جبهة المستقبل تحذّر من تكالب متزايد ومتواصل:"أبواق التاريخ الأليم لفرنسا يحاولون المساس بتاريخ وحاضر الجزائر"    الجزائر تحتضن الدورة الأولى ليوم الريف : جمهورية الريف تحوز الشرعية والمشروعية لاستعادة ما سلب منها    المحترف للتزييف وقع في شر أعماله : مسرحية فرنسية شريرة… وصنصال دمية مناسبة    مذكرات اعتقال مسؤولين صهاينة: هيومن رايتس ووتش تدعو المجتمع الدولي إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    فروسية/ البطولة الوطنية للقدرة والتحمل: ناديا الفروسية "أسلاك" بتيارت و" لاشياندا' بالبليدة يتوجان باللقب في الفردي    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي محمد إسماعين    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    إلغاء رحلتين نحو باريس    البُنّ متوفر بكمّيات كافية.. وبالسعر المسقّف    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    المغرب: لوبي الفساد يتجه نحو تسييج المجتمع بالخوف ويسعى لفرض الامر الواقع    الجزائر العاصمة : غرس 70 شجرة بصفة رمزية تكريما لأصدقاء الثورة الجزائرية    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    الشباب يهزم المولودية    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    أدرار.. أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى عدة ولايات بالجنوب    بورصة الجزائر : إطلاق بوابة الكترونية ونافذة للسوق المالي في الجزائر    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    حركة مجتمع السلم: حساني شريف يبرز أهمية تعبئة كل القوى الوطنية لمواجهة التحديات    سباق الأبطال البليدة-الشريعة: مشاركة أكثر من 600 متسابق من 27 ولاية ومن دول اجنبية    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    العدوان الصهيوني: الأوضاع الإنسانية في غزة تزداد سوء والكارثة تجاوزت التوقعات    لمست لدى الرئيس تبون اهتماما بالقضية الصومالية    قرار الجنائية الدولية ينهي عقودا للإفلات من العقاب    هذه شروط تأسيس بنك رقمي في الجزائر    استكمال مشروع الرصيف البحري الاصطناعي بوهران    3مناطق نشاطات جديدة وتهيئة 7 أخرى    "السياسي" يطيح بسوسطارة ويعتلي الصدارة    المرافقة النفسية للمريض جزء من العلاج    وفاة طفل تعرض لتسمم غذائي    ضبط مخدرات بالكرط    السداسي الجزائري يستهل تدريباته بمحطة الشلف    إيمان خليف وكيليا نمور وجها لوجه    دورة استثنائية للمجلس الشعبي الولائي للجزائر العاصمة    مجلس الأمة يشارك في الدورة البرلمانية لحلف شمال الأطلسي بمونتريال    دعوة إلى إنقاذ تراث بسكرة الأشم    نحو تفكيك الخطاب النيوكولونيالي ومقاومة العولمة الشرسة    4معالم تاريخية جديدة تخليدا لأبطال ثورة نوفمبر    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    دعم حقوق الأطفال لضمان مستقبل أفضل    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسؤولون وأساتذة في قلب الفضائح بجامعة وهران
تداعيات تسجيل طلبة بدون شهادة الباكالوريا
نشر في الوطني يوم 07 - 06 - 2012

هل كل من تولى التدريس بالجامعات الجزائرية سابقا وحاليا يحوز على شهادة البكالوريا؟
على المنظومة البيداغوجية الجامعية أن تعيد النظر في كيفيات التسجيل التي تعتمدها حاليا
العدالة تقتضي إلغاء شهادة الماجستير وكذا شهادة الدكتوراه لكل حائز لهما، متى ثبت عدم حيازته لشهادة البكالوريا، مع فقده لكل ما تحصل عليه بالجامعة وذلك بأثر رجعي، سواء تعلق الأمر بجامعة وهران السانية أو بغيرها من الجامعات
عميد كلية الحقوق بوهران قام بتسجيل ابنته بفرع "ل م د" الذي قام بفتحه، والتي استفادت من نقاط مبهرة للنظر يعلم الله إن كانت من المستحقين لها حقيقة-
بعض الأساتذة بكلية الحقوق لا يمنعون أنفسهم من إعطاء درجات مقصية للكثير من الطلبة، خاصة على مستوى شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة، ليقوموا بعد ذلك بإلغائها وتعديلها بعد أن يتقرب منهم ذوو الجاه
الحل الأمثل لوضع حد لمثل هذه الظاهرة التي تمس بجامعتنا، يتمثل في إنشاء لجان تفتيش على غرار ما هو معمول به في مستوى التدريس الابتدائي والثانوي- للتأكد من حقيقة ما يقدم للطلبة في المدرجات الجامعية والمخابر وقاعات التطبيق، ومن مدى احترام الأساتذة لمدة الترخيص التي يبقون ملزمين باحترامهم لها
كثر الحديث هذه الأيام في العديد من الصحف اليومية وبعناوين غليظة مثيرة للانتباه، عن طلبة سجلوا أنفسهم في غير الشعب الجامعية التي كان من المفروض أن يسجلوا فيها، بالنظر للمعدلات التي تحصلوا عليها في شهادة البكالوريا، وعن طلبة تمكنوا من التسجيل في شعب متعددة بجامعة وهران دون حصولهم أصلا على شهادة البكالوريا، يعلم الله عددهم ، وأن ذلك أدى حسب ما يشاع في الأوساط الجامعية، بنيابة الجامعة المكلفة بالتسجيل الجامعي لإعادة النظر في التسجيلات الجامعية لكل الطلبة بدءا من عام 2002 ولحد الساعة (؟) بل ولماذا لم يتم اجراء هذه المراقبة ان كنا نريد تحقيق الشفافية حقا، منذ فتح جامعة وهران وباقي الجامعات الجزائرية، وليتم على اثر ذلك اللجوء لنشر قوائم الكثير من الطلبة في مختلف الشعب العلمية وغيرها ولتتم التصريح بكل بساطة بالغاء تسجيلات هؤلاء الطلبة من مجال الدراسة الجامعية بعد سنوات من الكد والجد أثبتوا فيها جدارتهم العلمية، في حين أنه اكتفى بالنسبة للكثير منهم بايراد عبارة "موقوفون عن الدراسة" وهي تفرقة لا مُبرر لها وتبقى غير مبررة على أرض الواقع اللهم الا اذا "...."
وأن ذلك من شأنه أن يطرح لنا الكثير من التساؤلات، ارتأينا اثر الاتصالات المختلفة التي كانت لنا مع الطلبة المعنيين، اثارتها في هذا المقال، والتي يمكننا حصرها تباعا فيما يلي :
التساؤل الأول: هل هذه المسألة تبقى مقصورة على جامعة وهران السانية وحدها، أم أنها تهم جامعات أخرى على مستوى بقية جامعات الوطن؟ ولماذا تم تضخيمها بمثل هذه الصورة في وقت سبق وأن عرفت فيه الكثير من الجامعات مشاكل مماثلة ان لم نقل أكثر خطورة كجامعة سيدي يلعباس القريبة من جامعة وهران، بشأن مسابقة التخصص في العلوم الطبية خلال السنة الجامعية المنصرمة، وكذا جامعة ايسطو بوهران التي سال حولها الكثير من الحبر، والتي وجدت حلا لها داخل أسوار الجامعة نفسها دون أن ترافق ذلك ضجة مماثلة لتلك التي تم اثارتها على مستوى جامعة السانية وبعض الكليات ككلية الحقوق بوهران؟. بل وان التساؤل يبقى مطروحا حول الأطراف الفاعلة في اثارة مثل هذه الضجة بجامعة وهران السانية، لأنه كان يمكن حل هذا الاشكال اداريا وبيداغوجيا دون حاجة لاثارة مثل هذه الزوبعة حول هذه المسألة، والتي من شأنها أن تمس مركز جامعة وهران السانية كمؤسسة ثقافية بداءة، بل وتؤثر على سمعة الجامعة الجزائرية ككل.
والواقع أن مثل هذا التساؤل الذي نطرحه يحتاج للبحث والتحري والتصدي له بنوع من المسئولية. كما أن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا: لماذا قرر مسئولو جامعة وهران السانية الرجوع حتى عام 2002، وما مصير الطلبة الذين تحصلوا بعرق جبينهم على شهادات بعد سنوات من الدراسة والكد والجد، والذين قد يمارسون حاليا وظائف في مختلف القطاعات بالدولة، أو أنهم يتابعون دراساتهم العليا بمختلف الجامعات الوطنية والأجنبية، بموجب شهادة تحصلوا عليها من جامعة وهران السانية، والتي تحصل البعض منهم عليها بمعدل جد مرتفع (؟)
التساؤل الثاني : ثم لماذا يتم حصر النقاش في الطلبة الذين تمكنوا من التسجيل بدون معدل مع حيازتهم على شهادة البكالوريا، أو الذين تمكنوا من التسجيل بإحدى الكليات دون حيازتهم أصلا على شهادة البكالوريا حسب تصريح المسئولين عن ادراة الجامعة بالسانية؟ بل وإن التساؤل الأكثر أهمية هو: من يتحمل المسئولية عن هذا الوضع؟
انه مما لا شك فيه أنه يجب ألا نحصر ذلك في الطلبة وحدهم، لأنه اذا كان هناك مجال للبحث فيمن يتحمل المسئولية عن ذلك وبمختلف أنواعها، فإنه، بكل موضوعية، فإن مثل هذه المسئولية تتحملها بالدرجة الأولى نيابة مديرية الجامعة، وكذا عمداء الكليات ومصالح الدراسة البداغوجية المختلفة، الذين لا يمكنهم الوقوف حاليا موقف المتفرج، والسعي للتهرب من كل مسئولية. وإنه لا يمكن لهؤلاء المسئولين أن يسعوا لاضفاء صفة الضحايا على أنفسهم، لأنهم هم الذين تسببوا في هذا الوضع. فملفات التسجيل الخاصة بهؤلاء الطلبة سبق وأن طرحت بدون منازع، أمامهم من هؤلاء الطلبة الذين تم تسليمهم شهادات التسجيل الخاصة بهم، وهي الشهادات التي مكنتهم من بطاقات الدراسة بالكلية التي تم تسجيلهم بها، وكذا من كشوف النقاط المتعلقة بكل السنوات التي درسوها بالكلية كلما ارتقوا من سنة جامعية لأخرى: فأين كان هؤلاء المسئولون طوال هذه الفترة كلها؟. ثم أليس من المؤكد أن التقصير في المراقبة قد حصل من هؤلاء المسئولين، وأنهم هم الذين يجب أن يتحملوا حتما نتائج وتبعات التقصير الصادر منهم؟ ثم ما ذنب الطالب الجامعي الذي درس لعدة سنوات خلت والتي أثبت خلالها جدارته العلمية ليفاجأ بعد سنوات قد تصل الأربع سنوات من الكد الجامعي، وقد تتجاوز هذه الفترة كلها، أنه لا يمكنه الحصول على المؤهل العلمي الذي أعد نفسه له، بل وليكتفي المسئولون عن هذا الوضع بتهديده بكل بساطة بارفاق عبارة "الغاء التسجيل" مرتبطة بلقبه وباسمه، وليتم تعليق هذه القائمة بمقر الكلية للتشهير به، وكأنه ارتكب جريمة؟ مع أن الفعل المنسوب اليه صدر أساسا من إدارة الجامعة نفسها، ومن الكلية التي يتبعها والتي يجب أن يتحمل المسئولون عنها المسئولية كاملة.
بل وإن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا: ألا يمكن اعتبار هؤلاء الطلبة في نهاية المطاف هم الضحية. فلولا تهاون الادارة الجامعية لما تم تسجيل هؤلاء الطلبة بصفة رسمية، ولما تم تميكنهم ببطاقة الطالب الخاصة بهم، ولما سمح لهم بأداء الامتحانات الجامعية بمختلف أنواعها: الكتابية منها والشفهية؟ ولما تم تمكينهم بشهادات النجاح بشأن السنوات الجامعية التي درسوها، كما أنه ليس من المعقول في شيء، أن تسمح الادارة الجامعية لنفسها بالتهرب من المسئولية الملقاة على عاتقها بهذا الخصوص، لأنها تبقى هي المسئول الأول والأخير عما حصل؟
التساؤل الثالث: بل وأكثر من ذلك، فمن حقنا أن نتساءل: كيف نفسر أن هؤلاء الطلبة يصبحون مهددين بالمساس بما اكتسبوه من حقوق، وبعد أن تم تمكينهم بشهادات النجاح المتعلقة بالسنوات الجامعية التي اجتازوها بنجاح، وبعد أن نجحوا في كل الامتحانات المحددة لهم قانونا، وفق التنظيم الجامعي المعمول به. فهؤلاء الطلبة، وبعد اجتيازهم لسنوات الدراسة بنجاح، بل وأحيانا بامتياز، فانهم يكونون بذلك اكتسبوا حقا في أن تتوج دراستهم بتمكينهم من شهادة النجاح الخاصة بهم.
ثم ما مصير السنوات الجامعية التي قضاها هؤلاء الطلبة بالكليات المعنية بحضورهم للدراسة صباح مساء دون أن ينازعهم في ذلك أحد، ليقوم المسئولون عن المؤسسة الجامعية في نهاية المطاف، وبقصد التهرب من المسئولية الملقاة على عاتقهم التي يتحملون وزرها الأكبر، بحرمانهم من الحصول على هذه الشهادة التي تعبوا في سبيل الحصول عليها، في وقت ربما لم يفلح الكثير من زملائهم الذين يحوزون على شهادة البكالوريا في الحصول عليها؟التساؤل الرابع : هل يعقل أن يعاقب هؤلاء الطلبة وحدهم وأن يتم التشهير بهم هم وحدهم، بل وانه من حق أولياء هؤلاء الطلبة أن يتساءلوا مع الكثير من فلذات كبدهم: هل كل من تولى التدريس بالجامعات الجزائرية سابقا وحاليا يحوز على شهادة البكالوريا؟. ان هذا التساؤل يفرض نفسه، خاصة بعد أن أعلنت بعض الصحف الوطنية أن الكثير من الحائزين على لقب "دكتور"في الكثير من الكليات والذين يتولون مهام التدريس بها لا يحوزون أصلا على شهادة البكالوريا؟.
وإن هذا التساول يحتاج من المسئولين عن الجامعة الجزائرية إجابة واضحة وصريحة. ذلك أنه ليس من المعقول في شيء، أن نحمل المسئولية لطلبة ذنبهم الوحيد أنهم تم تسجيلهم من ادارة الجامعة نفسها في شعبة ما بالجامعة، بحجة أن النظام الجامعي الداخلي يمنعهم من ذلك، أوأنهم تمكنوا من التسجيل بهذه الشعبة بدون حيازتهم على شهادة البكالوريا، وأن نحاول أن نتناسى في نفس الوقت، أن الجزء الأكبر من هذه المسئولية يقع على عاتق المسئولين الاداريين على مستوى الجامعة نفسها، وكذا على مستوى الكليات التي تتبع هذه الجامعة. فمسئولو الجامعة وعمداء الكليات التابعة لها، بسكوتهم وبرعونتهم، فإنهم يبقون أصلا هم المسئولين اداريا وبيداغوجيا عن هذا الوضع. بل وما ذنب أولياء هؤلاء الطلبة الذين تفاءلوا خيرا بفلذات أكبادهم، ليفاجؤوا لاحقا بخلاف ذلك، وليروا فلذات كبدهم مهددين اداريا و... في وقت ينعم فيه المسئولون عن عمليات التسجيل والادارة والتسيير بالهناء وبالراحة الكاملين، مع أنهم كما سبق التاكيد على ذلك، هم الذين يتحملون الوزر الأكبر من ذلك كله (؟) .
التساؤل الخامس : إن هذه الاشكالية تؤدي بنا لطرح تساؤلات أكثر أهمية والتي يمكننا حصرها فيمايلي:
أ كيف يلزم طالب مثلا درس العلوم التجريبية طوال الثلاث سنوات الأخيرة من التعليم الدراسي الثانوي، قبل أدائه امتحانات شهادة البكالوريا، من التسجيل في تخصص لا علاقة له به أصلا، كأن يلزم مثلا طالب درس في شعبة العلوم التجريبية، بأن يسجل نفسه في مادة العلوم الاجتماعية أو الآداب أو العلوم القانونية أو في شعبة أخرى لا علاقة له بها. وإن مثل هذا التساؤل يفرض نفسه، خاصة وأن الجميع يدرك أن عدم حصول طالب ما على المعدل المطلوب، لا يرجع بالضرورة لتدني مستواه الدراسي، وإنما قد يكون مرجعه الارهاق المدرسي الذي ألم به، أو مشكلة نزلت به أو مصيبة تعرض لها لأيام قلائل قبل ترشحه لامتحانات شهادة البكالوريا، وهي الشهادة التي أصبحت عائقا بالنسبة للكثير من الطلبة الذين يعتبرون من الطلبة الممتازين، والذين بسبب إصابتهم بمكروه قبل اجتيازهم لها، قد بفشلون في الامتحان. وتلك مسألة لا يمكن أن تغيب عن ذهنيات المشرفين على امتحانات البكالوريا، بل وإنها يجب أن يضعها المختصون في التوجيه الجامعي حين تسطيرهم للشعب التي يلزم الطالب بالتسجيل بها والتي قد لا تتماشى مع رغباته الدراسية أصلا.
ب / وعليه ، فإن ذلك يتطلب من المنظومة البيداغوجية الجامعية أن تعيد النظر في كيفيات التسجيل التي تعتمدها حاليا، والتي أثبتت في الكثير من الأحيان عدم نجاعتها، بقصد تمكين كل طالب متحصل على شهادة البكالوريا في علوم الطبيعة مثلا، من اختيار الشعبة العلمية المرتبطة بالدراسة التي تلقاها في المرحلة الثانوية وإن اقتضى الأمر كما هو معمول به لدى الكثير من الجامعات في الكثير من الدول المتوسطية فتح مسابقة على مستوى السنة الجامعية الأولى كما هي الحال بالنسبة لمادة الطب المعتمدة على مستوى الجامعات الأروبية، ككليتي الطب بباريس وليون، فنحقق بذلك، وبدون شك، مبدأ المساواة في المعاملة بين كل الطلبة، ونحقق بالتبعية الغاية المرجوة من التعليم الجامعي. بل وإننا سنتمكن من تحقيق نوع من التوفيق بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة.
ج / وفيما يتعلق بالطلبة الذين لم يتحصلوا أصلا على شهادة البكالوريا لسبب ما، والذين تم تسجيلهم من المسئولين بالمؤسسة الجامعية، فإنهم بعد أن أثبتوا مقدرتهم العلمية، وخاصة منهم ممن وصلوا الى السنة الأخيرة من الليسانس، فإنه ليس من العدالة في شيء، أن نصرح لهم بكل بساطة بالغاء تسجيلاتهم وحرمانهم من الحصول على شهادة الليسانس، التي كدوا واجتهدوا في سبيل حصولهم عليها (؟) وفي الوقت الذي لا يتعرض فيه المسئولون الجامعيون الذين تسببوا في ذلك بسبب تهاون وتقصير صادرين منهم أي جزاء أيا كان نوعه وأيا كانت طبيعته (؟)
انه مما لا شك فيه أن المنطق السليم يرفض مثل هذا الحكم القاسي بشأن طلبة يصبحون في نهاية المطاف هم الضحايا لنظام جامعي، تعطى فيه الغلبة للقوي، ويحمي المسئول الاداري وحده، بالرغم من اهماله ومن تهاونه، بل وقد يؤدي بهؤلاء الطلبة الى مغادرة وطنهم، ليجدوا لهم ملجأ في دول أخرى تفتح ذراعيها لكل الكفاءات، علما أنه لو قام المسئول بالجامعة والمسئولون بالكلية بالمهام الموكلة اليهم على مقتضاها لما وصلنا لهذا الوضع.
واننا نرى بهذا الخصوص، أنه يمكن ايجاد حل لهذه المشكلة التي أصبحت تؤرق طلبة جامعة السانية وذويهم، وذلك بالقيام بما يلي:
أ/ فتح تحقيق مع المسئولين الداريين بالجامعة والكليات المختلفة، نظرا للاهمال الصادر منهم بهذا الخصوص.
ب/ تمكين الطلبة الحائزين على شهادة البكالوريا من التسجيل في الشعب التي يبقى من حقهم التسجيل بها.
ج/ توقيف كل متابعة جزائية ضد هؤلاء الطلبة، لأنه اذا كان هناك مجال لفتح أي تحقيق قضائي، فإن ذلك يجب أن يشمل مسئولي عمادة الجامعة بالسانية، وعمداء الكليات والمسئولين على التسجيل البيداعوجي بها، بالنظر للاهمال الصادر منهم، ولمنع كل استغلال لاحق للطلبة، خاصة وأنه تبين أن الكثير من الطلبة المعنيين بذلك، تم تسجيلهم في وقت كانوا فيه قصرا، أي لم يكونوا حينها قد بلغوا سن الرشد بعد (؟) .
د/ وبالنسبة للطلبة الذين وصلوا سن ليسانس، فإنه يبقى من حقهم أن يطالبوا بتمكينهم بشهادة الليسانس، لأنهم بوصولهم مستوى الرابعة ليسانس، فإنهم أثبتوا جدارتهم وقدرتهم على تلقي هذا اللقب مع منحهم شهادة الليسانس التي أصبح من حقهم الحصول عليها، وعند الاقتضاء فإنه يبقى بالامكان منعهم من المشاركة في الدراسات العليا، لحين حصولهم على شهادة البكالوريا، تماشيا مع ما استقر عليه الاجتهاد الجامعي بالنسبة لأساتذة سبق لهم الحصول على شهادة الماجستير دون أن يكونوا حائزين على شهادة ليسانس، ولم يرخص لهم للتسجيل في قسم الدكتوراه لحين حصولهم على شهادة البكالوريا. وإنه بمثل هذا الحلّ، نحقق مبدأ المساواة في المعاملة بين المتعاملين داخل الأسرة الجامعية لا فرق بين مسئول ومحكوم.
مع ملاحظة أنه اذا تقرر الغاء التسجيل الاداري للطلبة المعنيين، فان العدالة تقتضي إلغاء شهادة الماجستير وكذا شهادة الدكتوراه لكل حائز لهما، متى ثبت عدم حيازته لشهادة البكالوريا، مع فقده لكل ما تحصل عليه بالجامعة وذلك بأثر رجعي، سواء تعلق الأمر بجامعة وهران السانية أو بغيرها من الجامعات، وأيضا فقد الموظف غير الحاجز على شهادة البكالوريا لكل المهام والامتيازات التي تكون سلمت له في اطار الوظيف العمومي.
وإن الغريب في الأمر، هو أن بعض السادة العمداء، يلجأون لحرمان هؤلا الطلبة من الاستمرار في دراساتهم، بالرغم من أن البعض الآخر من السادة العمداء لا يمانع الطلبة المسجلين بالكليات التي يشرفون عليها من مواصلة دراستهم بها وخيرا فعلوا.
بل وإنه مما يزيد الأمر غرابة، هو أن بعض عمداء الكليات الذين يسعون بكل الوسائل لحرمان هؤلاء الطلبة من مواصلة دراستهم، مع أن لهم أبناء، لا تتوافر فيهم هم أنفسهم شروط الدارسة الجامعية بالشعبة التي تم تسجيلهم بها، فإنهم في نفس الوقت لا يتقاعسون عن استغلال نفوذهم، بافادتهم لأولادهم ولبناتهم بميزات ولو على حساب الجامعة والتنظيم الجامعي المعمول به. وكمثال على ذلك، فقد كشف لنا الكثير من الطلبة، أن عميد كلية الحقوق بوهران قام بتسجيل ابنته بفرع "ل م د" الذي قام بفتحه، والتي استفادت ابنته من نقاط مبهرة للنظر يعلم الله ان كانت من المستحقين لها حقيقة. بل وإن عميد هذه الكلية، لم يتقاعس في حرمان أستاذ متخصص في مادة القانون الدولي العام، من التدريس بالسنة الثانية في" ل. م.د" الذي سجل ابنته به، والذي يعتبر هذا العميد هو المشرف عليه، ليقوم باستبداله بأستاذ آخر أقل منه مستوى ومقدرة علمية، ليسمح لابنته بالنجاج بامتياز (؟) وليقوم بتسجيله لها لاحقا في الماستر في نفس التخصص. كما أنه قام بدون الحصول على قرار علمي أو اداري، بالموافقة بتسجيلها لتحضير شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة التي تتطلب من الطالب أن يكون قد درس على الأقل لمدة أربع سنوات سابقة قبل تسجيل اسمه بقائمة المترشحين لنيل شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة. بل وإن عميد هذه الكلية، تمكن أيضا من تسجيل إبنه في ماستير "بنوك وتأمين" بعد نقله من النظام الجامعي "التقليدي" وبدون اجتيازه للمسابقة التي ألزم زملاؤه بالمشاركة فيها، والتي قلما نجحوا فيها، وذلك بالمخالفة لما هو معمول به في هذا المجال، وليسمح لنفسه باتهام فلذة أكباد الغير بالغش، وهو أول من صدر منه مثل هذا الغش، بالتواطئ مع الغير، لسبب بسيط هو أنه يشغل منصب عميد كلية الحقوق (؟) .
بل وأكثر من ذلك، فان عميد كلية الحقوق قام بفتح "شهادة ماستر" بهذه الكلية، ليتعجب الجميع من أنه تم فسح المجال بهذا الماستر لأبناء أصدقائه ولحماته، للنجاح وحدهم به، حارما في نفس الوقت طلبة جديين من ذلك (؟) فالى أين نتجه إذن (؟)
وانه يطلب للتحري حول ذلك كله وللتأكد من تجاوزات عميد كلية الحقوق بجامعة وهران على سبيل المثال فقط ، فإن ايفاد لجنة تحقيق وزارية لهذا الغرض يبقى ضروريا، بغية تسليط الضوء على هذه الحقائق كلها، ولأن مثل هذا التحقيق سيوضح لنا مدى استغلال عميد كلية الحقوق للنفوذ الذي أصبح يتمتع به وسيتحقق الجميع من أنه هو الذي فتح المجال أمام الغش، ولكنه اقتصر في ذلك على افادة أبنائه وذويه ومقربيه منه، دون باقي الطلبة من المعوزين، وممن لا تتوافر لديهم الأيدي الطويلة لتحقيق مثل هذه الغاية، مع أنهم نجباء ومن أصحاب المعدلات المرتفعة في نهاية الدراسة الجامعية. بل والغريب في الأمر، أن الكثير من المشاكل التي تعاني منها كلية الحقوق لم تعط العناية الكفاية للتحري بشأنها، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
لماذا تمت الموافقة على نقل كلية الحقوق من جامعة وهران بالسانية الى دوار بلقايد دون أن يرافق ذلك الاعداد للمرافق الجامعية المؤهلة لاستقبال الطلبة، وفي وقت بنيت به هذه الكلية بشكل يعود بنا لسنوات الستينات. ودليل ذلك، أن الكثير من القاعات التي تتكون منها هذه الكلية وباقي الكليات الآخرى، المجاورة لها، بنيت في شكل سجن مغلوق، ولا يتوفر على أدنى شروط الحماية في حالة حدوث حريق لا قدر الله. بل وإن شروط الأمن تبقى منعدمة في هذه الكلية والكليات الملاصقة لها، بدليل أنه لأمد ليس بالبعيد، بقيت الكلاب المهملة تهاجم الطلبة داخل الحرم الجامعي نفسه (؟)
ثم هل ما تم اقتناؤه من عتاد بهذه الكلية يطابق قيمته الحقيقية فعلا. وعلى سبيل المثال، فإن أجهزة الحاسوب الإلكتروني المقتناة والتي تم احتسابها على بعض الأساتذة بالكلية بحجة أنها جائزة لهم عن مثابرتهم (؟) تدعونا للتساؤل عن نوعيتها، وعما اذا كانت تطابق قيمتها الحقيقية المصرح بها، خاصة وأنه تبين أن الكثير منها أصبح غير صالح للاستعمال لمدة جد يسيرة (؟)
كما أنه يلاحظ أن بعض الأساتذة بكلية الحقوق لا يمنعون أنفسهم من اعطاء درجات مقصية للكثير من الطلبة، خاصة على مستوى شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة، ليقوموا بعد ذلك بالغائها وتعديلها بعد أن يتقرب منهم ذوو الجاه. وإن فتح تحقيق بشأن ذلك على مستوى شهادة الكفاءة المهنية للمحامين (دورة ديسمبر 2011 على سبيل المثال) يبقى ضروريا للوقوف على حقيقة الأساتذة الذين يتلاعبون بمصالح الطلبة، ويسعون لتحقيق مآرب خاصة بهم لا علاقة لها بالتعليم الجامعي .
واضافة لما سبق، فانه يتعين البحث في حقيقة بعض الأساتذة بهذه الكلية وهو ما قد يصدق أيضا على الكثير من أساتذة باقي الكليات الأخرى أيضا، الذين لا تتجاوز فترة التدريس بالنسبة إليهم ال 20 دقيقة كحد أقصى، بالرغم من أن حصة المحاضرة النظرية لا يجب أن تقل عن ال90 دقيقة (؟) بل ويعلم الله ما يقدمه هؤلاء الأساتذة من معلومات للطلبة (؟) بل وإن البعض منهم من المدرسين بكلية الحقوق بوهران، دأب على استعمال عبارات أثناء محاضرته يندى لها الجبين، وأن ذلك كثيرا ما يؤدي بالطالبات خاصة، وببعض الطلبة الذكور أيضا، لمغادرة المدرج، لأنهم يحسون أنهم يُخدشُون في شعورهم، وتبين أن ذلك يبقى وسيلة تستعمل من الأستاذ المحاضر للمادة لتميكنه من مغادرة المدرج بحجة أن الطلبة لا يكنون له أي احترام (؟) ناهيك عن أساتذة لا يسعون اطلاقا لتطوير مستواهم العلمي، فيكتفون بإلقاء محاضرات أكل عليها الدهر وشرب، ولا تساير إطلاقا مستجدات العصر وأنهم بذلك يبقون الطلبة متخلفين عن مواكبة التطور العلمي .
وإن الحل الأمثل لوضع حد لمثل هذه الظاهرة التي تمس بجامعتنا، يتمثل في إنشاء لجان تفتيش على غرار ما هو معمول به في مستوى التدريس الابتدائي والثانوي، للتأكد من حقيقة ما يقدم للطلبة في المدرجات الجامعية والمخابر وقاعات التطبيق، ومن مدى احترام الأساتذة لمدة الترخيص التي يبقون ملزمين باحترامهم لها.
وعليه، فإنه يتعين على المسئولين على مستوى الجامعة، وخاصة أولئك الذين يتربعون على مستوى قمة الهرم الجامعي، ودون أية تفرقة بين جامعة وأخرى، التفكير في إيجاد حلول موضوعية وعلمية لكل هذه المشاكل التي تواجهها الجامعة الجزائرية، عوض اللجوء لاعتماد حلّ بسيط، يتمثل في القيام بإقصاء بعض الطلبة دون أصحاب النفوذ الاداري بالجامعة نفسها. علما أنه في حال عدم قيام مسئولي الجامعة بإيجاد حل موضوعي لذلك كله، فإن ذلك سيسمح بالتحكم في مصير طلبة أبرياء غالبا ما يكونون من الطلبة البسطاء، والذين هم أولا وقبل كل شيء من فلذات أكبادنا، وغيرهم من باقي الطلبة، ومن شأنه أن يمس بمبدأ العدالة في المعاملة، لأنه ليس من العدالة في شيء، أن يعاقب بعض الطلبة لا حول لهم ولا قوة لهم، في الوقت الذي ينعم فيه البعض الآخر بالراحة وبالطمأنينة، لأن أولياءهم عمداء بالكلية، كما هي الحال بالنسبة لكلية الحقوق بوهران، أو من ذوي النفوذ بهيأة التدريس.
واننا نأمل أن تجد هذه التساؤلات التي طرحناها بكل موضوعية، حلاّ لها يرضي الجميع، ويحول دون حرمان الطلبة الذي جدوا واجتهدوا في سبيل الحصول على شهادات استحقوها بعرق جبينهم، كما أن ذلك من شأنه أن يؤدي لتحميل كل مسئول في الجامعة وفي الكلية التي يتبعها هؤلاء الطلبة المسئولية الملقاة على عاتقه. وإن التاريخ أثبت أن الحلول البسيطة كاللجوء لاقصاء بعض الطلبة دون البعض الآخر، ودون تحديد المسئوليات في ذلك، سيحقق اللامساواة في المعاملة، وسيؤدي لاقصاء الكثير من الطلبة وتهميشهم وهو أمر قد لا تحمد عقباه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.