توقع تقرير اقتصادي حديث عدم انخفاض أسعار القمح في الأسواق العالمية خلال العام الجاري، موضحا أن فاتورة استيراد القمح سترتفع لدى الدول النامية ومنها العربية، وعلى رأسها الجزائر التي في كل مرة تحتل المراتب الأولى عالميا في استيراد هذه المادة الأساسية، مؤكدا أنه سوف تستمر هذه الأسعار في الزيادة بما سيمثل عبئا كبيرا على اقتصاد كل الدول التي تعتمد في توفير هذه المادة على الاستيراد بنسبة كبيرة مؤكدا أن الجزائر تأتي في المرتبة ما قبل الأخيرة في اكتفائها الذاتي من مادة القمح، ويشير نفس التقرير إلى إحتمال ارتفاع أسعار المنتوجات المشتقة من القمح بما فيها مادتي الفرينة والسميد. وقال تقرير الاتجاهات الاقتصادية الإستراتيجية للدول العربية الذي صدر مؤخرا عن مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام الذي يشرف عليه مجموعة من الخبراء الاقتصاديين، أن اليمن تصدرت قائمة الدول العربية الأقل في معدل الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة لا تتجاوز 15 بالمائة، تليها الجزائر بنسبة 32 بالمائة والعراق ب 44 بالمائة، وذلك وفقا للتقارير السنوية التي تصدرها المنظمة العربية للتنمية الزراعية. وأشار التقرير إلى أنه لا يوجد سوى دولتين فقط من الأقطار العربية نجحتا في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وانتقلتا إلى آفاق التصدير وهما سوريا والمملكة العربية السعودية، لتتصدر الجزائر قائمة الدول الأكثر استيرادا للقمح من الأسواق العالمية، وهذا ما يجعلها عرضة أكثر من أي دولة عربية أخرى -حسب التقرير- لعدم تحقيق اكتفائها الذاتي من القمح، رغم الحديث عن جني محاصيل كبيرة لهذه المادة في الكثير من ولايات التراب الوطني قبل انطلاق موسم الحصاد الرسمي للسنة الجارية. ولفت التقرير إلى أن العام الأخير شهد طفرات كبيرة في أسعار تداول بيع القمح في البورصات العالمية، حيث سجلت أسعار شهر سبتمبر الفارط مستويات تراوحت بين 430 و500 دولارا للطن، وارتفعت الأسعار في نهاية العام إلى نحو 550 دولارا للطن. وأرجع التقرير ذلك إلى عدة أسباب أهمها انخفاض المساحة المزروعة بالقمح في الجزائر خاصة، إلى أكثر من 1.5 مليون هكتار، وهو ما يمثل أقل من نصف الأراضي المبرمجة لزراعة مادة القمح. كما أشار التقرير من جهة أخرى إلى انخفاض محصول عدد من الدول الكبرى المصدرة للقمح والتي عادة ما تستعين بها الجزائر لتغطية النقص المسجل في السوق الوطنية، مثل كندا بنسبة انخفاض وصلت إلى حد 10 بالمائة، وأستراليا بسبب الجفاف نحو 20 بالمائة، مع تسجيل انخفاض واسع في المحصول الأمريكي، ما يؤكد احتمال ظهور أزمة حقيقية في نهاية الموسم الجاري، تتعلق بتغطية حاجة السوق الوطنية من هذه المادة الأساسية، خاصة مع وجود عامل المفاجأة المناخية التي عادة ما تؤثر في المحاصيل الوطنية من مادة القمح مع نهاية الموسم. كما أرجع التقرير الارتفاعات الملحوظة في أسعار القمح إلى أسباب أخرى في مقدمتها دخول عدد من الدول الأوربية والآسيوية التي حققت الاكتفاء الذاتي من القمح لسنوات عديدة كمشترين جدد في أسواق القمح العالمية، وهي دول ذات كثافة سكانية عالية مثل الهند، والصين، فضلا عن ترويج الدول المصدرة لشائعة دخول القمح في معترك إنتاج الوقود من المحاصيل الزراعية واستجابة بعض الدول العربية للدعايات العلمية المدعمة بالرسوم والمرسلة من الدول المصدرة للقمح التي تزعم أن استيراد الجزائر وباقي الدول العربية للقمح أرخص من زراعته، إضافة إلى ما سيوفره ذلك من كميات كبيرة من المياه العذبة المستخدمة في ري القمح بكميات تبلغ نحو 15 مليار متر مكعب من المياه في الجزائر وحدها. ويطرح التقرير رؤية للتغلب على الارتفاع في أسعار استيراد القمح في الدول العربية، والتي سيتأثر اقتصادها كثيرا لو استمرت هذه الأسعار على هذا المستوى من بينها الجزائر، مشيرا إلى أهمية زيادة المساحة المزروعة بالقمح في الدول العربية إلى أكثر من 50 بالمائة من مساحة الأراضي الزراعية، بدلا من 30 بالمائة فقط حاليا، كذلك زيادة المساحة المزروعة بالقمح وذلك بوضع سياسة مالية جديدة ومجدية لأسعار شراء القمح من الفلاحين تتماشى مع الأسعار العالمية، وتشجع أولئك الفلاحين على زراعته. كما يوصي التقرير بضرورة استصلاح الأراضي الزراعية، مؤكدا أن هذه المساحات تحتاج إلى الخبرة العلمية والتقنية والعمالة، بما في ذلك توسيع الاستثمارات المالية في هذا المجال لسد جزء كبير من الفجوة الغذائية في السوق الوطنية ولتحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل من القمح. وقال تقرير الاتجاهات الاقتصادية الإستراتيجية الذي صدر مؤخرا، وأكد في مضمون تحاليله إن الجزائر جاءت في المرتبة ما قبل الأخيرة بعد اليمن في قائمة الدول العربية الأقل من حيث معدل الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة لا تتجاوز 32 بالمائة، مشيرا في نفس الوقت إلى ان الجزائر حطمت كل الأرقام القياسية في استيراد هذه المادة الأساسية والتي احتلت المرتبة الأولى عالميا، ما جعل بعض المختصين في الاستراتيجيات الاقتصادية يحذرون من تدهور الوضعية العامة لقاعدة الاقتصاد الوطني.