أثار الاستغلال التجاري للقطارات السريعة ذاتية الدفع في يومه الأول غضبا وسخطا شديدين لدى المسافرين المستعملين الخط الرابط بين العاصمة والثنية، فبعد الترويج للخدمات التي توفرها الوسائل هذه من راحة ورفاهية واستغراق مدة قصيرة، عرفت محطات القطار الموزعة على طول الخط إقبالا رهيبا من قبل الشغوفين لتجريب حظهم والتنقل عبر آخر ما ابتكرته ''تكنولوجيا السكك الحديدية''، وتدوين أسمائهم ضمن قائمة السباقين لركوب قطارات صنعت ضجة في الغرب...لكنما أحدث ضجة هنا بالجزائر، وما لم يكن في الحسبان هو أن القطارات هذه أحدثت فوضى لأنها لا تملك طاقة استيعاب مثيلة لتلك التي تتوفر عليها نظيرتها غير المكهربة... ''النهار'' وفي زيارة قادتها، صبيحة أمس إلى محطة القطار بالرغاية التي تعتبر أكبر محطة مستقطبة لمسافري الجهة الشرقية للعاصمة شهدت على الفوضى العارمة التي أحدثتها القطارات السريعة ذاتية الدفع والتي كلفت خزينة الدولة ما قيمته 5500 مليار.. مئات الركاب الذين كانوا ينتظرون وصول القطار القادم من محطة الثنية دخلوا في تدافع حاد فور وصوله ليمتلأ عن آخره في ظرف ثواني قليلة...لكن مالم ينتظره هؤلاء الركاب من أخبار هو إعلان حالة الطوارئ بالمحطة..بتدخل أعوان الأمن وإلزام المسافرين بالنزول من القطار كونه تعرض لعطب تقني، حيث لا يستطيع مواصلة السير وهو يحمل ذلك العدد الهائل من الزبائن..وبعد رفض الأغلبية منهم الانصياع لأوامر هؤلاء الأعوان، مما أدخلهم في مشادات كلامية معهم ومنهم من اتجه إلى سائق القطار لمعرفة الأسباب التي كانت وراء اتخاذ قرار مفاجئ كهذا، ليتبين في الأخير بأن إلزام المسافرين بالنزول من القطار لم يكن من العدم وإنما كان بناء على العطب التقني الذي تعرض له القطار وأدى إلى توقفه فجأة فور استيعابه للعدد الهائل لهؤلاء الركاب. الفضيحة هذه التي روج لها بالمجان من قبل مسؤولي الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية والذين تحايلوا على الرئيس بوتفليقة الذي أعطى بدوره أول أمس إشارة انطلاق ال12 قطارا سريعا ذاتي الدفع بمحطة القطار المركزية ''آغا'' بالعاصمة أين قدم له مسؤولي الشركة شرحا مفصلا حول التقنيات والخدمات التي توفرها هذه الوسائل التي تعد الأولى من نوعها في قطاع النقل بالجزائر،وعليه فإن الاستغلال التجاري للقطارات في يومه الأول فضح هؤلاء المسؤولين وشكك في الصفقة التي أبرموها مع المصنع السويسري ''ستادلير لوسنانغ أجي'' في إطار مخطط الإنعاش الاقتصادي لقطاع النقل. فيما طالب بالاستغناء عن 52 قطارا سريعا البرلمان يتهم المصنع السويسري بالتحايل ويطالب بمراجعة المناقصة طالب بن عبد الله بن شاعة رئيس لجنة النقل والمواصلات بالمجلس الشعبي الوطني مسؤولي الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية ''أس. أن.تي.أف''بمراجعة المناقصة المبرمة بين هؤلاء المسؤولين والمصنع السويسري'' ''ستادلير لوسنانغ أ جي'' الذي زود الشركة ب 12 قطارا سريعا كهربائيا ذاتي الدفع في انتظارالتزود ب 52 قطارا آخرا شهر ديسمبر 2010، وجاءت مطالبة البرلمان بمراجعة المناقصة على خلفية العطب التقني الذي تعرض له صبيحة أمس القطارالسريع بمحطة الرغاية، حيث رجح محدثنا في اتصال مع ''النهار'' إمكانية تحايل صاحب المصنع السويسري على إطارات الشركة ببيعه قطارات ذات نوعية رديئة كشِفت عيوبها فور دخولها حيز الاستغلال التجاري، وعليه شدد محدثنا على ضرورة تخلي ''أس.أن.تي.أف'' عن القطارات الكهربائية الأخرى التي تنتظر تسليمها وإلغاء المناقصة والاستنجاد بمصنِع آخر لتزويد حظيرتها بقطارات أكثر تطورا وتتلائم ورغبة المواطن الجزائري الذي يفضل التنقل عبرالسكك الحديدية، ومن ثمة تفادي أخذ المسافر نظرة سيئة عن آخر التكنولوجيات الحاصلة في المجال، وأردف قائلا: ''لا بد على شركة تجارية كهذه استغلال المال العام في ما يعود بفائدة للبلاد''.