إلى أن جاء رياض بحصته "وكل شيء ممكن"، وهنا جاءتني فكرة أن أطرق باب الحصة وأطرح قضيتي على الهواء وعلى المباشر عليّ ألقى أذانا صاغية أو ربما سيشاهدني إن كان على قيد الحياة وربما أحرك ضمير الذين كانوا السبب في معاناتي. - ولِمَ التردد إذن؟ - أنا متخوفة من العودة إلى طريق مسدود والركوض وراء السراب، فتزداد معاناتي وأعود إلى حالة الاكتئاب التي ما كنت لأصدق أنني تخلصت منها. - لا تتشاءمي، توكلي على الله واتصلي بالحصة، فكثيرا ما عالجت قضايا وقصص أكثر تعقيدا من قصتك، كانت تقول لها ذلك وهي تمسك بيدها، وبالبيد الأخرى تمسح دموعها .... مكثت "حرية" لدى الأخصائية قرابة ثلاث ساعات، خرجت بعدها مقتنعة بضرورة البحث عن ابنها من جديد، ونزعت من رأسها فكرة تناول المهدئات ورجعت إلى البيت بنفسية مرتفعة اندهش لها الأولاد، الذين فارقتهم ابتسامة وحنان الأم مدة طويلة .... وجدت أبناءها الثلاث، فوزي، حسان ونادية، وهم من تعول عليهم في كل الأمور، جمعتهم وأخبرتهم بما ستُقدم عليه. "نادية" وضعت يدها على قلبها، إنها متخوفة من أن تعود والدتها إلى حالتها الأولى وتدخل في دوامة الاكتئاب من جديد. ولكن حورية بدت مصرة ومتفائلة هذه المرة يمكن أكثر من المرات السابقة وأبدت تحمسها بما ستفعله ... - ماذا لو لم نجده؟ بدأ فوزي الحديث .. - نعم، ماذا لو لم نجده، كيف ستصبح حالتك، أضافت " نادية".... بينما التزم "حسان " الصمت، والنظر إلى ما ستسير إليه الأمور ... "حرية" كانت تستمع إليهم وهي صامتة، لم تندهش لما قالوه لها، كانت تدرك مدى خوفهم عليها، وبعد أن استمعت إليهم، نظرت إليهم بإمعان .... - أعلم جيدا أنكم لم تنسوه كما لن أنساه أنا، من واجبي أن أبحث عنه، ومن واجبكم دعمي، هذه المرة ليست ككل المرات، هناك شيء بداخلي يقول إنه ما زال على قيد الحياة، و هو في انتظاري .... أنا أؤمن بالقضاء والقدر، سأكون راضية بأية نتيجة، لذلك لا تقلقوا بشأن صحتي، سأكون بخير ... توصلت "حرية" إلى إقناع أولادها، وهي لم تكن لتقوم بخطوتها الأولى ما لم تحصل على موافقتهم، فلطالما كان رأيهم يهمها، وهم كذلك لم يتعبوها كانوا مستعدين لسماع هذا القرار من والدتهم، لقد لاحظوا عليها التغير منذ الآونة الأخيرة، وخاصة كلما شاهدت الحصة، فما كان أمامهم إلا أن يوافقوها على هذه الخطوة، ويقدموا لها الدعم الذي قدموه لها منذ الحادثة ... وبالتالي لم يبق سوى زوجها، الذي يجب إقناعه، كان على حرية أن تستجمع كل قواها، وأن تظهر له كل الحزم والعزم في جدية قراراها، وأن تبدي له كل ثقتها في الله وفي نفسها وفي دعم العائلة لها .... في ذلك اليوم تفادت أن تكثر معه الحديث، كانت طوال الوقت تتحدث إلى نفسها، وخافت أن يلحظ ذلك، كان الأولاد يتوقعون أن تفاتح والدتهم أباهم في الموضوع لكنها فضلت أن تترك الأمر إلى الغد .....