شلل القطارات يضاعف أزمة النقل بالعاصمة وضواحيها تسبب أمس توقف سائقي القطارات عن العمل في إرباك حركة النقل على مستوى العاصمة وضواحيها، حيث تفاجأ المواطنون ممن ألفوا التنقل إلى مقرات عملهم باستعمال القطارات بتوقف هذه الأخيرة عن السير منذ الساعات الأولى للصباح، الأمر الذي تسبب في خلط أوراق الجميع. قد تمر إضرابات مختلف القطاعات في يومها الأول دون أن تؤثر سلبا ودون أن ينتبه إليها أغلبية المواطنين، لكن ما لمسناه أمس كان مغايرا تماما كون الأمر تعلق بقطاع حساس يعتبر أحد شرايين الحياة، حيث امتلأت المواقف والمحطات وكذا الطرقات بجموع المواطنين الذين يتزاحمون على الظفر بمقعد في حافلة أو سيارة أجرة أو حتى مكان من أجل الوقوف فيه، فالمهم هو الوصول إلى الوجهة المقصودة ولو كان ذلك وقوفا. مواطنون ضائعون والفرصة لسيارات الأجرة من خلال الجولة الاستطلاعية التي قامت بها "اليوم" إلى بعض محطات القطار بالعاصمة وضواحيها، أجمع كل من التقينا بهم أن خبر إضراب سائقي القطارات أصبح ينزل كالصاعقة على المواطنين الذين يجدون أنفسهم ضائعين، حيث تقول "أمينة" التي اعتادت استعمال القطار من أجل الوصول إلى مقر عملها بالعاصمة "تعودت أن أركب من محطة بوفاريك باتجاه العاصمة في حدود الساعة السابعة وخمسين دقيقة والذي يصل إلى محطة "أغا" في حدود الساعة الثامنة والنصف صباحا، حيث أصل إلى عملي قبل الوقت المحدد بحكم أننا نبدأ على الساعة التاسعة صباحا، لكن كما ترون اليوم أنا ضائعة ومشتتة لا أدري كيف ومتى سأصل، هل أتوجه إلى محطة الحافلات أم إلى موقف سيارات الأجرة". رافقنا أمينة التي قررت التوجه إلى موقف سيارات الأجرة بحكم أنها تتوسط مدينة بوفاريك، في حين أن محطة الحافلات تقع في مكان معزول نوعا ما ولابد من استعمال وسيلة نقل أخرى من أجل الوصول إليها، تفاجأنا لدى وصولنا إلى المكان بكم هائل من المواطنين ينتظرون وصول سيارة أجرة التي لم يكن هناك أثر لأي واحدة منها بالمكان، رغم أن أصحابها اعتادوا البقاء والانتظار من أجل وصول دورهم أو تكرم الزبائن بالركوب معهم، وبعد انتظار قارب 20 دقيقة جاءت إحدى سيارات الأجرة غير أنها كانت ممتلئة ولم يبق سوى مقعدين اثنين تدافع الزبائن على الظفر بهما. بعدها بحوالي عشر دقائق، جاءت سيارة أجرة أخرى تزاحم عليها المواطنون ولحسن الحظ أن السائق ركن سيارته بعيدا نوعا ما، كما أن الأمر الذي ساعد أمينة على الركوب والتوجه إلى عملها هو إعلام سائق الأجرة لزبائنه مسبقا بأنه سيتوجه إلى محطة خروبة مباشرة ولن يمر عبر "لاكوت" ببئر خادم. الفرصة المواتية ل "الكلوندستان" يبدو أن الكم الهائل من المواطنين الذين امتلأ بهم الموقف، أسال لعاب بعض مقتنصي الفرص والانتهازيين الذين يجدون في معاناة الآخرين فرصة للربح السريع بعد أن طال انتظار هؤلاء المواطنين ونفذ صبرهم. مرت إحدى سيارات "الكلوندستان" بالمكان، حيث طلب سائقها من الزبائن مبلغ 200 دينار عن الشخص الواحد وهو ما قبل به البعض خاصة أولئك الذين كانوا في عجلة من أمرهم. بوادر الإضراب تجتاح الطريق السريع لعل الغريب في الأمر أن بوادر إضراب سائقي القطارات تنقلت إلى الطريق السريع، فبعد مغادرتنا لمدينة بوفاريك فوجئنا بأعداد هائلة من المواطنين الذين حاولوا توقيف سيارة سواء عبر المواقف المخصصة للحافلات أو على مستوى بعض الأحياء السكنية المتواجدة على طول الطريق السريع مثلما هو الحال لتسالة المرجة، بئر توتة وبابا علي. كما أن الأمر الذي لفت انتباهنا هو الازدحام الكبير للسيارات على مستوى هذا الطريق، حيث وصلت طوابير السيارات إلى مسافة تزيد عن الكيلومتر على مستوى الحاجز الأمني لبابا علي، وذلك بسبب أن بعض الأشخاص ممن اعتادوا التنقل إلى مقر عملهم عبر القطار اضطروا إلى استعمال سياراتهم مثلما هو الحال للآنسة لامية من البليدة التي تعمل بساحة أول ماي، حيث أكدت لنا أنها اعتادت الذهاب إلى عملها بالقطار، لكن بعد أن علمت بإضراب سائقي القطارات عادت إلى منزلها وأحضرت سيارة والدها من أجل تجنب مشاكل النقل. والأمر نفسه بالنسبة لمحمد من البليدة الذي يأبى التنقل إلى عمله باستعمال سيارته الخاصة وذلك بسبب ما يعانيه من أجل ركن سيارته، إلا أنه اضطر اليوم إلى استعمالها، ما يفسر الازدحام الكبير في حركة المرور. سوء التنظيم زاد الطين بلة لعل الأمر الذي ضاعف معاناة المواطنين وأخلط أوراقهم، هو سوء التنظيم والتسيير الذي عودنا عليه عمال قطاع السكك الحديدية، فعلى خلاف العديد من القطاعات الأخرى التي تعلن عن دخولها في إضراب مسبقا، فإن سائقي القطارات يفاجئون زبائنهم بإضراباتهم غير المعلن عنها، وهو ما يكبّد المواطنين خسائر ومتاعب مضاعفة هم في غنى عنها. وتبقى معاناة مستعملي القطار على مستوى الضاحية الغربية للعاصمة عن باقي الضواحي الأخرى التي تبقى واحدة وإن اختلفت الأماكن.