يقبع آلاف المهاجرين الأفارقة الذين وصلوا إلى ليبيا أخيرا في مراكز اعتقال في البلاد، وهم يدفعون ثمن استخدام الزعيم الراحل معمر القذافي مرتزقة أفارقة لقمع الثورة ما عزز مشاعر العنصرية ضدهم،وفي غريان الواقعة في الجبال جنوب غرب طرابلس، يتجمع 950 مهاجرا في احد هذه المراكز،وينحدر معظمهم من تشاد ونيجيريا، وكان بعضهم يحاول المرور في ليبيا للتوجه إلى أوروبا في حين كان البعض الأخر يبحث عن حياة أفضل في ليبيا،واعتقلت عناصر في ميليشيات معظم هؤلاء عند نقاط تفتيش في المنطقة لان جوازات سفرهم لم تكن تحمل تأشيرات دخول،وتقول اندريا كيني من المنظمة الدولية للهجرة "أن الوافدين الجدد يعتقدون انه من السهل الدخول إلى ليبيا بسبب حدودها غير المحكمة".لكن سرعان ما يفقدون الأمل عندما يدخلون هذا البلد الغني بالنفط ،وتضيف "على الورق انتهكوا القانون لكن العديد منهم يجهلون ذلك أو أنهم يظنون بأنهم احترموا القانون،يجهلون بكل بساطة القواعد، من المؤسف أن يعاقبوا لهذا السبب".ويؤكد عماد صقر أستاذ الانكليزية الذي يشرف على حراس مركز الاعتقال في غريان أن "بعض المهاجرين أبرياء".ويقول "وردتهم معلومات بان ليبيا بحاجة إلى يد عاملة" في حين وقع البعض ضحية مهربين استقدموهم إلى ليبيا،ويضيف "يجب أن نبدأ بإعادتهم إلى بلادهم لان المعتقل لم يعد يتسع لمزيد من الأشخاص".وذكر لوران غروبوا من المفوضية العليا للاجئين انه قبل بدء النزاع قبل عام كان أكثر من ثلاثة ملايين مهاجر يعملون في ليبيا، وأوضح انه "ليس هناك إطار قانوني واضح للمهاجرين" ما يجعل من الصعب التمييز بين الهجرة الشرعية وغير الشرعية، وبما أن النظام الليبي السابق استعان بمرتزقة أفارقة للدفاع عنه خلال النزاع، غالبا ما يتعرض الليبيون أصحاب البشرة الداكنة والأفارقة للسرقة أو الاعتقال التعسفي خصوصا على أيدي الميليشيات المسلحة، وفي مركز الاعتقال يكشف سجناء عن جروح لإثبات تعرضهم للضرب على يد حراسهم،كما يشكون من الجوع ومن تفشي الأمراض،ويقول صقر "نفتقر إلى كل شيء" مشيرا إلى انه رغم الهبات من السكان المحليين والمساعدة من المنظمات الإنسانية لا يزال 300 شخص على الأقل دون أغطية،وذكر احد السجناء "يقولون أنهم غير قادرين على تامين الطعام لنا،عليهم إذا الإفراج عنا والسماح لنا بالعمل".وكان معمر القذافي استخدم الهجرة وسيلة للضغط على الغرب طالبا من الاتحاد الأوروبي مليارات اليورو للمساعدة على وقف الهجرة غير المشروعة. لكن ثورة العام 2011 جعلت منذ هذا الملف مسألة ثانوية،وكان وزير الداخلية فوزي عبد العال دعا الشهر الماضي أوروبا والدول المجاورة إلى مساعدته، مشيرا إلى "المشاكل الكبيرة" الناجمة عن تدفق آلاف المهاجرين، من خلال إعادة تأهيل 19 مركز اعتقال ومراقبة الحدود بشكل أفضل.