قالت مصادر لبنانية رسمية واكبت الاتصالات السياسية التي حصلت فور اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن مساء الجمعة الماضي، وما تبعها من مطالبة قوى 14 مارس باستقالة الحكومة فوراً، بأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم تراوده فكرة الاستقالة منذ اللحظة الأولى، بل ان ما أطلقه من مواقف في هذا الصدد إن في الاجتماعات المغلقة أو في تصريحاته في اليوم التالي عقب جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية عن عدم تمسكه برئاسة الحكومة وعن أن «طائفتي لديها شعور بأنها مستهدفة ولن أرضى بذلك»، كان نوعاً من المناورة التي أوحى فيها أنه قد يأخذ قراراً بالاستقالة، لكنه لم يلفظ كلمة استقالة لا خلال اجتماعه مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ولا خلال جلسة مجلس الوزراء ولا لقاءات أخرى.وأوضحت المصادر أن الإعلاميين سألوا ميقاتي عن الاستقالة فلم يجب لا سلباً ولا إيجاباً حين تحدث إليهم واكتفى بالقول إن الرئيس سليمان تمنى عليه انتظار المشاورات التي عاد فبدأها الأحد مع قوى 14 مارس حول قرارها الذي أعلنته الجمعة بالإصرار على استقالة ميقاتي وحول البدائل التي يقترحونها. وتقول المصادر نفسها إن ميقاتي لم يطرح الاستقالة نظراً إلى أنه بعد صدور بيان قوى 14 مارس الذي طالبه بالاستقالة ليل الجمعة، توالت اتصالات مسؤولين من الخارج به تدعوه الى عدم الاستجابة الى هذا المطلب أولاً من كبار المسؤولين الأردنيين، ثم من مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان الذي اعتبر مطلب قوى 14 مارس غير واقعي، ثم من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والذين التقت مواقفهم على عدم جواز الإقدام على هذه الخطوة نظراً الى أنها ستؤدي الى الفراغ. كما أن فيلتمان أجرى اتصالات بشخصيات أخرى حذر فيها من استقالة الحكومة، تردد أن بينها شخصيات في قوى 14 مارس.وكشفت مصادر أن ميقاتي تسلّح بهذه المواقف الخارجية ونام على ورقة تمسكه بالبقاء على رأس الحكومة ثم بدأ اتصالاته مع الفرقاء المعنيين فالتقى في الليلة نفسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري واكتفى بالقول له إن «طائفتي» تشعر أنها مستهدفة وأنه لن يقبل ذلك ولكنه لم يطرح الاستقالة وأوحى بكلامه أن هناك هجوماً عليه يحمله دم اللواء الحسن (من قبل 14 مارس) وبأنه قد لا يستطيع الاستمرار، من دون أن يقول ذلك. وهذا ما دفع بري الى التحذير من الذهاب الى المجهول.وأوضحت نفس المصادر أن ميقاتي أبقى الاتصالات الخارجية التي أجريت معه طي الكتمان، وفي خلال اجتماعه اليوم التالي، السبت صباحاً مع الرئيس سليمان قبل جلسة مجلس الوزراء، كانت تناهت الى الأخير معلومات عن أن ميقاتي يتذمر وقد يستقيل، لكن ميقاتي لم يطرح الاستقالة عليه، ولم يتلفظ بالكلمة خلال جلسة مجلس الوزراء. وحين ربط قراره (من دون تحديد ما هو القرار) بالمشاورات التي سيجريها سليمان لم يكن قد اتفق مع الأخير على ذلك، ولم يكن تحدث معه بعدم التمسك برئاسة الحكومة، العبارة التي وردت في مؤتمره الصحافي.