حفلات ملتقيات ومعارض وسهرات امتزجت الفرحة بالثلوج بتلمسان وتساقطاتها الكثيفة بطقطقات المفرقعات التي ترحب بقدوم ذكرى مولد خير الأنام. ورغم ما تسببه تلك المفرقعات من مخاطر، إلا أن طقطقاتها باتت تملأ كل زوايا المدينة التي تزينت منازلها تحضيرا للإحتفال بالمناسبة الزكية على مدار أسبوع كامل. ورسميا يحتضن قصر الثقافة لمدينة تلمسان تظاهرتين خاصتين الأولى حفلا لجمعية الإرشاد ومسابقة السيرة العطرة للرسول صلى الله عليه وسلم بحضور الداعية السعودي عائض القرني، والثانية في قاعة العروض للقصر في إطار تظاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية أين يتم استعراض عادات وتقاليد تلمسان، وفي جناح مقابل تم عند الخامسة مساء من يوم الأحد 5 فيفري 2011 انطلاق استعراض ديني بالمناسبة، بينما يعرف أسبوع المولد النبوي الشريف انطلاق الأيام الثقافية لمدينة اصفهان الإيرانية، والملتقى الدولي للسماع الصوفي، والملتقى الديني حول الشيخ عبد الكريم المغيلي، ومعارض أخرى تحتضنها المتاحف الثلاثة. شعبيا فإن الاحتفالات تعكسها فرحة العائلات التلمسانية التي تحضّر ما لذّ وطاب من المأكولات التقليدية بينما ترتدي العائلات أحلى وأجمل الملابس التقليدية خصوصا النساء والأطفال. وتاريخيا فإن ما كتبه يحيى بن خلدون كاتب السلطان أبو حمو موسى وما نقله المقري في كتابه نفح الطيب خير دليل على عراقة مظهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي اكتسى في عهد أبي حمو موسى الثاني حلة بهية وطابعا شعبيا ورسميا منذ توليه العرش الزياني سنة (760ه / 1359م) الذي صادف ليلة المولد النبوي الشريف آنذاك. وفي الدرب القديم للمدينة بجوار مسجد سيدي ابراهيم، يعود التاريخ القديم حيث تطل قلعة المشور الشهيرة متحدية البناية القديمة والضخمة لدار الثقافة عبد القادر علولة التي تشبه السفينة الراسية في الميناء. تلك القلعة التي يتوسطها القصر الغرناطي المنجز حديثا في محاكات لقصر السلطان الزياني، وبوسط المدينة أين تطل القيصرية بمفرقعات طاولاتها وعروضها التجارية من الملابس التقليدية والحلي والمجوهرات يبدو المسجد الأعظم الكائن قبالة ساحة الأمير عبد القادر وكأنه عائد لتوه من عام 1136م تاريخ بنائه من طرف يوسف بن تاشفين أول أمير للمرابطين . وهكذا وسط تمازج فرحتين، تستقبل تلمسان بثقلها التاريخي المناسبة الدينية التي حضر لها الجميع استقبالا حافلا عكسته تجارة "الدربوكة" للصغار التي انتشرت هذه الأيام في كل مدن الولاية، إضافة لطاولات تبيع مختلف أنواع الشموع والحناء والبخور وسط إقبال كبير من طرف النسوة والأطفال خصوصا والعائلات عموما التي حضرت حفلاتها على طريقتها الخاصة، وفي هذه الأجواء تستقبل تلمسان أولى تساقطات الثلوج التي جعلت من المناسبة الدينية ترتدي "برنوسا أبيضا.