فصلت أمس محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء وهران، في ملف الشبكة الإجرامية المنظمة المختصة في تهريب المخدرات وخيط الجراحة، الناشطة وفق محور تلمسان، سيدي بلعباس، وهران والممتدة إلى غاية ولايات الشرق الجزائري، متّخذة من السوق الأسبوعي "ماسرى" بمستغانم نقطة لإبرام وتسليم البضاعة المحظورة والمواد الصيدلانية المهربة من التراب الوطني نحو المملكة المغربية عبر الحدود البرية الغربية. سلطت أمس رئيسة محكمة الجنايات أحكاما جزائية تراوحت ما بين 7 و12 سنة سجنا نافذا، في حق ثلاثة أشخاص في العقد الثالث من عمرهم، لتورطهم في جناية الحيازة والمتاجرة في المخدرات عن طريق جماعة إجرامية منظمة والاتجار غير المشروع بها. يتعلق الأمر بالمتهم "ب.ج" و"ج.ج" المدانين ب 12 سنة سجنا نافذا، فيما قضت ذات التشكيلة ب 7 سنوات سجنا نافذا ضدّ ناقل بدون رخصة يدعى "ب.ي". علما أن النيابة العامة طالبت بتسليط عقوبة 20 سنة سجنا نافذا لجميع المتهمين. بيان الوقائع حسب ما دار في جلسة أمس، يعود إلى 25 أبريل 2011، استغلت فصيلة الأبحاث بالمجموعة الولائية للدرك الوطني ب "مستغانم" معلومات حول نشاط مشبوه لعناصر ينحدرون من ولاية تلمسان يمارسون التهريب غير المشروع للمخدرات والمواد الصيدلانية بسوق "ماسرى" الأسبوعي. وللتأكد من صحة المعلومة والإيقاع بالعناصر المشتبه فيها بشراكها في إطار مكافحة الجريمة المنظمة، حدّدت هوية أحد عناصر الشبكة، ويتعلق الأمر بالمتهم "ب.ج" الذي بفضل أحدث التقنيات المستعملة من طرف المحققين، تم دسّ ضابط متسرّب متنكر بالزي المدني بين عناصر الشبكة لفك لغزها وقمع اتجارها غير المشروع في المخدرات والمواد الصيدلانية. وعليه فقد تمّ ربط الاتصال بين الضابط المتسرب المنتحل لصفة المدعو "علي" والمتهم "ب.ج" الذي طلب من الضابط المتسرب مدّه بالخيط المستعمل في إجراء العمليات الجراحية، لغرض إيصاله للمدعو "أبو بكر المروكي" المقيم بإحدى القرى الحدودية مع المملكة المغربية، ويقدّم له مقابل ذلك كمية من المخدرات لترويجها. تمّت الصفقة الأولى واستلم الضابط المتسرب من طرف المتهم "ب.ج" 5 كيلوغرامات من الكيف بمبلغ 25 مليون سنتيم، وأخبره بأنّ طلبيّة خيط الجراحة في طريقها من الشرق الجزائري وستتم المقايضة فيها ب 50 كيلوغراما من المخدرات. وفي انتظار وصولها تمّ إبرام صفقة أخرى اتفق على إتمامها بتاريخ 13 فبراير 2011، يوم الإيقاع بعناصر الشبكة، بعد تخطيط وكمين محكم تمّ تنسيقه بين الضابط المتسرب وعناصر الفصيلة، إذ أحضر الضابط المتنكر كمية خيط الجراحة لغرض تسليمها ل "أبو بكر المروكي" عن طريق المتهم "ب.ج" وتلقي مقابل ذلك 50 كيلوغراما من الكيف المعالج، حيث حضر المتهم "ب.ج" رفقة المتهم "ج.ج" على متن سيارة من نوع "سبارك" تابعة لوكالة كراء السيارات، فيما تولّى المتهم "ب.ي" الذي يعمل كلوندستان، تأمين الطريق على متن سيارة من نوع "بيجو 404"، وقد كان تحديد مكان تسليم واستبدال البضاعة عند محور دوران "سيدي الجيلالي" المؤدي إلى "سبدو"، فما إن توقفت سيارة "سبارك" المعبئة بكمية الكيف المعالج المحجوزة، والتي كان يقودها المتهم "ب.ج" عند محور الدوران المذكور آنفا، حتى طوّقت عناصر الفصيلة المهربين الذين كان اثنان منهم على متن السيارة الأولى، فيما ابتعد ثالثهم المكلف بتأمين الطريق بضعة أمتار عنهم، وقام بالتظاهر برفع غطاء سيارته من نوع "بيجو 404" لتمويه عناصر الدرك الوطني. ليتم بعد ذلك اقتياد المهرّبين الثلاثة نحو مقر المجموعة لمباشرة التحريات معهم حول الوقائع. فعبر مراحل التحقيق الابتدائي مع رجال الضبطية القضائية بسلاح الدرك، وأمام قاضي التحقيق، اعترف المتورّطون الثلاثة بالوقائع المنسوب إليهم، فالمتهم "ب.ج"و"ج.ج" وحتى عند مثولهما أمس أمام جنايات وهران، اعترفا بالوقائع المنسوبة إليهما، مشيرين إلى أنهما تلقيا، كل واحد منهما، عمولة 3 ملايين سنتيم في الصفقة الأولى، أما بقية المبلغ فاستحوذ عليه "أبو بكر المروكي" كثمن للبضاعة. أما المتهم "ب.ي" فقد تراجع أمس عن تصريحاته التي أدلى بها من خلال محاضر سماعه أمام رجال الضبطية القضائية وأمام قاضي التحقيق، بالإدعاء أن لا علاقة له بالاتجار في المخدرات، وإنما يقوم بتأمين الطريق لمهربي المازوت فقط لا المخدرات، وهو ما يمثل التناقض الكامل مع ما ورد على لسانه عند مثوله الأول أمام رجال الضبطية القضائية وقاضي التحقيق، من خلال معرض تصريحاته التي جاء فيها أنه اعتاد تأمين الطريق لمهربي مختلف السلع والبضائع المحظورة.