تكشف وثيقة فلسطينية رسمية، تتخذ طابع السرية، أن أجهزة الأمن الفلسطينية التابعة للسلطة الوطنية الخاضعة لسيطرة الرئيس محمود عباس ''أبو مازن''، قامت بالتجسس على الجزائر، من خلال جمع معطيات ومعلومات عن الشأن الداخلي في البلاد وعن علاقات التعاون بين منظمات وجمعيات وأحزاب في الجزائر وقيادات سياسية فلسطينية معارضة للسلطة الوطنية. حسب مضمون الوثيقة السرية، تحصلت ''النهار'' على نسخة منها، والمتمثلة في مراسلة بين مسؤولين في ما يعرف بجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني التابع لوزارة الداخلية في السلطة الوطنية الفلسطينية، فإن جاسوسا في الجزائر، وصفته الوثيقة ب ''المندوب''، قام بتزويد قيادات في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني بتفاصيل لقاء واجتماع دار بين قيادة جمعية الإرشاد والإصلاح ورئيس رابطة علماء فلسطين، محمود مروان أبو رأس، الذي يشغل أيضا منصب نائب في البرلمان الفلسطيني عن حركة حماس. وجاء في الوثيقة التي حملت إمضائي وختمي رئيس قسم الاحتياجات الأمنية في الشرطة الفلسطينية ومدير دائرة المحطات الخارجية في جهاز الأمن الوقائي وكانت موجهة للمسؤول عن إدارة العمل الدولي والعلاقات الخارجية في الأمن الوقائي، أن النائب البرلماني الفلسطيني زار الجزائر تلبية لدعوة من جمعية الإرشاد، مضيفة أن اللقاء الذي جرى في الأشهر الأولى من عام 2006، سبقته مراسلات أخرى بشأن نفس الموضوع، وهو ما يعني أن تلك الوثيقة لم تكن الأولى بل سبقتها عمليات تخابر عرضا موجزا يعرّف بطبيعة نشاط جمعية الإرشاد والإصلاح، حيث جاء في الوثيقة أن الجمعية ''تشكل مرجعية روحية للإخوان المسلمين في الجزائر''، وأنها ''مقربة جدا'' من حركة مجتمع السلم ''حمس''. وربطت الوثيقة التي أشارت إلى أن مصدر المعلومات الواردة فيها كانت نقلا عن ''مندوبنا في الجزائر''، بين زيارة النائب البرلماني الفلسطيني للجزائر، وبين ما قالت إنه نشاط متزايد لحركة مجتمع السلم في الساحة، حيث قالت المراسلة السرية إن ''حمس'' تستخدم الوضع الفلسطيني لتحسين مشروع المصالحة الوطنية لدى الجماهير في الجزائر، ولزيادة شعبيتها في الشارع الجزائري. وعرضت الوثيقة السرية تفاصيل ما دار خلال اللقاء بين ممثلي وقادة جمعية الإرشاد والإصلاح وبين النائب البرلماني الفلسطيني، حيث قالت إن اللقاء تخلله اتهام قادة من حركة فتح الفلسطينية وفي السلطة الوطنية بالفساد والتورط في قضايا اختلاس وسرقة، إلى جانب التطرق لقضايا أخرى ذات صلة بمسؤولين في السفارة الفلسطينيةبالجزائر، حيث جاء في الوثيقة أن مسؤول المالية في نفس السفارة تورط في قضايا اختلاس، وأن تظلما جرى رفعه لوزير الخارجية في حكومة حماس الفلسطينية بشأن هذا الموضوع. وقد بدا من خلال هذه التفاصيل المذكورة، أن الجاسوس صاحب التقارير المنقولة في الوثيقة، الذي وُصف ب''المندوب''، قد اعتمد على مصادر تكون قد حضرت اللقاء المشار إليه، بدليل الإلمام والمعرفة بتفاصيل الاجتماع وكافة ما جرى فيه.