أصدر ''تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' نص فتوى مطولة كتبها مفتي التنظيم الإرهابي المدعو رشيد زيرايمي المكنى ''أبو الحسن الرشيد''، يجيز فيها قتل المدنيين من التجار المدنيين الذين يموّنون ثكنات الجيش ومصالح الأمن. جاء في الفتوى التي صدرت في التاسع من شهر نوفمبر الماضي، ولم يتم نشرها سوى أمس، أنه يجوز قتل التجار مموني الجيش وأسلاك الأمن، بدعوى ''دفع الشر''. وتُظهر هذه الفتوى التي صادق عليها أمير ''تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' عبد المالك دروكدال المكنى أبو مصعب عبد الودود، في نهاية شهر ديسمبر الماضي، من خلال بيانين في شكل تحذير، نشر أمس، توجه التنظيم إلى تبني النهج الذي سلكته فيما قبل الجماعة الإسلامية المسلحة ''الجيا'' في عام 1996، عندما أفتت ب ''تعميم الردة في بلاد الجزائر'' على كافة الجزائريين، وهي الفتوى التي نجم عنها ارتكاب عشرات المجازر الجماعية بحق المدنيين. وبصرف النظر عما ورد في نص فتوى ''القاعدة''، فإن الواضح والمثير هو أن هذه الفتوى التي نشرت أمس، رغم أنها صدرت قبل أشهر، وبالتحديد في نوفمبر الماضي، تكون بمثابة دليل قوي ومؤشر كاف على وجود عدم تقبل من جانب الكثيرين من عناصر ''القاعدة'' للمنهج الجديد المتبنى من طرف درودكال المعتمد على تكفير عامة الشعب واستهداف المدنيين، مثل ما جرى بالنسبة للقيادي في تنظيم درودكال الأمير علي بن تواتي، المكنى ''أمين أبو تميم''، الذي سلم نفسه لمصالح الأمن قبل أيام، بعد إصدار الأمير السابق للجماعة السلفية للدعوة والقتال حسان حطاب بيانا دعا فيه إلى التوبة وترك العمل الإرهابي. ويكشف اعتماد تنظيم ''القاعدة'' في الجزائر'' على نشر نص تلك الفتوى بعد نحو ثلاثة أشهر من إصدارها عن وجود تململ ورفض لتطبيقها من جانب عدد من عناصر التنظيم الإرهابيين الرافضين لاعتماد أسلوب ومنهج ''الجيا'' المعتمد بالأساس على تكفير الشعب الجزائري واعتباره مرتدا، وهي الحقائق التي أكدها عدد من الإرهابيين التائبين والمقبوض عليهم، الذين أفادوا في اعترافات لصالح الأمن بوجود تململ وانشقاق في صفوف ''القاعدة ببلاد المغرب'' بخصوص أسلوب العمليات الانتحارية واستهداف المدنيين فيها، إلى جانب مسائل أخرى مثل الاختطافات وابتزاز المدنيين من خلالها. وكنتيجة للتطور والتوجه الجديد المعتمد من طرف دروكدال وعدد من قيادات ''القاعدة'' الذين كانوا في معظمهم عناصر في ''الجيا'' ومتشبعين بهمجية زوابري، لا تستبعد مصادر عديدة متابعة للملف الأمني قيام دروكدال خلال الفترة المقبلة بخطوات أخرى لا تخرج عن سياق تكفير الشعب الجزائري وإجازة استهدافه، في إعادة لسيناريو سنوات الهمجية والبربرية التي وقعتها ''الجيا'' بالدم والدمار.