"أونساج" تدعم مصانع لإنتاج الأكواب والأواني البلاستيكة باستعمال المواد السامة.. ومديريات التجارة في ورطة تحقق مصالح الأمن عبر التراب الوطني في نشاط شبكة إجرامية خطيرة تهدد صحة الجزائريين، حيث تقوم هذه الشبكة بجمع النفايات الطبية على غرار الحقن وأكياس الدم المستعملة، وبيعها لشبكة أخرى تقوم بتحويل هذه النفايات إلى أكواب بلاستكية «جوتابل»، وحتى أوان منزلية، حيث أن القضية التي فجرتها مصالح أمن ولاية قسنطينة ولا يزال التحقيق يجري بشأنها، كشفت تواطؤ بعض المستشفيات ومديريات البيئة، إلى جانب وقوف وزارة التجارة المسؤولة عن ترويج هذه المواد موقف المتفرج.وحسب وثيقة صادرة عن المديرية المركزية للشرطة القضائية، في 25 مارس الجاري 2015، موجهة لكل من مديرية الاستعلامات العامة ومديرية الأمن العمومي، إلى جانب كل من مديرية الشرطة والتنظيم، ومفتشي شرطة الوسط والشرق والغرب والجنوب، تحصلت «النهار» على نسخة منها، فإن حيثيات القضية تعود إلى تلقي مصالح الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني معلومات قدمها أمن ولاية قسنطينة، مفادها تردد بعض الأشخاص مجهولي الهوية على مختلف المصالح الإستشفائية وكذا المفارغ العمومية، بغية جمع كميات معتبرة من النفايات الطبية ولا سيما منها الحقن البلاستيكية المستعملة، وغيرها من المواد الطبية الأخرى المستعملة ذات الصنع البلاسيتكي على غرار بعض قارورات الدواء وأكياس الدم والأكسجين.مصالح أمن ولاية قسنطينة وخلال التحقيقات التي سبقت إبلاغ المديرية المركزية للشرطة القضائية بالموضوع، تحصلت على معلومات مفادها أن الأشخاص المكلفين بجمع هذه النفايات الطبية، يقومون ببيعها كمادة أولية لأصحاب المؤسسات الخاصة في تحويل البلاستيك، حيث تقوم هذه الأخيرة بتحويل هذه المواد الطبية المستعملة إلى مختلف المواد البلاستيكية التي تم جمعها هي الأخرى من النفايات من أجل صناعة الأكواب البلاستيكية ذات اللون الأبيض والشفاف، كون هذه الحقن المستعملة متكونة من مادة أولية صافية لا تحتوي على أي لون آخر أو مواد مضافة، لتسوق بعدها في المحلات التجارية والمطاعم.وفيما يشبه اتهاما مباشرا للمؤسسات الاستشفائية، قالت المراسلة إن العدد الهائل من الحقن المستعملة وغيرها من النفايات الطبية البلاستيكية الأخرى يتم رميها داخل أكياس بلاستيكية صفراء اللون مخصصة لهذا الغرض، عوض استعمال الأجهزة الخاصة بحرق وإتلاف النفايات الطبية المستعملة، وهو الأمر الذي جعلها لقمة صائغة بين أيدي هذه الشبكات التي تجني عشرات الملايير على حساب صحة المستهلك، حيث أن المعلومات التي قدمتها مديرية أمن ولاية قسنطنية تم تعميمها على كل مديريات الأمن عبر الوطن، حسب ما أفاد به مصدر أمني مسؤول بالمديرية العامة للأمن الوطني، الذي أكد أن ذات المصالح تمكنت بولايات قسنطينةعنابة، البليدة وغيلزان، من توقيف عدد من الأشخاص يجري حاليا التحقيق معهم حول انتمائهم لهذه الشبكة. مصالح الأمن تتحمّل إهمال 3 وزارات ويشير مصدر "النهار" إلى أن مصالح الأمن التي تشتغل على هذه الملف وجدت أن السبب هو الإهمال من طرف كل من المستشفيات ومديريات البيئة إلى جانب وزارة التجارة، حيث بالرغم من التعليمات الصارمة من طرف وزارة الصحة التي تأكد على ضرورة استعمال الآلات المخصصة لحرق النفايات الطبية، إلا أن العديد من المستشفيات تعمد إلى رمي الحقن وأكياس الدم وكل النفايات الطبية المستعملة في أكياس بلاستيكة صفراء اللون، حتى أنها أصبحت «كلمة سر» يستعلمها بارونات هذه المادة، حيث يقال مثلا عندي «100 طن أصفر»، مما يعني 100 طن من النفايات البلاستيكية داخل أكياس صفراء، كما أكد ذات المصدر أن التقصير أيضا شمل مديريات البيئة التي أهملت الملف في عدد من الولايات، على اعتبار أنها المشرفة على عمليات متابعة حرق وإتلاف هذه النفايات، والمصيبة الكبرى هي وزارة التجارة التي لم تتدخل لوقف ترويج هذا المنتوج ولم تبحث حتى عن معايير صناعة الأكواب البلاستيكية ذات اللون الشفاف، بالرغم من أن المنتوج يسوّق في الجزائر منذ سنوات. المصانع التي تحول هذه النفايات أصحابها مستفيدون من دعم «أونساج» أكد مصدر أمني موثوق يشتغل على الملف أن مصالح الأمن تمكنت من تفكيك عناصر هذه الشبكة بالشرق الجزائري، حيث تم حجز هذه المواد والآلات بثلاثة مصانع في ميلة وقسنطينة، أثبتت التحقيقات الأولية أن أصحابها استفادوا من دعم «أونساج»، كما تم بولاية برج بوعريريج توقيف مصنع أنتج في وقت سابق هذا النوع من الأكياس البلاستكية، وتم التحقيق مع صاحبه. التحقيق مع 6 مديري مستشفيات وتشتبه مصالح الأمن التي تحقق حول القضية في تورط مصالح استشفائية عمومية مع الأشخاص الذين يجمعون النفايات الطبية، حيث كشفت التحريات عدم قيام العديد من المستشفيات بحرق هذه المادة رغم أنها تمتلك الوسائل التقنية لذلك، وهو الأمر الذي دفعها للتحقيق مع 6 مديرين بكل من قسنطينة، عنابةبرج بوعريريج وغليزان، حول تقصيرهم في أداء مهامهم. كما كشفت مصادر «النهار» التي تشتغل على الملف أن التحاليل المخبرية التي أجريت على بعض الأكواب المصنوعة من الحقن والنفايات الطبيبة المستعملة بينت أنها تحتوي على كمية من مادة «الديكستين» التي تسبب السرطان وأمراض أخرى فتاكة تصيب الدماغ، فضلا عن تدمير الجهاز المناعي لدى الإنسان، حيث ثبت علميا يضيف ذات المصدر أن 90 % من مادة «الديكستين» المنتشرة في العالم ناتجة عن المحارق الخاصة بالمستشفيات، والتعرض لمقدار 42 نانوغرام منها أمر غاية في الخطورة، حيث من المفروض ألا يتعرض الإنسان حسب القياسات التقنية المستعملة في هذا المجال لأكثر من 0.07 بيكوغرام من هذه المادة يوميا.