كسر الشاب الجزائري الكفيف معمّر صحراوي، جدار المستحيل بين الضرير وعالم الإنترنت، واستطاع أن يطلق أول مقهى إنترنت في الجزائر للمكفوفين. وفي حديثه عن هذه التجربة أكد أنه "كان لابد منها، لقد سبقنا الغرب إليها بعشرية كاملة، لكن رغم كل شيء ها هو الحلم يتحقق بإطلاق أول مقهى إنترنت لفئة تشعر بالتهميش التكنولوجي مقارنة بالأسوياء". ويضيف معمر - وهو شاب في ال42 من العمر، يرأس جمعية اتحاد المكفوفين بمدينة البليدة (40 كلم شرق العاصمة الجزائر)، متزوج وأب لطفلين وحاصل على ليسانس في العلوم الإسلامية - أن فكرة إطلاق المقهى جاءت مسايَرة للثورة التكنولوجية التي يعرفها البشر بكل فئاتهم، الأغنياء منهم والفقراء الأسوياء وذوو الحاجات. لا يتجاوز مقر جمعية اتحاد المكفوفين بضعة أمتار، إلا أنه يشكل فضاء يلتقي فيه مكفوفو المنطقة، حيث ينصب كل الاهتمام على "الإنفو براي". وحول هذه اللغة، يقول معمر "إنها كلمة من قسمين، "إنفو"، وتعني المعلوماتية و"براي" وهي لغتنا الخاصة نحن - المكفوفين -". ويضيف أنه دشن المقهى يوم 2 جوان الجاري، وهو يحتوي على أجهزة كمبيوتر عادية، وكل جهاز مزود بقارئ شاشة، وهو عبارة عن برنامج يصل ثمنه لحوالي 200 دولار، مزود بسماعة تسمى الفكّ، يضعها المتصفّح في أذنيه ويستمع من خلالها لكل ما يقدمه من طلبات للجهاز باستعمال لوحة المفاتيح طبعا". ويستدرك قائلا: "أنتم الأسوياء تتحكمون في الشاشة عن طريق الفأرة ولوحة المفاتيح في حين نستغني نحن عن الفأرة ونستعمل اللوح فقط. نحن نحفظ حروف اللوح عن ظهر قلب ونستعمل الوصلات المختصرة، فمثلا عندما أضغط على حرف معين يقول لي أنت على سطح المكتب، وحرف آخر يقول لي أنت في القرص الصلب، وأستطيع أن أكتب بطريقة عادية مثلكم أنتم تماما، حيث يقرأ لي قارئ الشاشة كل حرف أضغط عليه، كما أستطيع فتح بريدي الإلكتروني والاستماع لما فيه والرد على ما يستحق الرد". أما عن التجهيز، فيؤكد أن جمعية اتحاد المكفوفين جهزت المقهى ب800 كتاب مسموع كلها باللغة الفرنسية في تخصصات كثيرة، وتنتظر وصول 800 كتاب باللغة العربية. ويقول معمر إن من الشباب المكفوفين من يأتي ليتعلم "الإنفو براي" وطريقة تقديم الطلبات للجهاز، بينما هناك من يأتي ليستمع إلى الكتب على اختلاف تخصصها. "المكفوفون حباهم الله قدرة خارقة على الحفظ والتسجيل، لذلك لا يزعجهم أبدا قضاء ساعات أمام كمبيوتر يقرأ لهم آخر ما توصل إليه العلم أو يقص عليهم قصصا تاريخية أو كتبا دينية، وهكذا لن يزعجوا أحدا بطلب العون منه في قراءة كتاب ما". إلى ذلك، يضيف صاحب المقهى "لقد اتفقنا مع مديري مطابع لتسجيل كتب دراسية للمرحلتين وتوفير المقررات التي تخصهما، كما اتفقنا على توفير كتب مسموعة لأدباء الجزائر". وختم قائلاً إن الجمعية تضم 300 منخرط، وقد حققت "المستحيل" بالنظر للبيئة التي يعيش فيها المكفوفون في مدينة البلدية، ووعد معمر بتعميم "الإنفو براي" على البلدية وعلى الجزائر كلها، وطالب السلطات أن تنتقل بالمكفوفين من ظلام التخلف التكنولوجي إلى نور "الإنفو براي".