اتجهت حورية في بطء إلى القسم حيث يجتمع الأساتذة للحديث مع أولياء الطلبة، وبمجرد أن دخلت نادية رفقة والدتها حتى التفت الجميع إليها، ربما نظرة لم تفهمها نادية لكن حورية تعرفها جيدا، إنها نظرة الشفقة التي لم تفارق أعين الناس كلما رأوها، قصتها كانت معروفة في المنطقة، وارتبطت بحياة أولادها طوال دراستهم، كان أي أحد لا يعرف حسان يذكره الآخر، الفتى الذي سُرق أخاه من والدته في المستشفى، وكذلك الأمر بالنسبة لباقي إخوته. تقدمت الوالدة نحو الأستاذ التي أشارت إليه ابنتها، إنه أستاذ حسان في الرياضيات. قالت نادية وهي تتجه نحو الأستاذ ووالدتها إلى جانبها: - صباح الخير أنا والدة حسان. - صباح الخير، نعم حسان، ألم يأت معكم؟ - إنه مريض. - أردت أن يسمع ما سأقوله من ملاحظات، ولكن لا بأس فقط كتبت بعضها في كشف النقاط والأخرى وضعتها في كراس المراسلة. المهم يمكن لهذا الفتى أن يتحسن أكثر لكن ينقصه التركيز، وبالرغم من أن مادة الرياضات لا تعتمد على معامل كبير في شعبة الآداب إلا أنها مهمة في كل المجالات.. وبعد أن سرد الأستاذ كل ملاحظاته على حورية بشأن حسان أوصاها بضرورة الوقوف على دراسته ومراقبة إنجازه للواجبات ... كانت نادية تشير الى كل أستاذ تعرفه وتقول هذا مدرّسي في التربية الإسلامية والآخر في العلوم، والأخرى أستاذة حسان في الأدب، حتى تحدثتا إلى كل من كان موجودا من أساتذة، وكان آخرهم أستاذ الرياضيات الخاص بنادية، لمحته نادية من بعيد، تقدم نحوهم وألقى التحية وعرّفته هي بوالدتها ... كان متفائلا بنتائج طالبته، وأبدى رضاه أمام والدتها وهو ما أسعد حورية، التي كانت محتاجة دائما للحظات كتلك. وفي طريق الانصراف نظرت حورية إلى ابنتها - إنه سمين جدا كيف يستطيع أن يدرسكم؟ فانفجرت الأخرى ضحكا! - هذا ما كنت تفكرين فيه منذ أن خرجنا؟ - على العموم هو أفضل أساتذة الرياضيات على مستوى الحراش .. - أنا أمزح يظهر أنه إنسان طيب. - و لكن الطلبة لا يرحموه بمقالبهم، دائما يكتبون له على السبورة كلمات مضحكة ويفهمها بأنها موجهة إليه .. ويصل بهم الأمر إلى رسم رجل سمين ببطن كبيرة ... - صحيح؟ وماذا كانت ردة فعله؟ - يتعصب في بادئ الأمر ثم يكمل الشرح، إنه رائع. - المهم، أن تكون أنت بعيدة عن الموضوع. - طبعا، أنا أحترمه كل المقالب يفعلها الذكور وليس البنات. بمجرد أن خرجتا حتى بدأت السماء تمطر، فعادتا مسرعتين إلى البيت ..