كشف المحامي الفرنسي، إيمانوئيل بييرا، المختص في حماية الملكية الفكرية وحقوق المؤلف والاتصال أن عدد قضايا القرصنة المسجلة سنويا من قبل الجهات القضائي في باريس بلغت 17000 قضية تم الفصل فيها، وقضايا أخرى لم يفصل فيها نهائيا، من ذلك قضية استنساخ مؤلفات فرانس فانون في شكل نسخ مقلدة ووضعها رهن التداول بين الجمهور عبر الأنترنت. وأرجع المحامي في تصريح ل "النهار" سبب استهداف هذه المصنفات من قبل شبكات مافيا متخصصة في القرصنة أحيانا، الى ندرتها في المكتبات، ومن بين الذين قاموا بإعادة إحياء مصنفات فرانس فانون وترجمتها وتوزيعها في شكل نسخ مقلدة هم الأمريكيون السود مستندين عليها في كفاحهم ضد التفرقة والتمييز العنصري. واعتبر ذات المتحدث أن التعرف على المصنفات المقلدة عبر الأنترنت سهل، وعليه اتخذ تدابير مستعجلة لتحصيل حقوق ورثة فرانس فانون ودور النشر المتضررة تمثلت في بعث رسائل إلتكرونية لكل المواقع التي نشرت هذه النسخ للتذكير بالقوانين المطبقة والإجراءات المتخذة لتعويض مالكي الحقوق. وكانت الردود مختلفة فمنهم من تفهموا الأمر واستفسروا عن كيفية دفع الحقوق، وآخرون أرجعوا هذا لعدم توفر هذه المصنفات في بلدانهم، وهناك من تجاهل الأمر. ويقول المحامي إنه بفضل هذه الإجراءات تم التوصل لحماية جزئية لمصنفات فرانس فانون، كما تأسف في ذات الوقف لحال المؤلفين والكتّاب الذين توقفوا عن إبداعاتهم وتركوا أوطانهم نتيجة قرصنة أعمالهم، مستدلا في ذلك بما حصل بيامكو، حيث تم غلق دور إنتاج الأشرطة السمعية واستديوهات التسجيل بالمنطقة إثر استنساخ المصنفات الفنية في شكل نسخ مقلدة وتوزيعها في الأسواق بطريقة غير قانونية، ما جعل هؤلاء الفنانين المعروفين عالميا يتركون أوطانهم ويتجهون لأوروبا وبالتحديد إلى فرنسا، حيث باشروا عملهم من جديد. وفي نفس السياق أشار بييرا إلى أن وضعية الحماية الفكرية في فرنسا عموما لا تختلف كثيرا كما هو موجود في الجزائر، خاصة مع صدور القانون الجزائري سنة 2003 الخاص بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الذي اعتبره إيجابيا، وأضاف أن الصعوبات لم تعد تكمن في إضافة قوانين أو تعديلها، وإنما في الاختلال الموجود بين القانون والتطبيق، مبرزا الأسباب الكامنة وراء تفشي ظاهرة القرصنة، ومنها نقص الوعي الناجم عن غياب عمليات التحسين والإعلام بأهمية الحماية الفكرية وحقوق المؤلف، وأيضا عدم الحماية الجيدة للمصنفات عبر الحجز المعلوماتي، وكذلك تدني القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة مع ازدياد متطلبات الحياة المعاصرة، ولذا يقترح المحامي إعادة التفكير الجدي في وضع أسعار معقولة تكون في متناول الجميع وتلبي الرغبات الفكرية والثقافية، داعيا في هذا المقام الى ضرورة التعاون في إطار وعي جماعي وإرادة سياسية مشتركة للتصدي للقرصنة العالمية، وكذا التحسين عبر المنظومات التربوية وفي جميع الأطوار التعريف بحماية الملكية الفكرية.