ناقشت، أمس، محكمة الشراڤة، ملف قضية تبديد أموال عمومية ومنح امتيازات غير مبررة، تورط فيها 14 إطارا بالديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، منهم الرئيس المدير العام السابق والمدير التجاري والمهندس التقني ومديرة المحاسبة والمالية، وكذا مسؤول المخزن وأعضاء في اللجنة المصغرة . تعود مجريات القضية حسب ما استقيناه من جلسة المحاكمة، إلى 6 أشهر مضت، عندما وصلت إلى مصالح الضبطية القضائية رسالة مجهولة تفيد بوجود عدة تجاوزات في عملية تسيير الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، وعلى هذا الأساس باشرت ذات المصالح في تحرياتها، وبعد انتهائها من التحقيقات واستكمالها لجميع الإجراءات القانونية، أحالت ملف القضية إلى وكيل الجمهورية، الذي أحالها بدوره على قاضي التحقيق لدى محكمة الشراڤة، الذي أمر بتعيين خبيرين اللذين أكدا في تقريرهما أن المتهمين لم يحترموا قانون الصفقات العمومية الصادر في 2010، مؤكدين عدم وجود تبديد في الأموال بخصوص شراء قطع غيار آلة الطباعة التي ثبت أنها بنفس المواصفات المدونة في الفاتورة ووصل الاستلام، غير أنها لا تحمل نفس الرقم التسلسلي، وقد قدم أحدهما عدة اختيارات بالنسبة لمسيري الديوان في إرجاعها أو تبديلها أو بيعها. وحسب ما دار في جلسة المحاكمة، فإن القضية تعود إلى إعلان الديوان عن مناقصة وطنية في جريدتين يوميتين ناطقتين بالعربية والفرنسية حول اختيار مطبعة لطباعة حوالي 10 ملايين كتاب مدرسي ل26 مؤسسة تربوية للسنة الدراسية 2011 _2012، على أن يكون وزن الورقة 0.80 غ، والتسليم يكون في جويلية. وبناءً على هذا تعامل الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية مع 8 مطابع عمومية وخاصة، الذين قدمت لهم تعليمات بوجوب أن يكون وزن الورقة 0.70 غ، وهو عكس ما جاء في المناقصة، كما تم شراء قطعة غيار لآلة طباعة بأمر من الرئيس المدير العام بقيمة 400 مليون سنتيم، ثبت خلال التحريات أنها لا تصلح للآلة. واستنادا إلى ما تقدم من معطيات، تم مقاضاة الإطارات 14 بتهمتي تبديد أموال عمومية ومنح امتيازات غير مبررة، وهو الأمر الذي أنكره جميع المتهمين عن أنفسهم، أمس، خلال مثولهم أمام القاضي الجزائي، مؤكدين أنهم مارسوا مهنتهم في إطار المسؤولية الممنوحة لهم. من جهته دفاع الطرف المدني، تمسك بحفظ الحق بخصوص تهمة تبديد أموال عمومية لانعدام أركانها، فيما تمسك بجنحة منح امتيازات غير مبررة. في المقابل ركزت هيئة دفاع المتهمين خلال مرافعتها على انعدام أركان الجريمة، بدليل أن المتابعة القضائية تمت بناءً على قانون الصفقات العمومية الذي أعفي الديوان من تطبيق تشريعاته بتعليمة حكومية، بالإضافة إلى أن القانون الجزائي المعدل يمنع المتابعات من خلال رسائل مجهولة، كما أضافت هيئة دفاع المتهمين أن الملف فارغ والشكوى كيدية حركها أشخاص من النقابة كانوا على خلاف مع الرئيس المدير العام، هذا الأخير الذي أوضح محاميه أنه راسل وزير التربية باستحالة تطبيق قانون الصفقات العمومية على الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية لأنه مرفق عمومي يقدم خدمات للتلاميذ ويحيل ذلك دون تأمين الكتب في الآجال المحددة، أين تلقى ردا من الوزير آنذاك، مفاده أن الديوان معفى من تشريعات القانون إلى غاية 31 مارس، وبعد انتهاء المدة قام الوزير الأول آنذاك أحمد أويحيى، بإصدار تعليمة تفيد ببقاء الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية معفيا من قانون الصفقات إلى أجل غير مسمى. وبذلك زاد الضغط على الديوان الذي تمكن من تأمين الكتب المدرسية في الآجال المحددة، كما أن تخفيض وزن ورقة الكتاب ساعد في تخفيض وزن المحفظة التي طالما اشتكى منها أولياء التلاميذ، كما أضاف الدفاع أن الديوان بهذه الخطوة حقق أرباحا طائلة مكنت العمال من الاستفادة من زيادة في الأجور بنسبة 30 من المائة بعد أن كان مهددا بالإفلاس. أما دفاع مدير المطبعة المتهم بالاستفادة من مزية غير مستحقة، فقد أكد أن موكله ليس الوحيد الذي طبع كتبا كان وزن الورقة فيها 0.70 غ، بل هناك مطبعات أخرى من بينها مطبعة الجيش. مضيفا أن موكله كان موكلا من طرف مطبعة عمومية، وأغلبية الموظفين بالديوان كانوا أعضاء مستشارين في الاجتماع المنعقد ولا علاقة لهم بإبرام العقود، وهناك من حضر كاتبا فقط. وفي الأخير، تمسكت هيئة دفاع المتهمين بتبرئة ساحة موكليهم من الجرم المنسوب إليهم، لا سيما وأن إجراءات المتابعة تحركت بإبرام صفقة في الوقت الذي استبعد الديوان من قانون الصفقات العمومية. وعلى أساس ما تقدم من معطيات، التمس ممثل الحق العام توقيع عقوبة الحبس النافذ لمدة عامين في حق كل واحد من المتهمين.
موضوع : التماس عامين حبسا ل14 إطارا بالديوان الوطني للمطبوعات المدرسية لتبديدهم أموال عمومية 0 من 5.00 | 0 تقييم من المستخدمين و 0 من أراء الزوار 0