الزوم وقارئ لوحات الترقيم لاصطياد معرقلي حركة المرور وشبكات الإجرام عيون لا تنام لحماية المواطنين وتأمين الأحياء الشعبية والنقاط السوداء الدخول لغرفة المراقبة ممنوع.. مضادة ل«الهاكرز» ومؤمنة من الاختراق «عيون ثاقبة لا تنام.. تركيز عال.. صرامة في اتخاذ القرارات.. ونظرات ترصد كل صغيرة وكبيرة»، هي صفات يتقاسمها أعوان شرطة متخصّصون في عمليات المراقبة بواسطة الفيديو والكاميرات المثبتة في الشوارع الرئيسية والمقرات الحساسة بالعاصمة، مجنّدون ليلا ونهارا للسهر على مكافحة الجريمة بكل أنواعها وحفظ الأمن العام وتسهيل حركة المرور . لم يكن من الصعب على «النهار» الدخول إلى مركز المراقبة عن طريق الفيديو المتواجد بمقر الأمن الحضري للمقاطعة الإدارية للدار البيضاء، حيث تحصّلنا على تصريح في وقت وجيز من قبل المسؤول عن خلية الإعلام والاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني، وتنقلنا رفقة رئيس مركز القيادة والسيطرة التابع لأمن ولاية الجزائر عميد الشرطة، سمير داودي، إلى غرفة العمليات المختصة في المراقبة عن طريق الفيديو، حيث قضينا يوما كاملا رفقة أعوان الأمن المختصين، وتعرّفنا عن قرب على طريقة عملهم والمجهودات الجبارة التي يبذلونها في سبيل الحفاظ على الأمن العام وأمن المواطنين والممتلكات. المقرّات الحسّاسة.. المواقع الاستراتيجية والنقاط السوداء تحت أعين رجال الشرطة دخلنا إلى غرفة المراقبة عن طريق كاميرا الفيديو في حدود الساعة 11 صباحا، جميع الأعوان كانوا منشغلين بمراقبة شاشة عملاقة مقسمة إلى عدة أجزاء، وكل شاشة مصغرة تبث على المباشر حركة الطريق وسير الراجلين والمركبات بأحد الشوارع والمحاور الكبرى على مستوى 14 مقر أمن حضري لشرق العاصمة، على غرار الدار البيضاء، باب الزوار، قهوة الشرڤي، درڤانة، برج الكيفان وعين طاية. ويقوم الأعوان حسب شروحات رئيس قسم الوسائل التقنية لأمن الولاية المنتدبة للمقاطعة الإدارية للدار البيضاء الملازم الأول، علي سيتة عمر، باستغلال الصور والمقاطع التي ترصدها كاميرات المراقبة، من أجل كشف الجرائم بمختلف أنواعها وكذا تسهيل حركة المرور، حيث شرعت المديرية العامة للأمن الوطني في تنصيب كاميرات مراقبة بناء على دراسات ميدانية مسبقة، والتي تحدّد الطرق والمحاور التي تستلزم هذه التقنية، وأهمها المحاور الكبرى، وكذا المقرات الحساسة ومداخل الطرق الرئيسية والمدن والشوارع التي تعرف حركة كثيفة للسيارات والرّاجلين. الاقتراب من غرفة المراقبة ممنوع.. مضادة ل«الهاكرز» ومؤمنة من الاختراق ويمنع على أي شخص الدخول إلى غرفة المراقبة مهما كانت رتبته، حيث أن الأعوان مزودون برقم سري للدخول للقاعة وكلمة مرور، للدخول إلى الحاسوب الذي يتضمن كل المعطيات، إلى جانب أن الأعوان الممارسين يتم انتقاؤهم على أساس بعض الشروط، على غرار استخدام وسائل الإعلام والاتصال وكذا الخبرة والمعرفة الجيدة للقضايا المدنية والجزائية. من جهتها، تتضمن كاميرا المراقبة المثبتة ذاكرة وتسجيلا للصور لمدة تزيد عن 45 يوما، ومزودة بنظام مضاد للاختراق ومؤمنة تأمينا عاليا، وفي كثير من الحالات يعتمد محققو الضبطية القضائية على تسجيلات الفيديو في تحقيقاتهم، كما أنها تعتبر قرينة ودليلا قويا يتم تقديمه للعدالة، وهذا بعد حصول المحقق المكلف بالتحري عن الجريمة على تكليف شخصي موقع من قبل ملازم أول للشرطة أو ضابط الشرطة القضائية لدخول القاعة، وبمساعدة الممارس يتم تصفح أرشيف الشريط ليوم وقوع الجريمة. ومن الخصائص التي تتمتع بها الكاميرات، أنها مزودة بنظام الرؤية الليلية ومزودة بتطبيق يتضمن أسماء الأحياء القديمة والجديدة وكذا نظام الطوبوغرافيا أي الإعلام الجغرافي، كما أنها تتمتع بخاصية حجب المناطق الخاصة التي تمس بالحرية الشخصية للأفراد، على سبيل المثال شرفات المنازل، حيث يقوم النظام الرقمي بحجب الشرفة من شاشة الكاميرا لمراعاة خصوصيات المواطنين. كاميرات ثابتة ودائرية لرصد «إرهابيي الطرقات»..»بائعي المخدرات» و«السارقين» وتضم غرفة العمليات الخاصة مشرفا وممارسين يعملون تحت إشرافه، وهي مزودة بمحطة راديو من أجل ربط الاتصال بأعوان الأمن المتواجدين في الميدان، حيث يقوم المشرف بربط الاتصال وتوجيه عناصر الشرطة التابعين للاختصاص في حال رصد تحركات مشبوهة أو وجود سيارة مشبوهة مركونة بطريقة تعرقل حركة المرور، كما يقوم بطلب تلمّس وتفتيش المشتبه فيهم الذين ترصدهم الكاميرا في وضعيات غير عادية وتحويلهم إلى مقرات الأمن الحضري لاستكمال التحقيق في حال ثبوت حيازتهم على المخدرات أو أسلحة محظورة أو مسروقات. ويركّز أعوان الأمن الممارسون في البحث عن التفاصيل الدقيقة التي لا يستطيع المواطن العادي ملاحظتها، وهي السمة التي تميّز عمل الأعوان الذين يملكون خبرة في الميدان، مما يسمح لهم بالتعرف على المشتبه فيهم والقيام بعمل استباقي حتى قبل وقوع الجريمة، وهو ما وقفت عليه «النهار» خلال زيارتها لغرفة العمليات، حيث رصدت الكاميرا المثبتة بأحد الشوارع الرئيسية ببلدية برج الكيفان أحد الشباب وهو يعبر الطريق ويلتفت إلى الوراء بطريقة مريبة تثير الشبهات والتي لا يمكن ملاحظتها بالعين المجرّدة، ليقوم الممارس بإبلاغ المشرف، والذي قام بدوره بالاتصال بدورية متنقلة للشرطة القضائية عن طريق جهاز الراديو وإعطائها بعض التفاصيل حول نوعية القميص والسروال الذي كان يرتديهما الشاب، وبعد القيام بعملية التلمس وتفتيشه، والتي شاهدناها على المباشر، تبيّن أن الشاب كان يحمل كمية من المخدرات وكان ينتظر صديقه من أجل استهلاكها. «الزوم» وقارئ لوحات الترقيم لاصطياد معرقلي حركة المرور وشبكات الإجرام وفي هذه الأثناء، رصدت كاميرا أخرى مثبتة على مستوى أحد الشوارع بباب الزوار سيارة من نوع «تويوتا» مركونة فوق ممر للراجلين، وهو ما يعتبره القانون مخالفة، حيث تسببت هذه السيارة في عرقلة حركة المرور في ظرف 3 دقائق فقط، وكادت أن تخلف ازدحاما مروريا خانقا يمتد إلى غاية مدخل الطريق السيّار، وهو ما تطلب تدخل المشرف مرّة أخرى عن طريق تقنية تقريب الصورة «الزوم»، والتي مكّنت من قراءة لوحة ترقيم السيارة، حيث قام عون ممارس آخر بالتأكد من أن السيارة ليست مسروقة وغير مبحوث عنها باستخدام تطبيق عالي الجودة. المشرف على غرفة المراقبة حافظ أول للشرطة ناحي سليم للنهار: الكاميرا ضبطت شيخا كان يخبّئ الزطلة تحت بلاط حديقة عمومية كشف المشرف على غرفة المراقبة حافظ أول للشرطة، سليم ناحي، أن خبرته والتي تفوق 27 سنة في الميدان مكّنته من التعرف على المجرمين عن بعد باستخدام تقنية تقريب الصورة «الزوم»، ويروي ل«النهار» كيف تمكن أعوان الأمن عن طريق كاميرا الفيديو من ضبط شيخ كان يروج المخدرات، والذي كان يجلس يوميا فوق كرسي بحديقة عمومية على مستوى بلدية باب الزوار، والذي رصدته الكاميرا وهو يقوم بإخفاء أقراص مهلوسة وكميات من المخدرات تحت بلاط الحديقة العمومية، وهي جريمة من بين عشرات الجرائم التي يحلها الأعوان يوميا. رئيس مركز القيادة والسيطرة عميد الشرطة داودي سمير للنهار عملنا استباقي ووقائي.. وسنبلغ 5 آلاف كاميرا مراقبة في العاصمة كشف رئيس مركز القيادة والسيطرة التابع لأمن ولاية الجزائر عميد الشرطة سمير داودي بأن المديرية العامة للأمن الوطني سخرت كاميرات مراقبة ذات جودة عالية ومزودة ببرامج تطبيقات ذكية يتم إضافته في نظام المراقبة، على غرار القارئ الآلي للوحات ترقيم السيارات lapi، والذي يسمح بمراقبة السيارات التي تمر عبر الشارع والمحور الذي يقع تحت أعين مركز المراقبة، حيث يتم مراقبة السيارات المسروقة والمبحوث عنها على مستوى قاعدة البيانات، وهذا بطريقة أوتوماتيكية ورقمية من دون تدخل العون، وهو ما يسمح بإضفاء مرونة في المراقبة وإعطاء نتائج أكثر دقة. وأضاف عميد الشرطة بأن عمل الممارسين في غرفة المراقبة يتمحور في تسهيل حركة المرور ومتابعة تنقلات الوفود الأجنبية عن بعد، مشيرا إلى أن الجزائر العاصمة مزودة بألف و500 كاميرا مراقبة، والتي تتضمن بعض التقنيات والتطبيقات الذكية، وتعتمد على الألياف البصرية ومؤمنة في حال وقوع كوارث طبيعية أو حتى أي عوامل بشرية، حيث أنها مزودة بروابط مضاعفة، مشددا على أن الأعوان الممارسين يتلقون تكوينا دوريا في هذا المجال، كما أنهم يملكون خبرة في الميدان ويمتعون بحس عال من المسؤولية. وأكد رئيس مركز القيادة والسيطرة، أنه تمت معالجة عشرات القضايا عن طريق كاميرا الفيديو، حيث أن عملها يكون وقائي أولا ثم في لحظة وقوع الجريمة وبعد حصول الجريمة، حيث يتم اعتمادها كدليل مادي لمواجهة المتهمين، لتتبع المسالك والاحتمالات واستغلال التسجيلات.
وأضاف، أنه كمرحلة ثانية سيتم بلوغ أكثر من 5 آلاف كاميرا مراقبة على مستوى العاصمة، والتي ستتنوع من كاميرا ثابتة إلى أخرى دائرية، فضلا عن الصور التي توفرها كاميرات المراقبة في حوامات الأمن الوطني في ضبط مخالفي قانون المرور، والعمل الجبار للوحدة الجوية، والتي تساهم في قسط كبير في تسهيل حركة المرور وتأمين تنقلات الوفود الرسمية والأجنبية.