تعد وهران واحدة من بين أهم الولايات وأكثرها استقطابا للمواطنين من مختلف أنحاء الوطن، الشيء الذي أدى إلى ارتفاع الكثافة السكانية على الصعيد المحلي، حيث تعيش عائلات شتى في سكنات يمكن وصفها بالبناءات الفوضوية، والتي أقر رئيس الجمهورية بناء على قرار رسمي القضاء على مثل هذه التجمعات. كما أن هناك الكثير من الأسر تعيش تحث أسقف مهددة بالسقوط بين اللحظة والأخرى على غرار عائلة "بلماحي". يعيش السيد "بلماحي محمد"، 46 سنة، وعائلته المشكلة من سبعة أفراد في وضعية معيشية أقل ما يمكن وصفها بالمزرية، فالأسرة تعيش في قبو بإحدى عمارات حي الحكيم بن زرجب -بلاطو، إذ لا يتوفر هذا القبو على أدنى ظروف العيش الكريم، حيث تنعدم به شبكات الغاز الطبيعي ومنافذ التهوية اللازمة، وهو يتشكل من غرفتين ومطبخ. وما زاد الأمور سوءا هو انهيار سقف إحدى الغرف جراء الزلزال الأخير الذي عرفته المنطقة. وأمام كل هذه الوضعية تعاني نصيرة، 6 سنوات، من داء السكري إلى جانب خديجة صاحبة ال 12 ربيعا التي تشكو هي الأخرى من ثقب في القفص الصدري، مما اقتضى إجراء عملية جراحية مكلفة لها بمساعدة بعض المحسنين وكذا جمعية الزهور الخيرية. وإن كانت كل من هوارية، 9 سنوات، مريم، 8 سنوات، سليمتان، فالعدة تكتمل بفاطمة ابنة السبعة عشر ربيعا والماكثة في البيت، حيث شاءت الأقدار أن تضع حدا لدراستها، وتنهي التعليمية في السنة الثانية من الطور المتوسط جراء الوضعية المزرية للأسرة، خاصة وأن رب الأسرة السيد "محمد" يعمل سائقا بالقطاع البلدي، إذ لا يتجاوز معدل الدخل 3000 دينار، والأم السيدة يمينة، 38 سنة، ماكثة بالبيت.. وفي محاولة استفسارنا حول ما إذا تم قبول طلب الاستفادة من سكن، يجيب السيد محمد "إن هذا المسكن المتواضع كان ملكا لأم الزوجة التي كانت تشرف على نظافة العمارة، لكن بعد وفاتها لم نجد مفرا سوى العيش به، أما فيما يخص الملف، فلقد قمت بإيداع طلب سكن وقامت وكالة إحصاء السكن العام بتسجيل الحال، لكن من دون أي تجاوب لحد الساعة". وعن مدة الزمنية التي قضتها هذه العائلة في ظل هذا الوضع يضيف نفس المصدر "نحن نعيش تحت هذا السقف المشقوق منذ سنة 1973"، وأمام كل هذه المأساة لا يزال السيد محمد يتطلع شوقا للظفر بسكن. في السياق ذاته، تعد عائلة بلماحي عينة عاكسة للكثير من العائلات، ليظل مشكل السكن الهاجس الأكبر الذي يعيق استقرار العائلات رغم كل الجهود المبذولة والمشاريع المنجزة.