تسخير 100 ضابط وعون حماية مدنية و21 مركبة إطفاء وسيارة إسعاف اندلع، في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، حريق مهول التهم 12 محلا وما يفوق 80 طاولة عرض بسلعها، داخل الأنفاق الأرضية المتواجدة بالجهة العلوية لمدينة قسنطينة والمعروفة باسم «السوتيرا»، قبالة ساحة الشهداء والبريد المركزي ومقر مجلس القضاء.أعلنت مصالح الحماية المدنية والأمن حالة استنفار قصوى إثر تلقي بلاغ من مواطنين لاحظوا انبعاث دخان كثيف من بوابات الأنفاق التي أنفقت عليها أموال طائلة من أجل تزيينها تأهبا لتظاهرة عاصمة الثقافة العربية. عملية الإطفاء التي دامت أكثر من 5 ساعات سخر لها عتاد ضخم فاق 21 مركبة بين شاحنات إطفاء مجهزة بالصهاريج وأخرى بالمضخات وكذا سيارات الإسعاف، أما فريق العمل الذي ترأسه المدير الولائي شخصيا، فقد ضم أكثر من 95 فردا بين أعوان وضباط وأطباء بمشاركة 7 وحدات كاملة. وفي السياق ذاته، باشرت مصالح الأمن تحريات موسعة حول ظروف وملابسات الحريق الذي تم ربطه كمعطى أولي بشرارة كهربائية، لكن أسبابه تبقى محل شبهة بحكم عدم وجود أي تسرب للمياه وتجديد شبكة الكهرباء داخل الأنفاق التي تعرضت لحادثة مماثلة قبل حوالي سنتين، فضلا عن وقوعه بعد ما لا يقل عن شهرين فقط عن حادثة تحول سوق «فيراندو» المغطى إلى رماد وركام، إذ تتزامن الحادثتان مع بداية العد التنازلي لانطلاق تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية وسط تعالي أصوات رافضة لاحتضان الحدث وإنفاق مئات المليارات مقابل طلاء واجهات البنايات وإعادة الأرصفة، على حساب حزمة من المشاكل التي تعاني منها المدينة العتيقة الآيلة إلى الانهيار من دون ترحيل سكانها الحائزين على وصولات الاستفادة من المساكن، وصولا إلى الشرخ البارز بين أعلى سلطتين مدنيتين في المدينة وتبادل التهم بين والي الولاية والمير أثناء مناقشة سير الأشغال والعراقيل التي تواجه تحضيرات المدينة للحدث العربي. وهي المعطيات التي تعتمد عليها تحقيقات الجهات الأمنية التي أوقفت الحارس الليلي الذي كان متواجدا في منزله بأحد الأحياء العتيدة في قلب المدينة، ويجري سماع أقواله، في انتظار ما سيدلي به شاب آخر لم تحدد هويته نقل من داخل الأنفاق إلى المستشفى الجامعي لتلقي الإسعافات الأولية بعد تعرضه لصعوبة في التنفس وحروق على مستوى اليدين. أصحاب المحلات والطاولات يغلقون الطريق للضغط على السلطات المحلية من أجل التكفل بوضعيتهم أقدم العشرات من أصحاب المحلات التجارية والطاولات المتواجدة بالأنفاق الأرضية وسط المدينة، لحظات بعد اندلاع الحريق، على غلق الطريق بجوار المركز الثقافي محمد العيد آل خليفة، مانعين السيارات من المرور، من أجل المطالبة بالإسراع في عملية إعادة الاعتبار للأنفاق التي أتت عليها النيران، وذهبت بما تحويها محلاتهم، وذلك محاولة منهم الضغط على السلطات المحلية لتفادي إعادة سيناريو سوق بطو عبد الله الذي نال نفس المصير وتأخرت أشغال ترميمه، وكان ممثلون عن التجار قد تنقلوا إلى مقر ديوان الوالي، أين تم استقبالهم من طرف مسؤوليين بالديوان، وتلقوا وعودا بالتدخل العاجل من أجل التكفل بالوضع بالأخص وأن العشرات من العائلات تقتات من عائدات المحلات والطاولات التي تتواجد داخل تلك الأنفاق، وهو مصدر الرزق الذي سيتوقف إلى حين التوصل إلى حل، مؤكدين ل «النهار» أنهم يؤمنون بقضاء الله، في انتظار ما سيتم التوصل إليه من طرف السلطات المحلية خلال الأيام المقبلة لتمكينهم من ممارسة نشاطهم وإعالة ذويهم، كما ألح المحتجون على ضرورة تقديم مساعدات مادية لفائدتهم لتعويض الخسائر الفادحة التي تكبدوها. المير: أشغال الترميم تنطلق السبت ونبحث عن مكان آخر مؤقت للتجار أكد رئيس المجلس الشعبي البلدي لقسنطينة، سيف الدين ريحاني، ل"النهار"، أنه تم تعيين مقاولة ستكلف بإعادة الاعتبار لما خلفه الحريق بالأنفاق، وهي المقاولة التي من المنتظر أن تباشر أعمالها السبت، من أجل الإسراع في وتيرة الإنجاز وعودة الوضع لما كان عليه في أقرب وقت ممكن، مشيرا إلى أن الأهم حاليا هو التكفل بوضعية التجار الذين كانوا يزاولون نشاطهم داخل الأنفاق، من خلال البحث عن فضاءات مؤقتة لفائدتهم لكي لا يضيعوا مصدر رزقهم، في انتظار الفراغ من أشغال التهيئة وعودة المياه إلى مجاريها، مقدما تطمينات للتجار بالحرص على تكثيف العمل لكسب الوقت. رئيس خلية الإعلام بالحماية المدنية:تلقينا مكالمة في حدود الساعة الخامسة و20 دقيقة وأعلنا حالة الطوارئ لمحاصرة الحريق من جهته، أشار الملازم أول، رئيس خلية الإعلام بالمديرية الولائية للحماية المدينة، نور الدين طافر، إلى أن مواطنا قام بالتبليغ عن الحريق في حدود الساعة الخامسة و20 دقيقة صباحا، وعلى الفور تم إعلان حالة الطوارئ والتنقل إلى عين المكان ومباشرة عملية الإطفاء التي كان صعبة للغاية، إذ أن الدخول إلى أول نفق كان في حدود الساعة السابعة صباحا، حيث تم محاصرة النيران تدريجيا مع بقاء العتاد والآليات بعين المكان من أجل المراقبة، في الوقت الذي لم يتم فيه بعد إحصاء كل الخسائر التي خلفها الحرق المهول.