّسها كطرف مدني في القضيّة، مشيرا نوعا ما لعدم اختراق المتّهمين للقوانين المعمول بها في إطار الصّفقات العموميّة، أين رأى وكيل الجمهوريّة في القضيّة المطروحة تنصيب 35 مليون شخص كطرف مدني، بعدما خلص في دراسته للملف، بأنّ الصّفقة المبرمة بالتّراضي البسيط، تعتبر هدرا للمال العام باعتبار "سونطراك" عصب الاقتصاد الوطني. ممثل النيابة العامة استعمل أثناء مرافعته كلمة "الأخلاق" دون قصد التّجريح، هذه العبارة التي اعتبرها دفاع المتّهمين كلمة مجحفة في حقّهم كرجال قانون، الأمر الذي أحدث ضجّة بقاعة الجلسات، التي عجّت بأصحاب الجبّة السّوداء، الإعلاميّين وأقارب المتّهمين، حيث تمّ توقيف الجلسة مرّتين، ثمّ استأنفت من قبل رئيسة الجلسة . وقد التمس أمس وكيل الجمهوريّة لدى القطب الجزائي المتخصّص، أحكاما تراوحت ما بين 6 سنوات حبسا في حقّ رأس الهرم السّابق الرّئيس المدير العام ل "سونطراك" (محمّد مزيان) 67 سنة، مدير فرع شركة المصب "أفال" (فغّولي عبد الحفيظ) 57 سنة، الرّئيس المدير العام لشركة "كوجيز" (بن عمرو تواتي) 60 سنة، و 4 سنوات حبسا نافذا في حقّ المدير العام للهندسة و الإنجاز للشّركة المختلطة الجزائريّة الفرنسيّة "سفير"(نشنيشي تيجيني) 63 سنة، ومدير قسم الدّراسات والتّنميّة (هنّي مكّي) 57 سنة، المتابعين بجنحة إبرام والتأشير على عقد مخالف للتّشريع والأحكام التنظيميّة وتبديد المال . وقائع الملف تولّت التّحقيق فيها المصلحة الجهويّة للشّرطة القضائيّة بالنّاحية العسكريّة بوهران بتاريخ 8 نوفمبر 2010 ضدّ المدير العام السّابق لمجمّع "سونطراك" المدعو (محمّد مزيان) 67 سنة، الذي وضع تحت نظام الرّقابة القضائيّة، الرّئيس المدير العام للشّركة المختلطة الجزائريّة الفرنسيّة "سفير" (عبد الحفيظ فغّولي) 57 سنة، (هنّي مكّي) 57 سنة، (بن عمرو تواتي) 60 سنة، ( نشنيش تجيني) 63 سنة، المتواجدين رهن الحبس المؤقّت منذ شهر نوفمبر. فبتاريخ 27 ماي 2006 عقد اجتماع اقترحت من خلاله شركة تسويق الغازات الصناعية "كوجيز" على شركة "سونطراك" فرع المصب "آفال"، أن تتكفّل لها بإنجاز مركب لتخزين مادّة "الآزوت" بسعة مليون وخمسمائة ألف لتر على مستوى منطقة "أرزيو" . وعليه فقد قامت شركة "كوجيز" بوضع مخطّط لتنفيذ المشروع، حيث تم ّ تقسيم المشروع إلى شطرين الشّطر الأوّل خاص بالوسائل أي 14 خزّان سعة 150 متر مربّع أين تمّ الإعلان عن مناقصة دوليّة، أمّا الشّطر الثّاني فيتعلّق بالدّراسات والإنجاز وهو الذي تكفّلت به الشّركة الجزائريّة الفرنسيّة للهندسة و الإنجاز "سفير" عن طريق التّراضي أين وجّه الرّئيس المدير العام لشركة "كوجيز" المتّهم (بن عمرو تواتي) مراسلة إلى المدير العام لشركة "سفير" المتّهم (نشنيش تيجيني) الذي قبل التكفّل بالدّراسات والإنجاز محدّدا الأعباء التقريبيّة للمشروع بمبلغ 688.195.629 دينار، في حين اتّصل مدير "كوجيز" بنائب رئيس مدير عام مكلّف بفرع "المصب" وعرض عليه الأعباء الماليّة المقترحة بالمشروع، كما عرض عليه أن تتكفّل شركة "سفير" بإنجاز المشروع . بتاريخ 11 جويلية 2006 طلب "عبد الحفيظ فغّولي" رسميّا من الرّئيس المدير العام السّابق لشركة "سونطراك" "مزيان محمد" الموافقة على تجسيد المشروع، والذي أبدى الموافقة . فأمام العجز المالي لشركة "كوجيز" في تجسيد المشروع، تمّ تحويل الملف على المصب "آفال" أين قام المتّهم (ه.م) رئيس قسم الدّراسات والتنمية مع ممثّلي الشّركة ببحث تقدّم التّحضيرات والأعمال التي قامت بها شركة "كوجيز". وبتاريخ 2 جوان 2007 تمّ فتح الأظرفة الخاصّة بالشّطر الأوّل من الصّفقة بمقر شركة "كوجيز"، حيث تكفّلت شركة "سونطراك فرع المصب بعدها بالإجراءات اللاّحقة، و فازت بالصّفقة المتعلّقة بالشّطر الأوّل من المشروع شركة هنديّة، و بتاريخ 3 أكتوبر 2007 تمّ التّوقيع بالتراضي بخصوص الشّطر الثاني من المشروع المتعلّق بالدّراسات والتركيب وقّّعه فرع "آفال" مع المتّهم (هنّي مكّي) رئيس قسم الدّراسات والتنمية ومن جانب شركة "سفير" المدير العام (نشنيش تيجيني ) بقيمة 622.470.153.00 دينار . عند مثول المتّهم (عبد الحفيظ فغّولي)، صرّح بأنّه نائب الرّئيس المدير العام مكلّف بنشاط المصب وأنّ المشروع محل الفصل فيه، كلّفت بإعداد صفقته شركة "كوجيز" بموافقة من المديريّة العامّة لشركة "سونطراك"، التي سلّمت فيما بعد المشروع لفرع المصب، و أنّه قام بمراسلة الرّئيس المدير العام (مزيان محمّد) الذي طلب منه إتمام الإجراءات التي قامت بها شركة "كوجيز" مع منح الصّفقة فيما يتعلّق بالشّرط الثّاني الخاص بالدّراسات والتّركيب لشركة "السّفير" عن طريق التّراضي، مضيفا أنّ ظرف الاستعجال والضّرورة الملحّة لكميّات من غاز الأزوت هي التي دفعتهم للّجوء إلى طريقة منح الصّفقة بالتّراضي لشركة "سفير". أمّا (نشنيشي التّجيني) 63 سنة مدير شركة "كوجيز" فقد نفا بدوره التّهم الوجّهة إليه جملة و تفصيلا وانّه مضى على الصّفقة بتفويض من رئيس مجلس الإدارة المتّهم (بن عمرو تواتي) 60 سنة، مشيرا أن شركة "سونطراك" و "سونلغاز" لها حصّة 51 بالمائة من الأسهم و أنّ حصولها على الصّفقة يعود إلى كونها مختصّة في مجال إنجاز مراكز تخزين الغاز. فيما أجمع باقي المتّهمين على دافع الاستعجال لأمن الوحدات من أيّ انفجار بالمركّبات.