دخلت مساعدة المختصة، وبعد لحظات نادت عليها .... تفضلي يمكنك الدخول.. جلست أمام الأخصائية، وهي قلقة كعادتها، أذكار الاستغفار لا تفارق شفتيها.... - كيف حالك سيدة حورية، كنت متأكدة من أنك سترتاحين وتعودين... - أحتاج إلى مهدئات، أنا لم أتذوق طعم النوم منذ أسبوع.. استعجلت حورية في الحديث.. - المهدئات ليست الحل ما دمنا لم نقض على سبب الأرق، ولم نعالج الأمر الذي أدى إلى توترك، يجب أن تفتحي قلبك، - لكن ... - أعرف، ستقولين 8 سنوات وأنت تتحدثين، دون جدوى.... أقول لك أنك مخطئة في تفكيرك ، لو لم تتكلمي في تلك الفترة لازدادت حالتك سوءا.... ربما لصرت مجنونة ولأصبت بجلطة أو شلل وربما لم نتمكن من لقائك اليوم.... سكتت حورية قليلا وردت... أنت محقة، المعالجة النفسية ساعدتني على تجاوز الحادثة، كان أمرا فضيعا وكان من الصعب علي تقبل أي نصيحة أو مواساة، كان من الصعب مواجهة الواقع، أحسست في كثير من الأحيان أنني سأفقد عقلي.. وانفجرت بالبكاء ...لم تستطع مواصلة الحديث.. هدأتها الأخصائية - دعينا لا نبدأ من الحادثة، ولنبدأ الحديث عن سبب مجيئك.... متوترة وتريدين مهدئات؟ أليس هذا ما قلته؟ - نعم. - طيب ولما التوتر؟ - سأقدم على اتخاذ قرار وأنا متخوفة من عواقبه.. - عليك أولا أن تضع الثقة التامة في نفسك، وأنا سأساعدك... بعد أن كفكفت دموعها، أخذت "حورية" نفسا عميقا، واسترسلت في الحديث... - كان يوما ماطرا، نقلت إلى مستشفى بلفور، في الحراش، لأضع ثالث أولادي، هو ثالث الذكور بعد فوزي وحسان، وفي الواحدة صباحا وضعته، كنت متعبة لم أستطع النظر إليه كثيرا، بمجرد أن وضعوه بجانبي لم أستيقظ حتى الصباح.. وفي الصباح جاءتني به الممرضة، لأرضعه، كان جميلا، يشبه في ملامحه إلى حد كبير أخاه "حسان"، كنت أتأمل فيه كما لم أفعل من قبل مع أولادي الآخرين، كان إحساسا غريبا ينتابني في تلك اللحظة، ربما الخوف أو القلق، بالرغم من أن كل شيء كان على أحسن ما يرام... العائلة كانت فرحة بقدومه ولم تتوقف عن زيارتي طيلة اليومين اللذين قضيتهما في المستشفى.