تكشف الوقائع الكاملة لعملية القتل، التي راح ضحيتها الشرطي العامل بأمن دائرة شلغوم العيد بولاية ميلة، عن وجود علاقة صداقة ورابطة مقربة بين الفاعلين الموقوفين لارتكابهم الجرم المنسوب إليهم، والضحية الذي تأكد بشكل قاطع أن وجوده بالمكان الذي تم اكتشاف جثته فيه، كان طواعية دون أي ضغوط لجره للمنطقة التي تعتبر جد نائية، ولا يتجه نحوها سوى القليل من المنحرفين. وفي هذا السياق، أشار مصدر موثوق إلى أن مصالح الدرك الوطني ببلدية أولاد خلوف، وبعد تلقيها يوم الخميس الخامس من فيفري بلاغا من قبل صهر الشرطي منصوري عاشور المدعو ''الطاهر''، والبالغ من العمر أربعين عاما، وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال، مفاده غياب الشرطي الذي لم يعهد عليه المبيت خارج المنزل، خاصة وأن فترة عمله كانت قد انتهت بعد المشاركة في تغطية أمنية لإحدى المقابلات الرياضية في كرة القدم، احتضنها الملعب المحلي، وبعدها امتطى المعني سيارته وتوجه نحو مدينة قسنطينة. وقام الدرك الوطني بنشر الأبحاث عن الشخص المفقود لدى جميع وحدات الدرك، على مستوى ولاية ميلة، قبل أن يتم العثور على سيارة الشرطي، وهي من نوع ''بيجو 505'' يوم السادس فيفري أي؛ في اليوم الموالي من التبليغ، وبالضبط في حدود الساعة الواحدة زوالا، حيث كانت السيارة مركونة على مستوى ممر ترابي بالمكان المسمى شعبة الذيب، الواقعة بمحاذاة الطريق الوطني 05 ببلدية واد العثمانية، ولم يصبها أي أذى. وإثر هذه المعلومات، تم تدعيم الفرقة الموجودة بالمكان بفرق أخرى تابعة للمجموعة الولائية للدرك الوطني، مختصة في اقتفاء الأثر، حيث أشارت مصادر ''النهار''؛ أنه جرى تجنيد حوالي خمسين فردا من أعوان الدرك، وآخرين من خلية الشرطة التقنية التابعة للمجموعة الولائية، قبل أن تتم مباشرة الأبحاث على مستوى الغابة المذكورة أعلاه، ليتم العثور على بعد حوالي أربعين مترا من مكان إيجاد السيارة على جثة الضحية هامدة، فيما كانت الدماء تملأ المكان.وقد جرى في بداية الأمر، القيام بتوفير الحماية الفورية لموقع الجريمة؛ بتحديد نطاق مسرح الجريمة عن طريق شريط الإحاطة، بهدف حفظ مكان الجريمة الذي يحتوي على الآثار والأدلة، التي من شأنها أن تساعد في معرفة تفاصيل أخرى ناهيك عن توزيع أفراد الدرك على طول المحيط الأمني، زيادة على التقاط صور متعددة الجوانب والإتجاهات، ليبدأ حينها أفراد الشرطة التقنية التابعين للمجموعة الولائية للدرك في معاينة مسرح الجريمة، والقيام بالمعاينات الضرورية، ليتبين أن الشرطي أصيب بطلقة نارية على مستوى الرأس، مع عدم العثور على سلاحه من نوع ''بييترو بيريطا 9 ملم''، على خلاف بقية الوثائق الخاصة بالضحية، التي عثر عليها بحوزته إلى جانب مشط الذخيرة الثاني. أول الخيوط كان شاهدا مساهما أول خيط تم على إثره مباشرة فتح الملف الرسمي من قبل الأجهزة الأمنية، كان الشاهد الذي أدلى بمعلومات تتعلق برؤيته المدعو ''ب. ن'' البالغ من العمر 24 عاما، على مستوى مقطع الطريق الجديد، حيث كان رفقة الضحية ليتضح بعدها أن هذا الشخص معروف لدى مصالح الدرك الوطني، وأوقف من قبل بتهمة الضرب والجرح العمدي بسلاح أبيض. وتشير المعلومات التي جمعت بعد ذلك، أن ''الشاهد'' تنقل بعدما التقى بالضحية بسيارته رفقة شخصين آخرين، نحو مدينة قسنطينة لأجل شراء مشروبات كحولية. وبهذا الشأن، أفاد مصدر ''النهار''؛ أن عملية القبض عليه بعد جمع معلومات عنه، تمت بعد إعداد خطة محكمة رسمها فريق التحقيق، وبعد استغلال المعلومات ومواجهته بعدة حقائق اعترف بالمشاركة في اقتراف الجرم رفقة كل من ''ب. م'' و''ب. م''. قاتل الشرطي شاب يبلغ من العمر 21 سنة فقط في السياق ذاته، تفيد المعلومات المتحصل عليها من مصدر من المجموعة الولائية، أن مرتكب الجريمة هو ''ب. م'' 21 عاما الذي أطلق عيارين ناريين، وهو ما أكده تقرير الطبيب الشرعي حيث أفاد بأن الضحية أصيب بطلقتين في الدماغ، وأن الطلقة الأولى كانت قاتلة لوحدها، وهو ما يؤكد بالنسبة للطلقة الثانية إصرار الفاعل على القتل. وبشأن السلاح وكيفية اختفائه بعد ارتكاب الجريمة، تفيد التحقيقات التي تمت على يد مختصين ومؤهلين، أن المتهم الرئيسي سلم السلاح بعد ارتكابه للجريمة للمدعو ''ب. ن'' 24 سنة، لأجل إخفائه قبل أن يسترده من جديد عند صلاة الجمعة بعد اكتشاف الجثة.